الخرطوم: سارة إبراهيم صفاء مدثر يبدو أن التطمينات التي بثها رئيس الجمهورية عمر البشير في آخر لقاء تلفزيوني وحديثه عن وضع سياسات جديدة تساهم في استقرار أسعار الدولار ظهرت في الانخفاض المفاجئ والكبير في سعر الدولار أمس حيث انخفض إلى «4,2» جنيه سوداني، بدلاً من تسجيله لأعلى نسبة ارتفاع خلال الأيام الماضية وبلغ سعره «5,5»، وأرجع خبراء اقتصاديون انخفاض سعر الدولار إلى المعلومات الواردة بتلقي السودان مبلغ «2» مليار من دولة قطر، مشددين على أهمية عدم وقوف الدولة مكتوفة الأيدي إزاء الممارسات الخاطئة مثل شراء الدولار بالسعر الرسمي من البنوك والصرافات تحت دعوة السفر إلى الخارج وتسرب تلك الدولارات إلى السوق الموازي، ودعوا لاتخاذ إجراءات صارمة في هذا الصدد. أعلنت الدولة وضع ضوابط جديدة لمنح النقد الأجنبي للمواطن بغرض السفر والعلاج والدراسة باتفاق تم بين بنك السودان ووزارة المالية، حيث أوضح وزير المالية علي محمود منع التحايل بغرض الحصول على النقد الأجنبي، مشيرًا إلى أن التحويل سيتم بتحويل المبلغ للبلد المعنى على حساب سفارة السودان لتقوم بدفعه حسب الغرض سواء للعلاج أو الدراسة. في ذات الصدد يرى الخبير الاقتصادي أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم د. محمد الجاك أن حالة الدولار الظاهرية في تصاعد مستمر، موضحًا أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعاً كبيراً وحسب البيانات الموجودة أنه تصاعد وليس انخفاضًا، وأشار إلى سياسة التحرير التي تتبناها الدولة وبناءً عليها فإن سعر الدولار يحكمه العرض والطلب والسعر في السوق الموازي هو السعر الحقيقي له، أما ما تحدده الدولة من أسعار فهو سعر إداري وليس السعر الحقيقي للدولار، وقال: إن الاتجاه التصاعدي للدولار ناتج من زيادة الطلب نتيجة لأسباب مختلفة، فضلاً عن الطلب المتزايد من جانب الدولة نفسها لسفر المسؤولين فهو يمثل ضغطًا إضافيًا على الدولار، وقلل أن تثمر البدائل التي وضعتها الدولة عن شيء مفيد في المدى القريب بمعنى أن تصاعد سعر الدولار مستمر، وقال: إن الاعتماد على القطاعات الزراعية والصناعية التي شهدت تدهورًا كبيرًا في الفترة الماضية وأصبحت مساهمتها لا تذكر وبالتالي تحتاج إلى وقت أطول حتى تسهم في الدخل، مبيناً أن أثر هذا التدهور في قيمة الجنيه السوداني سيظهر آنيًا على السلع الغذائية وخاصة الضروريات التي توقع أن تشهد ارتفاعًا مذهلاً في وقت قصير كما أن الانخفاض في قيمة الجنيه سيكون له أثر على القطاعات المنتجة مما يؤدي لارتفاع تكلفة المنتجات الزراعية. في ذات السياق أكد الخبير الاقتصادي د. محمد إبراهيم كبج أن أسباب ارتفاع الدولار ترجع للسياسات والأزمة الاقتصادية المالية التي ظلت كامنة في بترول السودان وقال: إن عائدات البترول الكثيفة قبل الانفصال يمكن أن تساهم في الاكتفاء الذاتي في الغذاء، مشيرًا لفشل الخطة العشرية في الوصول لتلك الأهداف، وقال: هذا يعني وجود فجوة في الدولار مما أدى إلى ندرة الكمية المطروحة في السوق الموازي وظهور فجوة الغذاء ويتم على ضوئه تحديد أسعار البيع والشراء للصرافات بناء على العرض والطلب هو واحد من الأسباب المباشرة لتذبذب الدولار، وأرجع الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام بوب في حديثه ل (الإنتباهة) أن مجاراة السوق الموازي تؤدي إلى ارتفاع الدولار وقلة العملات الحرة التي كان يعتمد عليها الشمال والتي تشكل نسبة معتبرة من احتياطي البلاد من تلك العملات التي بدأت بتآكل الجنيه، مبينًا أن ارتفاع أسعار السلع يؤدي إلى تآكل قيمة الجنيه مما ينعكس على تذبذب أسعار الدولار والعملات الأخرى، مبينًا أن سد العجز في موازنة الدولة يتطلّب موارد حقيقية من أجل توظيفها في ظل عدم توفير تلك الموارد بالبلاد بسبب تدهور الإنتاج وسياسة السوق التي تتسم بالتصاعد المستمر للأسعار، مما أدى إلى شح النقد بالبنك المركزي وقطع بأن الدولار لن يشهد انخفاضًا لفترات طويلة ووصف تراجع سعره في اليومين الماضيين بأنه غير حقيقي.