{ ليس المدهش أن يزور ياسر عرمان دولة اسرائيل او «فلسطينالمحتلة» بالاحرى، فإن من هم اقل منه سوءًا في التعاطي مع الشأن العام كان لهم عار الزيارة اليها، وكانت زياراتهم محصورة في أمور منها مطالبة اسرائيل بالتحرك نحو الالتزام بحفظ السلام في المنطقة.. لكن المدهش هو ان يتحدث عرمان عن امن اسرائيل وعن ضرورة وقف المد الاسلامي المرتبط به على حد زعمه، فوفد عرمان الى اسرائيل يقول لليهود هناك بان المد الاسلامي في السودان يشكل خطرًا على دولة اسرائيل هكذا يتملق وينافق، وهو يعلم ان ما يصرح به لا يقوم على اسس منطقية.. وهو يعلم ان اسرائيل ليست دولة هبلاء، لم تكن تفهم ابتداء ما يشير اليه من مخاطر على اسرائيل تصدر من السودان، ما معنى مصطلح المد الإسلامي الذي استخدمه وفد عرمان الى اسرائيل، هل يقصد استمرار حكومة البشير المنتخبة في عام 2010م؟! إذن لا بد اولاً من الغاء الديمقراطية في السودان بعد ذهاب حكومة البشير حتى لا يعود حزبه الى الحكم. اذن من اسباب حماية امن اسرائيل من السودان ان يُلغى النظام الديمقراطي وان يستبدل بنظام علماني دكتاتوري اهم موجهاته محاربة المد الاسلامي عبر الخلاوي والمساجد لانها هي اهم منابع التعبئة، ولولاها لما كانت هناك حالة من المد الاسلامي هذا ما تفهمه اسرائيل بالضبط، ومثل هذا الدور هي لا تتركه لمثل عرمان الذي تفهم ماذا يريد، وتفهم هي فيم وكيف تستغله، لكن تحجيم المد الاسلامي يبقى مهمة اكبر منه ولايسعها ان تسندها اليه لأنه لا يملك ادوات التحجيم التي هي المؤسسات الاعلامية صاحبة الفضائيات الفظيعة والاسواق السياحية «اسواق المجون»، وكل هذا لاستقطاب الشباب وامتصاصه من الصراط المستقيم إلى كنف المغضوب عليهم اليهود انفسهم والضالين. لكن مايطلبه عرمان من اسرائيل ليس هو الذي يحجم المد الاسلامي، بل ربما بالعكس تمامًا فهو يطلب الدعم الحربي للمتمردين وهذا ما من شأنه ان يشعل جذوة الجهاد فتنفر كتائب الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية خفافًا وثقالاً، ويزيد المد الاسلامي بهذه النفرة، أي أن من نتائج زيارة عرمان الى اسرائيل الشعور بالحاجة الى نفرة كتائب المجاهدين والقيام بالتعبئة لهم لمحاربة قوات عرمان في كل منطقة وعرمان ليس من ابناء دارفور ولا جبال النوبة ولا جبال الانقسنا ولا جبال لادو والرجاف والاماتونج، وانما جذوره من منطقة فيها جبيل ام علي، ومحاربة كتائب المجاهدين لقواته لا تعني محاربتها لجهة بعينها او شعب بعينه وقبيلة بعينها، اذن على اسرائيل ان تفهم ان دعمها لعرمان ووفده يعني مزيدًا من المد الإسلامي على حساب استقرارها.. أى ان الزيارة مباركة بلقاء باراك وزير الدفاع الإسرائيلي. عقار.. صبرًا صبرًا { نفهم ان يحارب الحلو او عرمان الخرطوم، فهما لا يتقلدان مناصب دستورية، هم في المعارضة المسلحة، ولكن ما معنى ان يقال بأن احد الولاة يلوِّح بالحرب على إحدي الولايات؟! أى ما معني ان يلوح والى ولاية النيل الأزرق السودانية وليس الاثيوبية بالحرب على ولاية الخرطوم السودانية،! واذا قام بالفعل والي ولاية النيل الازرق بالحرب ضد الخرطوم ورشح في الاخبار للتو ان والى ولاية سودانية اشعل حربًا ضد الولاية التي بها مقر العاصمة السودانية الخرطوم، ترى كيف يمكن ان يكون استيعاب هذه الصورة الغريبة؟! ان هذا يعني انفصالاً تلقائيًا بولاية النيل الازرق عن السودان ومن ثم تكون محاولات استردادها من قبضة الحركة الشعبية وجيشها حتى لا تصبح الولاية مثل اقليم اوغادين الصومالي الذي تحتله اثيوبيا، نعم كل هذه المساحات من القرن الافريقي الى غرب افريقيا حبشية لكن ليست كلها اثيوبية، فهناك فرق بين ارض الحبشة وارض اثيوبيا وارض الحبشة تشمل الان ربما اكثر من عشر دول وحينما كان عقار والي ولاية النيل الازرق يتحدث في وقت سابق عن تبعية النيل الأزرق لاثيوبيا وكأنه قيادي بالحركة الشعبية «لتحرير اثيوبيا» ربما كان يستند الى مسمى ارض الحبشة القديم، لكن ذاك المسمى يشمل حتى افريقيا الوسطى، اي ان عقار لم يكن دقيقًا في تصريحه، وهذا يعني انه ليس مثقفًا ومحدود المعلومات التاريخية، المهم في الامر هو ان ارتباط عقار بمشروع رفقائه مثل عرمان و الحلو لا يليق بمن هو في موقعه، ويمكنه ان يتقدم باستقالته وبعد ذلك يركب اعلى مافي خيل الحركة الشعبية مع عرمان والحلو، ان اعلى خيل ركبه عرمان هو ترؤسه وفدًا قام بزيارة الى اسرائيل كما اشرنا في المقال الاول في هذه المساحة. وعقار نفسه اذا عقد مقارنة بين حرب يقودها وهو في منصب الوالي واخرى يقودها وهو في حالة الحل، ودرس هذه المقارنة سيجد ان الافضل له هو ان يكون في حالة الحلو. لكن عقار يشعر بأنه رئيس دولة مستقلة عن السودان، وينسى أن دعم ولايته ورصد ميزانيتها يأتي من الموازنة العامة، عقار والٍ غريب، لكن الأيام كفيلة بالتخلص منه، فبدلاً من ان يسجل حروف اسمه في التاريخ المشرف الا انه اختار ان يستغل الظروف السياسية الحساسة التي تمر بها هذه الحكومة ويصرح بما ينبغي ان يدان به اي والٍ مثله، وكأن لسان حال الحكومة يردد: صبرًا.. صبرًا..