«انحنا الموت حنسعى ليهو محل إنو يعز البلد ويعز الدين أصلو ما ح نخليهو والله نفتشو تفتيش.. هو حياتنا نوديها وين إذا كان دايرين يذلونا فيها».. هذه أشهر الكلمات التي عرف بها الشهيد الزبير وهو يخاطب المجاهدين من أبناء القوات المسلحة في مناطق العمليات، جملة قالها وظلت تذكر بالشهيد في جميع المحافل وفي مناسبات ذكرى استشهاده لتظل هذه الجملة الشهيرة التى عرف بها، واليوم الثالث عشر من فبراير يصادف الذكرى الرابعة عشر لاستشهاده، ففي العام الماضي كان الاحتفال بالذكرى الثالثة عشرة مختلفاً وفى مسقط رأسه بمنطقة الغدار بدنقلا، الذي شهده الرئيس البشير وشهد افتتاح عدد من المنشآت التى تحمل اسمه، وشهدت الاحتفال أسرته حيث قالت أرملة الشهيد الزبير إن الذكرى تعني لهم يوم عيد، لأن الناس كلها تتذكر معهم الزبير وتقلل حزنهم وألمهم في ذكراه. وأبانت ابنة الشهيد «سهير» أن هذه المرة هي الثانية التي تقام فيها ذكرى رحيل الشهيد في «الغدار»، وقالت: «نحس كأنها الذكرى الأولى بين أهله وعشيرته، ونشعر بوجوده وحركته معنا». وأضافت: «ربنا يتقبل الشهيد والذين كانوا معه».. وأكدت أن زيارة الرئيس لهم في هذه الذكرى زادتهم تشريفاً، وأشادت بالأهل والمعارف بالغدار. وأشارت «سهير» إلى أن للشهيد ثلاثة أولاد: «مصعب» وهو رائد بسلاح المدرعات، بجانب «عروة وعبد الله» وهما في المرحلة الجامعية.. وله ثلاث بنات.. «هنادي» و «زينب»، وهما متزوجتان، بجانبها - «سهير» - وهي الكبرى، ومتزوجة. ولد الشهيد الزبير محمد صالح في عام 1944م، وقد سمي الزبير بهذا الاسم تيمناً بجده لأمه عبد الله بن الزبير، وكثيراً ما كان يجلس الى والده وهو يتلو القرآن ويستمع إليه، وحفظ منه بعض قصار السور، وأراد والده أن يلحقه بالخلوة، فذهب به الى الخلوة الوحيدة التى كانت بالقرية، والتحق الشهيد بمدرسة القولد الأولية عام 1952م، وهو فى الثامنة من عمره، وقد أكمل الزبير دراسته بمدرسة القولد الوسطى، وانتقل الى مدرسة وادي سيدنا الثانوية فى يوليو 1960م، وفي مدرسة وادي سيدنا برزت جوانب أخرى من شخصيته وبعض هواياته، وكانت السباحة من أحب الهوايات إلى نفسه، ومضت سنوات دراسته بمدرسة وادي سيدنا حتى أكملها في مارس1964م، وكان الإصرار واضحاً عليه لدخول الكلية الحربية، وكان يقول إن لم يقبلوني هذا العام فسأكرر المحاولة حتى التحق بها. وقد كان الزبير محظوظاً إذ تم اختياره، وفي الكلية الحربية أحبه الجميع لما يتمتع به من روح صافية، وكان الزبير معتقلاً ليلة 30 يونيو 1989م، ولكنه رغم ذلك وفق في تحريك قوات من جبل الأولياء لإسناد القوة التي نفذت التغيير بالعزم وسبق الإصرار. وخلال سنوات حكم الإنقاذ تولى الزبير الكثير من المناصب، فقد كان نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ونائباًَ لرئيس الوزراء .. ووزيراً للداخلية، كما تولى مسؤولية الإشراف المباشر على تنفيذ المشروعات الرئيسة. واستشهد الزبير إثر تحطم مروحيته في مدينة الناصر عام 1997م، وتناقل الناس العديد من الآراء حول أسباب حادث تحطم الطائرة التي كانت تقله مع رفاقه، حيث قال اللواء التوم النور دلدوم في حوار مع صحيفة «آخر لحظة» إن حرس قوات كاربينو خططوا لمهاجمة الزبير، وكانوا يتحدثون بشأن هذه المؤامرة بلهجتهم المحلية بما يفيد أنهم يريدون مهاجمة المشير الزبير. وأضاف دلدوم أن كاربينو لم يكن يعلم بهذا المُخطط، ولكنه بعد علمه به أمر بإيقافه ونهى عن تنفيذه «لأنه كان يدرك المشكلات التي ستنتج عن ذلك». وعلى كل تبقى ذكرى استشهاد الشهيد الزبير محمد صالح بمثابة وقفة مع الذات لأخذ كل العبر والدورس من حياة هذا الرجل الذي أعطى مثالاً للقائد الذى لا يهاب الموت في سبيل وطنه ودينه.