يبدو أن دولة الجنوب أصبحت تمارس حربًا اقتصادية على السودان الشمالي بأشكال متعددة آخرها التلويح بوقف إنتاج النفط، ووقف التصدير عبر الشمال، لتتصاعد الأمور أكثر بشأن مفاوضات أديس التي تجرى حاليًا، فيما أكدت وكالة الطاقة الدولية أن إنتاج جنوب السودان من النفط يظل غائبًا عن الأسواق العالمية بينما تسعى الدولة الوليدة لاقتسام الإيرادات مع دولة الشمال وتؤكد التقارير أن إنتاج جنوب السودان من الخام «260» ألف برميل يوميًا فيما أنتج السودان «110» آلاف برميل وقطعت الوكالة أن الإنتاج بنحو «200» ألف برميل يوميًا في الربع الأول من «2012» بنحو «100» ألف للعام ذاته الأمر الذي يشكِّل تهديدًا لصادرات جنوب السودان، ومنحت اتفاقية السلام الشامل الجنوب فرصة للانفصال عن الشمال ولكن يبدو أن الخلاف بينهما في مجال النفط أصبح محل نزاع، وتحاول جوبا استخدام سلاح آخر بالضغط على الشمال. اختلفت آراء كثير من الخبراء في هذا الجانب حيث يقول الخبير الاقتصادي د. حسين القوني في حديثه ل (الإنتباهة): إن عملية المفاوضات بين البلدين في مسألة الوصول لحل نهائي لعملية ضخ النفط هي قضية أساسية، مبينًا أن عدم الوصول لحل جذري له انعكاسات سالبة على الطرفين بصفة عامة والوضع الاقتصادي بصفة خاصة، موضحًا أن الجنوب سيتأثر إزاء تلك القضية إذا لم يتم الاتفاق لاعتماده كثيرًا على البترول حتى إذا اتجه لإيجاد حلول أخرى عبر بيعه بسداد آجل أو قروض ستكون خصمًا على دخل دولة الجنوب ومن ثم يؤثر سلبًا على مواردها مستقبلاً، أما بالنسبة لسير المفاوضات فتوقَّع أن يصل الطرفان إلى حل جذري يصب في مصلحتهما خاصة أن الوضع الراهن يشير لذلك، وقال: إذا لم يتم التوصل لحل فبالتأكيد سيتأثر إنتاج الجنوب بصورة واضحة بجانب دولة السودان وسيكلِّف مبالغ كبيرة تضر بمصلحة الطرفين وأضاف: لا بد من اتباع أسلوب الحكمة ونظرة آنية لارتباط المصالح وعدم مضاعفة المشكلات الداخلية.. ويرى الخبير الاقتصادي بروف عصام عبد الوهاب أن الخطوة التي أقدم عليها الطرفان بخصوص الاتفاق على عدم الاعتداء هي خطوة عظيمة داعيًا التزام الطرفين بها مبينًا أن اللجوء إلى الحرب يدمر كل فرص الاتفاق الاقتصادي. وقال: إن المفاوضات الحالية يرأسها السياسيون بدلاً من الفنيين مشيرًا لرفض الطرفين الحلول التي قدمتها الأطراف الدولية، مضيفًا أن تقرير وكالة الطاقة الذرية لا أعتقد أنه صحيح إذ أن الجنوب يعتمد على أطراف حليفة يمكنها تمويل احتياجاته لضمان النفط ومؤشرات تؤكد دخول شركات غربية للتنقيب عن آبار وحقول نفط جديدة مما يعني وجود تمويل وتدفقات مالية لدولة الجنوب ومقدرتها على إيقاف ضخ النفط لفترات طويلة وأن الضرر الحقيقي يقع على الشمال، مضيفاً أن الشائعات التي تُقال عن إنشاء خط ضخ جديد في الغالب هو أسلوب ضغط على الشمال؛ لأن خط الأنابيب الحالي أكثر ضمانًا وقال: إن الحل المنطقي يتمثّل في الوصول لصيغة اقتصادية مفيدة للطرفين وليس بالتهديدات التي تجلب الدمار شمالاً وجنوباً. ويقول المحلل والخبير بروف حسن علي الساعوري: إن الجنوب لا يعمل بمصلحته الخاصة وإنما بمصالح آخرين كالولاياتالمتحدةالأمريكية والمعارضة في الشمال، مشيرًا لاستهداف إسقاط النظام وزعزعة الاستقرار بدولة السودان مع الضغط الاقتصادي، وقال: إذا اتقف الجنوب مع تلك الدول فلن يصل الطرفان لاتفاق خاصة أن الولاياتالمتحدة خطتها أن يستمر النزاع لمدة أطول بين البلدين «خمس سنوات» أو يتم الضخ عبر ممبسا أو إثيوبيا فهما مرتبطتان بهذه الإستراتيجية، أما إذا انتبه الجنوب لمصلحته الخاصة فمن السهل الاتفاق وأن جميع الاتفاقيات والوساطات التي تمت السودان يوافق والجنوب يرفض، وما قاله باقان أموم يوضِّح عدم قبول حكومة الشمال في الاتفاق بمعنى تغيير النظام، وأضاف: أن القضية أصبحت معارضة للشمال وليس للجنوب، وذهب في حديثه إلى أن الحل الآخر مرهون بالقرض القطري بمبلغ «2» مليار إذا استمر نتوقّع أن يكون تأثير إيقاف ضخ البترول على السودان صفرًا، مبينًا أن دولة الجنوب ستلجأ إلى أساليب أخرى لحل مشكلاتها.