الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جنوب كردفان، وتورّط قادة الحركة الشعبية في جرائم ضد الإنسانية لو وجدت حظّها من الذيوع في وسائط الإعلام (لحاصرت) الحكومة قطاع الشمال بدلاً عن حصاره للحكومة.. الآن كل قرى الريف الشرقي لمحلية كادقلي تم تهجيرها واستهدفت الحركة الشعبية في هجومها على منطقة الدندور النوبة قبل الحوازمة؟ فلماذا هذا الاستهداف الانتقائي.. الإجابة: لوجود عدد كبير من النوبة (الشواية) و(المورو) و(الأطورو) وهي بطون كبيرة في هذه القبيلة التي تعرضت لمحن لم تتعرض لها أية مجموعة من سكان السودان الآخرين، والحركة الشعبية تعتبر أي (نوباوي) لم ينضمّ لصفها ويقاتل معها (خائناً) وعميلاً للحكومة يجب (قتله).. وفي الدندور هرب المئات من أبناء النوبة من جحيم التمرّد لأحضان أهلهم من الحوازمة (الرواوقة)، ووجدوا عندهم دفء العشيرة واقتسموا لقمة العيش وجرعة الماء.. لكن الحركة الشعبية هجمت على المنطقة من خلال ثلاثة محاور وبآليات ثقيلة (دبابات) (راجمات) (مدفعية)، فالحرب الآن شيء مختلف عن حرب ما قبل 2005م. هل شاهدت يوماً إنساناً يتم حرقه حياً حتى الموت بالنار؟ وهل شاهدت رماد القرى التي حرقت والأطلال التي عرضت على شاشة قناة الشروق، واللواء الركن "دفع الله الرحيمة" قائد الفرقة الرابعة عشرة يكسو الغضب وجهه ويتحدّث بكلمات كالرصاص؟ إن مأساة آلاف النازحين من الحوازمة والنوبة الذين لاذوا بمناطق يعتقدون أنها آمنة في الكويك خلفوا من ورائهم ثروة حيوانية تقدر بنحو (40) ألف رأس من الأبقار تتضوّر عطشاً بعد أن سيطرت قوات التمرد على مناهل المياه، ونضوب (الحفائر) والرعاة (يبحلقون) في السماء أن تجود عليهم بمطر الصيف في فصل (النطح) أو (البطين)! وثروة الرواوقة وهم أكثر القبائل دفاعاً عن جبال النوبة، وأجلّهم تضحية، وأقلّهم حظاً في السلطة، التي هي ثروة لكل السودان! صحيح أن القوات المسلحة التي يقودها فارس برتبة لواء يدعى "دفع الله الرحيمة" قد دخلت الدندور في رابعة النهار! ولكن الدندور أصبحت حطاماً تذروه الرياح.. قرية حرقت بكاملها.. ونهبت ممتلكات الأهالي.. بل امتدّ النزوح ليشمل كل قرى الريف الشرقي.. والحركة الشعبية تمارس سياسة الأرض المحروقة والتطهير القسري للسكان.. إمّا معها في حضنها، وإمّا عدواً يجب استئصاله.. ولهذه المآسي والأحزان والدموع والموت الذي حصد أرواح الأهل ونزع من قلوبهم الأفراح، نطالب جهراً بالتفاوض والحل السلمي مع الحركة الشعبية إن أطلقت على نفسها قطاع الشمال أو قطاع الجنوب أو الغرب.. فقد شبع أهلنا موتاً، وترملت أخواتنا وعماتنا.. وأصبحنا نهيم على وجوهنا في الطرقات وبناتنا (يبعن) الشاي في المدن.. ويمتهن شبابنا (أوضع) الحرف وغيرنا من أهل السودان ينعمون بحياة كريمة.. والمستفيدون من الحرب ممن لا يلسع أجسادهم حتى الباعوض.. يرفضون السلام وهم لا يقاتلون، ولا يشعرون بآهات المجروحين، ما لكم كيف تحكمون!