{ كتب الأخ الأستاذ "محمد لطيف" حلقتين من تحليل سياسي بجريدة (الخرطوم) تحت عنوان (إلى إخوان السودان.. قبل الغرق)، أمس وأمس الأول. واعتمد "لطيف" على مقارنة غير موفقة بين قرارات (الرابع من رمضان) التي أصدرها الرئيس "المشير عمر البشير" وأطاحت بالدكتور "حسن الترابي" رئيس (البرلمان) وأمين عام الحزب الحاكم في السودان في العام 1999، وبين قرارات الفريق "عبد الفتاح السيسي" قائد الجيش (المصري) ووزير الدفاع التي عزل بموجبها يوم الثالث من يوليو المنصرم رئيس الدولة المنتخب الدكتور "محمد مرسي" اعتماداً على ما سمي ثورة (30 يونيو 2013)!! { احتج "محمد لطيف" على أن بعضنا كان من داعمي الرئيس "البشير" في قراراته يوم الرابع من رمضان قبل ثلاثة عشر عاماً، بينما نحن - الآن - من الرافضين والمستنكرين لانقلاب "السيسي" على "مرسي". واعتبر الكاتب أن الفريق "السيسي" استجاب لشعب "مصر" الذي انتفض على سيطرة (مكتب الإرشاد) - التابع لجماعة (الإخوان المسلمين) - على الرئيس "مرسي"، وشبه حالتنا في السودان عشية قرارات الرابع من رمضان، بالحالة المصرية الراهنة، فالأولى (انتفاضة) على تحكم (الشيخ) في قرار الدولة، والثانية (انتفاضة) أخرى على حكم (المرشد العام) للإخوان المسلمين، وليس الرئيس "مرسي"! { لا أحتاج لكثير منطق وحجة لأنسف (قاعدة) "محمد لطيف" التي بنى عليها (مقالين)، دون حاجة مني إلى مطالعة المقال (الثالث)، فالرئيس المشير "عمر البشير" - و"لطيف" أقرب إليه مني صلةً اجتماعيةً ومصاهرةً وتردداً على مقر إقامته، وأنا أقرب إليه منه روحاً وفكرة - الرئيس "البشير" عندما أقال الدكتور "الترابي" وقرر (حل) البرلمان، كان رئيساً (منتخباً) جاء إلى كرسي الرئاسة عبر ذات (الصناديق) التي حملت الشيخ "الترابي" إلى رئاسة البرلمان. { أما الفريق "السيسي" الذي أطاح بالرئيس "مرسي"، فهو (وزير دفاع) "مرسي" نفسه!! ولم ينتخبه أحد من أبناء الشعب (المصري)، لا في "سوهاج"، ولا "طنطا"، ولا "إسنكدرية"، ولا "بولاق الدكرور". { "السيسي" عندما فعل ما فعله يوم الثالث من يوليو، هو ضابط رفيع في القوات المسلحة المصرية، عينه الرئيس "مرسي" وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للجيش، وقد كان من (أصغر) أعضاء مجلس المشير "طنطاوي" العسكري يوم تعيينه. اختاره "مرسي" أو قل (مكتب الإرشاد)، ولم يأت قائداً عاماً للجيش بعملية (انتخابية) وسط ضباط وضباط صف القوات المسلحة المصرية!! { بعد صدور قرارات (الرابع من رمضان) ثار جدل (قانوني) حول دستورية قرارات الرئيس، وهل من حقه (حل) البرلمان بموجب المبررات التي ساقها أم لا، وقد حسمت المحكمة الدستورية السودانية ذاك الجدل، وأيدت قرارات الرئيس. { الأهم من ذلك أن المساندين للرئيس كسبوا معركة شورى (المؤتمر الوطني) السابقة لتلك القرارات، بالأصوات قبل الدبابات. { الرئيس "البشير" لم يجمد العمل بالدستور القائم آنذاك، بينما فعل "السيسي"، مع أن الدستور (المصري) الأخير تم إقراره عبر (استفتاء شعبي) ديمقراطي راقبته المنظمات الأمريكية والأوربية، بل ودعا وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" قيادات المعارضة المصرية إلى الانخراط في عملية الاستفتاء، ففعلوا وسقطوا، وأجيز الدستور، وانتصر "مرسي" بالديمقراطية. { إذن لا وجه شبه بين ما حدث في الخرطوم نهاية العام 1999، وما حدث في "القاهرة" مطلع الشهر الماضي. { لقد كنتُ من بين كتاب على عدد أصابع اليد (الواحدة) أيدوا وساندوا قرارات الرابع من رمضان، في زمن كان يخشى فيه كثيرون (عودة الشيخ) وبطشه، ولكننا لم نكن.. وما زلنا ليس لدينا ما نخاف عليه. { ولم يكن الأستاذ "حسين خوجلي" صاحب (ألوان) يكتب مقاله في تلك الأيام الملتهبة حتى يسأل الأخ العزيز "كمال علي" سكرتير التحرير آنذاك: (هل كتب الهندي.. أم لا؟)، ليضمن (توازن) الصحيفة بين (القصر) و(المنشية)، وعندما غادرنا (ألوان) انفرط التوازن، وأغلقت الصحيفة، وذهب "حسين" إلى السجن حبيساً!! { لارتباطي ومتابعتي اللصيقة لتلك الحقبة - حقبة ما قبل وبعد الرابع من رمضان - تجدني مضطراً وملزماً بالرد على الأخ "لطيف"، انطلاقاً من رؤية ومعرفة تلك الأحداث. { الرئيس "مرسي" رئيس منتخب بأكثر من (12) مليون صوت، فكيف يُقال بهذه السهولة، ثم يُرحّل إلى المعتقل في إحدى ثكنات الجيش بمكان مجهول ومعزول على أطراف القاهرة. وقد حكى رئيس منظمة حقوقية مصرية زار مكان اعتقاله مؤخراً، أنهم حتى عادوا بطائرة (مروحية) لم يعرفوا أين موقع الاعتقال. بل إن الرئيس "مرسي" ومرافقيه الاثنين مدير ديوان الرئاسة ومدير مكتبه لا يعرفون أين هم الآن!! أول سؤال وجهه مدير ديوان الرئاسة المعتقل للزائر: (هو إحنا فين؟!). وأظن أن الأستاذ "لطيف" يعلم جيداً أن أبسط قواعد حقوق الإنسان الدولية - وقد قالها الحقوقي الزائر - أن يعرف المعتقل مكان اعتقاله، فما بالك إذا كان هذا (المحبوس) رئيساً شرعياً منتخباً، والذين يحبسونه (انقلابيون) لا يستندون على دستور، ولا قانون، ولا انتخابات!! { اللهم اعتق رقابنا من النار.