بدأت أمس الأول جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة ممثلة في مساعد رئيس الجمهورية البروفيسور "إبراهيم غندور" والحركة الشعبية (قطاع الشمال) وممثلها "ياسر عرمان"، فالجلسة لا تنبئ بتقدم كبير في المفاوضات خاصة وأن وفد الحركة جاء لتلك الجولة إرضاء للجهات الدولية، ولكن لا أظن أنه راضٍ بالجلوس على طاولة مفاوضات تفضي إلى حل مشكلة الوطن التي تطاولت، وكما يقول المثل السوداني (الجواب باين من عنوانه)، وعنوان هذه الجولة مزيد من الضغط ومزيد من رفع السقوف ومزيد من اضافة قضايا لم تكن واحدة من القضايا المطروحة الآن. إن قضية السودان ظلت تتداول كل فترة وكلما فرغنا من قضية ظهرت قضية أخرى، وإذا كانت الجولات السابقة بين الحكومة والحركة الشعبية قطعت شوطاً كبيراً في الوصول لاتفاق في القضايا المطروحة والتي وصلت إلى نسبة (80%) من المفترض أن تبدأ الجولة من المكان الذي انتهت فيه الجولة السابقة، وينبغي ألا يضاف بند جديد للمفاوضات، بمعنى إن كانت (قضية دارفور) لم تضمن في أية جولة من الجولات ينبغي ألا تطرح في جولات لاحقة، ويجب أن تناقش الجولة ما هو مطروح أو ما هو متبقي من الجولة السابقة.. وألا تكون محاولة الطرف الآخر تسميم جو المفاوضات حتى لا يتم الوصول إلى اتفاق نهائي.. وربما هذا الذي يجري الآن.. فكما ورد من الأخبار أن رئيس (قطاع الشمال) "ياسر عرمان" جاء ببند جديد للمناقشات وهو طرح قضية دارفور ضمن البنود التي تتم مناقشتها، وإن كان الأمر كذلك فعلى الوفد الحكومي أن يجمع أوراقه ويعود إلى الخرطوم لأن النقاش لن يفضي إلى حل مشكلة "النيل الأزرق" و"جنوب كردفان" وهما المعنيان بالمفاوضات منذ الجولات السابقة. إن (قطاع الشمال) ليس راغباً في حل مشكلة الوطن ولم يحس بمعاناة المواطنين في "جنوب كردفان" و"النيل الأزرق"، ولم يحس بمعاناة المواطنين الذين هجروا مناطقهم وقراهم بسبب الحرب التي قضت على الأخضر واليابس بتلك المناطق، لو نام قياديو (قطاع الشمال) ليلة واحدة وسط أزيز المدافع والراجمات، ولو ذاقوا حرمان المياه والطعام، وذاقوا عدم لذة النوم بسبب هذه الحرب اللعينة لا أظنهم سيماطلون في تلك المفاوضات، ولكن كما يقول المثل السوداني (الايدو في النار ليس كالذي أيده في الماء)، فهؤلاء يعيشون حياة الدعة والراحة، يعيشون حياة الترف من فندق إلى آخر لا يحسون بالجوع والحرمان الذي يعيشه أبناء السودان الذين يدعون أنهم يناضلون ويقاتلون من أجلهم. إن الوطن تمزقه الحروب وينبغي أن يستشعر الجميع المسؤولية، فلم تبق في العمر بقية حتى يناضل أولئك من أجل حياتهم وليس من أجل هؤلاء البؤساء من أبناء بلادي.