مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يلتقي السيدة هزار عبدالرسول وزير الشباب والرياض المكلف    وفاة وزير الدفاع السوداني الأسبق    بعد رسالة أبوظبي.. السودان يتوجه إلى مجلس الأمن بسبب "عدوان الإمارات"    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"علي جريقندي النعيم " في إفادات جريئة ل(المجهر)
نشر في المجهر السياسي يوم 08 - 12 - 2015

- الأسوأ من الصالح العام هو تعيين شخص غير مناسب في مكان غير مناسب
- هناك استحالة أن يدير الخرطوم رجل واحد أسمه (الوالي)، ويجب تقسيمها لثلاث ولايات
- تعيين الولاة ردة مبررة عن الحكم اللامركزي
- هنالك انحرافات في الحكم اللامركزي ، والسلطة الإقليمية خارج الهيكلة
رسم الخبير في الحكم اللامركزي صورة مشرقة للبلاد ، إذا تم تطبيق اللامركزية بصورة صحيحة، وأقر الخبير "علي جريقندي النعيم" بتسبب الإنقاذ في تدهور الخدمة المدنية ، باستخدام الصالح العام، وقال ان الأسوأ منه هو تعيين شخص غير مناسب في مكان غير مناسب من أصحاب الولاء، وطالب "جريقندي" بتقسيم الخرطوم إلى ثلاث ولايات، لأنه مستحيل ان يديرها شخص واحد أسمه الوالي.
"علي جريقندي" ، الذي يعمل حالياً مديراً لمركز الخبراء لتدريب الحكم اللامركزي، هو أول أمين عام لديوان الحكم اللامركزي، في عهد الدكتور "علي الحاج"، وسُميا ب(العليين) في هندسة الحكم اللامركزي، ثم عمل محافظاً بالحكم اللامركزي، ووزير مالية لولاية النيل الأزرق، ومعتمداً لمحلية شرق النيل، وأميناً عاماً لمجلس الولايات، وهو من مواليد مدينة "النهود" بولاية "غرب كردفان"، حيث أكمل مراحله الدراسية ب"النهود" ثم الابيض ،مدرسة (خور طقت الثانوية) ،فجامعة الخرطوم كلية الآداب ، حيث تخرج منها بمرتبة الشرف، وهو حاصل دبلوم عال في إدارة المدن المتخصصة من "ألمانيا" وماجستير في الدراسات الأفريقية والأسيوية. وقد اجرت معه (المجهر) الحوار التالي حول تجربة الحكم اللامركزي وقضاياه.
حوار- وليد النور
{ ما هي النتائج التي تمخض عنها مؤتمر تقييم تجربة الحكم اللامركزي، الأخير بولاية الخرطوم؟
- حقيقة هذا التقييم هو الثاني خلال تجربة الحكم اللامركزي في السودان، التقييم الأول كان في العام 2002 م عقب مضي تقريباً 10 سنوات ،من تطبيق الحكم الفدرالي اللامركزي ، الذي تم وفقاً للمرسوم الرابع في فبراير1991م، وأخضع النظام اللامركزي كله للتقييم ، لأن هنالك ظروفاً عديدة واجهت التطبيق.
{ ما هي تلك الظروف والتعقيدات التي واجهت الحكم اللامركزي؟
- الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة مع الحركات المتمردة، منها اتفاقية نيفاشا في العام 2005م مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، واتفاقية أبوجا 2006 مع حركة تحرير السودان و"الدوحة" في عام 2011م، هذه الاتفاقيات ترتبت عليها من عقابيل وأوضاع مست جوهر الحكم اللامركزي ، من إفرازاتها انفصال الجنوب.
{ ماذا تقصد ب"عقابيل"؟
- أقصد أن الحرب لم تقف، وظلت مستمرة، بل خلقت مشاكل إضافية مثل الحدود و"أبيي"، لان المفروض أن الانفصال تتم فيه تسوية النزاع بالكامل، وظلت منطقة "أبيي" متنازعاً عليها، إلى أن تدخلت "الأمم المتحدة" والآن بها أربعة آلاف جندي أجنبي، فضلاً عن المتأثرين بالنزاع "جنوب كردفان" و"النيل الأزرق"، وهاتان المنطقتان اختلف الطرفان حول فهم المشورة الشعبية، التي تعتبرها الحكومة تحت سقف الحكم الذاتي، والمتحاورون من الجانب الآخر ، يعتبرونها حكماً ذاتياً، وهذه المرحلة يفترض أنها تقيم حتى يتم إصلاح الاعوجاج، ولذلك فان التقييم تم على مستوى المحليات والولايات، والآن العمل جارٍ لتقييم المستوى الاتحادي، ولكن حتى اللحظة فان التقييم الذي تم تدل مؤشراته على استمرار الحكم اللامركزي.
{ إلى أي حد تميزت النتائج التي خرج بها المؤتمر الأخير بولاية الخرطوم عن نتائج مؤتمرات أخرى مماثلة عقدت في بعض ولايات دارفور وغيرها؟
- إلى حد كبير التوصيات مشتركة، وهنالك ثلاث نقاط جوهرية مشتركة فيها، تقييم تجربة 2002 و2015م وهي استمرار الحكم اللامركزي، ودعم الحكم المحلي، والبحث عن إعادة هيكلة الحكم على مستوياته الثلاثة، الاتحادي والولائي والمحلي، بتجويد الخدمة وتخفيض الكلفة بشكل مطلوب، والبحث عن أفضل طريقة لقسمة الموارد بين مستويات الحكم، لأن الولايات مظلومة في قسمة الموارد مع المركز، والحكم المحلي مظلوم أكثر منه.
{ من خلال تجربتك كأول أمين عام لديوان الحكم اللامركزي ثم مستشار.. هل حقق الحكم اللامركزي تنمية ملحوظة؟
- تجربة الحكم اللامركزي من خلال الأهداف تعتبر سامية جداً، والسودان بشكله الحالي ووضعه المجتمعي أفضل طريقة لإدارته هو الحكم اللامركزي، ولكن المشكلة في التطبيق ،لأنه لم يأخذ في الاعتبار الأهداف الكلية للنظام، ولذلك حدثت انحرافات كثيرة جداً في الممارسة.
{ ما هي الانحرافات التي تمت؟
- أولاً فيما يتعلق بالسياسات لكل مستوى من المستويات ،المفترض أن يكون مستقلا مالياً وإدارياً ،ولكن في ظل الدولة الموحدة، ولكن هذا الاستقلال تقلص حالياً في الولايات ،وانعدم تماماً في الحكم المحلي، ولذلك رجعنا لتعيين الولاة بدل الانتخاب.
{ ألا يعتبر هذا تراجعاً؟
- نعم فيه نوع من التراجع عن النظام الأمثل للحكم اللامركزي، ولكن التعيين اقتضته ظروف ،ونحن لابد ان نعترف أن السودان دولة هشة جداً وغير متماسكة بالشكل الذي يجعل وحداتها تأخذ الاستقلال المالي والإداري، ولذلك فان المركز يخاف من مطالب حملة السلاح والمطالبين بالحكم الذاتي، والجهوية والعنصرية، وذلك التخوف من التفتت جعل الدولة تلجأ للتعيين.
{ ولكن التعيين يعتبر ردة عن الحكم اللامركزي وعودة للشمولية؟
- أستطيع ان أقول إنها ردة، ولكنها مبررة من خلال الواقع الحالي المعاش، الذي جعل اضطر الرئاسة لأن تتخذ مثل هذا القرار بل تعدل الدستور، ولكنني كنت أتوقع أن يكون الإجراء مؤقتا ينتفي حال انتهاء الظرف الحالي، ولكن ذلك لم يحدث .وثانياً عدم الاستقرار الأمني في أطراف الدولة، بجانب الصراعات المسلحة في "دارفور" و"النيل الأزرق" و"جنوب كردفان" ونزعة التمرد على سلطان الدولة، هي التي جعلت النظام اللامركزي، يسير معوجا.
{ فيم يتمثل الاعوجاج؟
- السلطة الإقليمية لدارفور، هذه جاءت خارج هياكل الدولة الثلاثة (الاتحادي والولائي والمحلي)، وأُنشئت اضطراراً . ووجودها أثر على قسمة الولايات ،لاسيما انفصال الجنوب ، أدى لفقدان النفط الذي تسبب في اضطرابات مالية بالدولة، بشكل كبير، ولم تستطع تقديم الخدمة بالشكل الجيد للمواطنين، ولذلك حصل تدنٍ في التنمية وتقديم الخدمات. والنظام اللامركزي ، يخدم قضيته السياسية من خلال التنمية والخدمات، وإذا نقصت التنمية، فقد قيمته السياسية.
{ ما هي علاقة الحكم المحلي بالجمهور ودوره في تقديم الخدمات؟
- الحكم المحلي في كل العالم،واذا كان شكل الحكم ملكياً ديمقراطياً، تجد في قاعدته حكماً محلياً ،لأنه يمثل حلقة وصل بين المواطن والدولة . ولا توجد دولة دون مواطنين، والسودان بدأ الحكم المحلي منذ العام 1930م، وتعاقبت عدة حكومات عسكرية وديمقراطية، ولكن ظل الحكم المحلي موجوداً، وقدم خدمات كبيرة في الصحة والتعليم وصحة البيئة، وبمرور الزمن تطور التعليم والأمن وانتفع المواطن بدرجات متفاوتة من الحكم المحلي، بل أبرز القيادات تدرجت من الحكم المحلي إلى الاتحادي.
{ كيف ترى علاقة اللجان الشعبية مع المواطنين.. وهل يمكن مراجعة أدائها أو إلغاء الحكم اللامركزي؟
- الحكم المحلي واللجان الشعبية غير منعزلين عن المواطنين، ولكن مشكلته أنه عاجز عن تقديم الخدمة المرضية للمواطن، وينعكس ذلك على اللجان الشعبية. لان المحلية مهزومة من حيث الموارد، فضلاً عن مواردها الذاتية عصية التحصيل مثل القطعان والعوائد المنزلية، ونصيب الولاية منها ضعيف يكاد تكفي الفصل الأول (المرتبات)، ولذلك بقي في كثير من المحليات في عزلة عن المواطن بسبب عجزه ، اذا لا يستطيع تقديم خدمة.
{ ألا توافقني أن الحكم المركزي أصبح عبئاً ثقيلاُ على المواطن ،وآن الأوان لإلغائه بسبب الجبايات؟
- الجبايات أو الممول دافع الرسم أو الجبايات عليه كثيرة، منها النفايات والزكاة ،وحتى الطالبين المساعدة (ناس لله يا محسنين)، فدافع الضريبة مثقل بالجبايات، والمحلية ليست الجهة الوحيدة التي تتحصل ،لان الجباة متعددون، ولكن واحدة من الموارد التي تجمعها مفترض ان يكون لها مقابل، والرسم الوحيد الذي مقابله خدمة هو رسم النفايات، ولكن بقية الرسوم لا خدمة ظاهرة لها، ولذلك فان المواطن يشعر بغبن شديد ،لأنه يدفع دون مقابل، ويرى أنه يدفع لتوفير الامتيازات والمرتبات والحوافز، ولذلك لم يتجاوب كثيراً مع المحلية، لأنها تأخذ منه أكثر مما تعطيه، ولكن المحلية هي تفعل ذلك لأنها مضطرة لفرض الرسوم، وهذا أثر في العلاقة بينها والمواطن.
{ هل هنالك طريق لإعادة الثقة المفقودة بين المواطن والحكم اللامركزي؟
- العلاج واضح لابد من إعادة خط التوازن بالكامل في قسمة الموارد، بحيث أن الخدمات تكون مسؤولية الولاية والمحلية، لان الخدمات متمركزة في المحلية، ولابد من إعادة الهيكلة بين المستويين، ودعم المحليات بالكادر البشري المدرب، الآن واحدة من المشاكل أن الكادر البشري الموجود (فيه رقشة) المؤهل ينزل.
{ هنالك اتهام.. في السابق كانت هنالك كوادر مؤهلة ومدربة وبقيت في الخدمة المدنية منذ حكومة نميري، ولكن الإنقاذ جاءت بالتمكين والصالح العام؟
- إلى حد كبير الاتهام صحيح، وهي بدأت في التدهور من أيام مايو ، لأنه بدأت فكرة (التسييس) في الخدمة المدنية خاصة الضباط الإداريين، أما في فترة الإنقاذ، فصحيح حصلت فيها إحالات للصالح العام، ولكن الأسوأ من الصالح العام هو استخدام شخص غير مناسب ،في مكان غير مناسب ،بديلاً للمؤهل المبعد، ولذلك لم يتمكن الناس من إيجاد بدائل في مكان المبعدين، لان الخدمة المدنية بها شخص يسمى (ذاكرة المؤسسة)، وهو موظف تم تعيينه من الدرجة (التاسعة)، وحتى يصل الدرجة (الأولى) أو وكيل وزارة، فذلك يكون خبيراً فيها، أما الذي حدث، فقد جئنا بأشخاص غير عليمين بالمؤسسات ، ولم يستطيعوا الإحلال محل المبعدين، فهذه واحدة من أسباب تدهور الخدمة المدنية، ثانياً الخدمة المدنية انقسمت إلى قسمين قسم اتحادي وولائي، لان الموظف منذ تعيينه في الولاية سيكون محلياً حتى المعاش ،وسيظل في ولايته دون أن يتلقى تدريباً.
ثم حدث مساس بمعايير الخدمة الجيدة وهي التعيين والترقي والتدريب، ويمكن تقديرات الرئيس أن التعيين في الخدمة بالكفاءة، والترقي بالجدارة، ولكن بعد حصل دمج كبير في العشرين سنة الأخيرة، ولكي ترجع الخدمة المدنية فانها تحتاج إلى مجهود كبير جداً.
{ هل غياب الديمقراطية ساهم في إضعاف مسألة المشاركة الشعبية في الحكم اللامركزي؟
- طبعاً. الحكم اللامركزي صلاحه في بيئة ديمقراطية شرط أساسي، ولكن الديمقراطية نفسها تتفاوت من دولة لأخرى، مثلاً الديمقراطية في "المملكة المتحدة" لا تشبه ديمقراطية "الشرق الأوسط" أو أفريقيا، لأنها دولة راسخة .والمواطن عارف حقوقه .والأمن مستتب فيها، إلا اختراقات التفجيرات من وقت لآخر، ولكننا في السودان بنبني في دول، فإذا قسناها على ديمقراطية (وستمنستر) هي عكس، وإذا قيمناها على حالنا فهي مناسبة لنا.
{ ألا ترى أن الحكم اللامركزي فشل في تنمية الولايات؟
- حقيقة لا يمكن أن ننكر أن هنالك تنمية حدثت في تجربة الحكم اللامركزي، في الطرق والصحة والتعليم والسدود.
{ السدود على الرغم من أهميتها الاقتصادية.. ووجهت بمعارضة الاهالي.. وكذلك التعليم العالي ،كم بدون كيف، في أعداد الخريجين؟
- هذا كله صحيح نحن في التعليم خرجنا أعداداً كبيرة ، ولكن واجهتنا مشكلة البطالة التي أدت إلى طريقين للخريجين :الهجرة أو الجريمة، وهذه واحدة من الإشكالات، ولكن الأفضل أن يكون الإنسان متعلماً تعليماً معقولاً، أفضل من أن يكون جاهلاً.
{ الهجرة معلومة.. ولكن ما هي الجريمة التي ينحدر اليها الخريج؟
- العاطل الذي لا يجد عملاً يصاب بإحباط شديد ويدخل في عالم الجريمة المنظمة وغير المنظمة لأنه عاطل ومحبط .ولأن الإنسان له طموح إذا حطمت طموحه ستكون النتيجة عكسية، إما هرب أو بدأ يؤثر في أوضاع الدولة بالتمرد والخروج عن القانون.
{ كيف يمكن التغلب على شح الموارد في بعض الولايات، أو عدم عدالة التوزيع؟
- شح الموارد في كل الولايات، يتطلب علاجه أوضاعاً مختلفة، لابد من زيادة الإنتاج والإنتاجية في كافة المجالات الزراعية والصناعية، ولابد أن تكون قابلة للصادر حتى يكون هناك عائد صادر وتطوير علاقات ايجابية مع الدول المستقبلة للصادرات، نحن الآن محاصرون من دول أوربية وأمريكا التي لها سلطان على دول الجوار، لان هنالك إشكالات حتى اللحظة في دول الخليج ،والبحث عن فتح فجوات في العلاقات وضبط الصرف، لان الهيكل كبير ومحاربة التعدي على الموارد بأشكال مختلفة، صحيح هناك آليات ،ولكن يظل الاعتداء مستمرا سنوياً ، واعتداء آخر من خلال العلاقات مع المستثمرين، وقانون الشراء والتعاقد بوابة كبيرة للفساد، مثلاً إذا أردت تشييد كبري قيمته 60 مليون دوارل، إذا كان بطريقة صحيحة تكون هناك عطاءات وأنت تختار الشخص المناسب، ولكن إذا أتيت بشخص بمعرفتك فهنا يحدث الفساد.
{ لقد اختزل الحكم اللامركزي في الجباية و التعبئة السياسية والضبط الأمني بدلاً من تقصير الظل الإداري وتقديم الخدمات. مارأيك ؟
- نعم صحيح لان ضبط الأمن هو الذي يجبرك جبراً على الانحراف على تقديم الخدمة من أجل معالجة الوضع الأمني، لان بعدمه لا تستطيع تقديم الخدمة، والآن الصرف على الأوضاع الأمنية يستهلك نصف الموازنة، والمشكلة الحقيقية هي الصرف على الأمن ،وعندنا أجهزة متعددة، ومشكلة الأمن في السودان لن تتوقف بالحرب، لأنه إذا تحرك 10 أشخاص في "الفاشر" أو "كادقلي" يمكن يزعزعوا الأمن ،وتحرك ضدهم كتيبة صرفها يكون كبير جداً، لذلك لابد من التسوية معهم، ولكن بالبندقية وحدها لن تنتهي.
{ الحكم اللامركزي متهم بتفاقم المشاكل القبلية والجهوية والمناطقية؟
- أنفي التهمة عن الحكم اللامركزي الفدرالي. الذي أدى إلى تفاقم القبلية هو السياسات، وليس الحكم اللامركزي، العديد من الجهات حاولت أن تضغط بالقبيلة من أجل الحصول على المناصب السياسية، وحصلت الاستجابة، ولذلك أصبح الحصول على القيمة السياسية للقبيلة عن طريق الخروج عن سلطان الدولة، حدثت سلسلة من النزاعات خاصة في مناطق القبائل والحكومة تأتي متأخرة والمواطن شعر بالجهة التي تحميه هي القبيلة، وهي أصبحت السند له . والوضع تطور للقبائل حتى الشمال الذي انتهت فيه القبلية بشكل كامل، عادت من جديد عبر المنتديات ثم روابط وتجمعات والسدود والمناصير، وهنالك قبائل تساند النظام في الانتخابات ، ومع انتشار السلاح في البلاد، أصبح المواطن ليس بحاجة للحكومة، فهو يصارع الحكومة، ويقطع الطريق من أجل الحصول على وضع أفضل.
{ ألا ترى ضرورة تقليص الولايات والمحليات وإعادة نظام المديريات القديمة؟
- أنا ضد الرجوع إلى الأقاليم، ولكن من رأيي أن المحليات البالغ عددها 190 محلية في البلاد يعاد النظر في كيفية إدارتها، مثلاً ولاية الخرطوم : الآن بها 7 محليات يتم تقليصها إلى 3 محليات الخرطوم وأم درمان وبحري، وتتم إدارتها عبر ضابط تنفيذي ومجلس تشريعي منتخب، والمعتمد يكون مسؤولاً من الأمن والتنمية والتنسيق بين الإداريات الثلاث، هذه الطريقة تقلل من الكلفة، وتمنح كادراً قوياً في الخدمة المدنية، وستنتعش الخدمة المدنية المنهكة حالياً بسبب (المعتمد) لأنه ماسك الأمور بيده، فإذا كان منفتحاً ستنفتح المحلية ، وإذا كان منغلقاً ستنغلق، ولذلك يجب أن تقلص المحليات من 190 إلى 90 محلية فقط تتجمع وتقلص السلطات.
{ الخرطوم بها كثافة سكانية ضخمة وموارد كبيرة.. كيف تنظر إلى مستقبل الحكم بها؟
- أنا شخصياً عملت بولاية الخرطوم مدة 18 سنة ضابطاً إدارياً ومستشاراً لحكومة الولاية ،وأربع سنوات معتمداً وخمس سنوات أميناً عاماً لديوان الحكم الاتحادي ،وأعرفها جيداً وأعرف مشاكلها، وأنا وصلت لقناعة أن هذه الولاية لا يمكن أن يديرها رجل واحد أسمه الوالي . وهي تحتضن الحكومة الاتحادية التي تحتاج إلى طرق نظيفة وخدمات ممتازة، وقد استورد "الخضر" البصات الصينية التي توقفت حالياً ،وعمر البص لا يتجاوز العام ولا يتحقق لولاية بهذا الشكل ، واضح، أنها تواجه مشكلة في المواصلات والنفايات، والنفايات كادت أن تسقط الحكومة اللبنانية، وما عندها قدرة لتوفير الكهرباء ،التي ظلت تقطع في أرقى الأحياء لمدة أربعة أشهر، والماء مقطوع وحجم الأجانب يتراوح بين 3 إلى 4 ملايين ، يستحيل أن تدار بوالٍ واحد .وهي بحاجة إلى ثلاثة ولاة الخرطوم وجبل أولياء وأم درمان وكرري وأم بدة وبحري وشرق النيل، الحديث عن مضاعفة الموارد مردود، لان الولاية تستطيع أن تتحرك، وبحري إذا صلحت مصانع المعطلة يمكن تكون مكتفية، فضلاً عن الأراضي الزراعية ب"شرق النيل" تغطي موارد الولاية كلها، و(مشروع السليت) مساحته 38 ألف فدان "ما قادر يصلح روحه، ليهو 9 أشهر بدون ماء"، فلتكن عاصمة الدولة في ولاية الخرطوم ،وكل ولاية بنفاياتها ومواصلاتها والموارد بتزيد.
{ ولكن "القاهرة" ، التي يقدر عدد سكانها بعددب سكان السودان، تدار بمحلية واحدة؟
- صحيح ولكن النظام الإداري فيها مختلف .لان الحكومة المصرية إدارتها مركزية وشغالة بالتفويض، ووزارة الداخلية مسؤولة من المحافظين .والمحافظ مسؤول من الأحياء. نظام مركزي متسلل.
- ،{ الوالي يشتكي من قلة الموارد؟
- الوالي السابق باع الأرض ورهن العقار لماذا؟ من أجل العمل على تجميل العاصمة التي بها القصر الجمهوري والإنارة الباهرة والمورد أرض وعقار،
{ هل تعني أن الحكومة الاتحادية يجب أن تساهم في تنمية الخرطوم ؟
- نعم بالكامل لان من بدري هناك قانون أسمه قانون إدارة مديرية الخرطوم سنة 1980م، لان نميري مسؤول عن ميزانية ولاية الخرطوم، المدير عليه فقط استلامها من وزارة المالية الاتحادية.
قانون العاصمة القومية لعام 1983م سماها عاصمة قومية، وهو قانون خاص وبعد أن تقسم إلى ثلاث ولايات يجب إدارتها بقانون خاص ودعم الولايتين، على الرغم من أن النظام الاتحادي نفسه يحتاج إلى دعم.
{ فشل الحكم اللامركزي دفع ببعض أبناء دارفور وجنوب كردفان للمطالبة بالحكم الذاتي ،بعد انفصال الجنوب.. هل نتوقع مطالبتهم بالانفصال عقب تحقيق الحكم الذاتي؟
- أولاً مفهوم الحكم الذاتي خاطئ جداً عندنا، ونجد في عدد من الفدراليات العالمية بها أقاليم تحكم ذاتياً، ولكن في ظل الدولة الواحدة، والحكم الذاتي مفهوم عندنا الخطوة الأخيرة قبل الانفصال، والحكومة نفسها معتقدة ذلك ،ولا تقبل الحكم الذاتي، ولكن أبناء دارفور حديثهم عن الانفصال منخفض، لان مشكلة دارفور انطلقت منذ الستينات وكانت مطالبهم عن التنمية، وتحولت الآن إلى استحقاق سياسي، والدولة منحتهم مناصب في الحكومة الاتحادية، إضافة للسلطة الإقليمية، ولكن الحركة الشعبية في "جنوب كردفان"، تتحدث عن حكم ذاتي، ولو تم الاتفاق على الحكم الذاتي في إطار الحكومة الموحدة لن تكون هناك مشكلة، ولكن إذا كان بفهم الانفصال ،فلن تقبل هذه الخطوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.