الموت يغيّب الفنان السوداني الكبير عبد القادر سالم    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    مستشار ترامب يصل إلى الرياض    الأمم المتحدة: المسيرات حصدت نحو 100 قتيل خلال أسبوعين في كردفان    استمرار عمليات الصيانة بطريق شريان الشمال    مناوي : وداعاً عبدالقادر سالم.. أيقونة الفن السوداني ورمز العطاء الثقافي    الهِلال كَان في حَاجَةٍ للهَزيمَة أكثَر من النّصر    المقاومة الشعبية تدفع ب(4) ألف مقاتل لمسارح العمليات    حقيقة تصنيف مواليد الثمانينيات ضمن كبار السن في منظمة الصحة العالمية    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة؟    جمعية عمومية تاريخية لاتحاد مدني تُشعِل الحراك الرياضي بحضور تجاوز 180 عضواً    بنك السودان يتأهب لإطلاق المقاصة الإلكترونية    أحداث مؤسفة في نهائي دورة شهداء معركة الكرامة بمدينة رفاعة    إطلاق نار على سوداني..السعودية تعلن إعدام مواطن وتكشف تفاصيل    اجتماع بين البرهان ومستشار ترامب..تقارير تكشف التطوّرات    الأردن يفوز على السعودية برأس رشدان ويتأهل لنهائي كأس العرب    والي الخرطوم يوجه بالالتزام بأسعار الغاز حسب التخفيض الجديد    المغرب يحسم بطاقة نهائي كأس العرب الأولى على حساب الإمارات    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تُقلد السلطانة هدى عربي أثناء تقديمها وصلة غنائية والأخيرة تنفجر بالضحكات    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    شاهد بالفديو.. تكلفة إيجار الأستوديو وحده بلغت 2 مليون مصري.. صحفية سودانية شهيرة تهاجم برنامج "أغاني وأغاني" وتناشد الرئيس البرهان: (أوقف هذا السفه لأجل الشهداء الذين قدموا أنفسهم فداء لك)    البرهان يصل الرياض    تعرف على جوائز كأس العرب 2025    النوم أقل من 7 ساعات ثاني أكبر قاتل بعد التدخين    ريال مدريد ينجو من فخ ألافيس ويلاحق برشلونة    شاهد بالصور.. "جرجس روحي" يهاجم "زول سغيل" بسبب دارمته الجديدة: (كنت بتتريق علي الاحداث الانت حاليا بتحاول تمثلها ومجالك انت معروف شوف البنات الساقطات اخلاقيا والماعندهم اهل)    بعد غياب طويل.. أول ظهور للفنانة المصرية عبلة كامل بعد قرار السيسي    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    رئيس الوزراء يشهد تدشين الربط الشبكي بين الجمارك والمواصفات والمقاييس    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    الإعلامية سماح الصادق زوجة المذيع الراحل محمد حسكا: (حسبي الله ونعم الوكيل في كل زول بتاجر بي موت زوجي.. دا حبيبي حتة من قلبي وروحي انا الفقدته وفقدت حسه وصوته وحبه)    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد.. ومسافة
نشر في المجهر السياسي يوم 20 - 03 - 2016

و.. على ابن الجنوب ضميت ضلوعي!
مصطفى أبو العزائم
رحم الله الفنان الكبير (العميد) "أحمد المصطفى"، ورحم الله شاعرنا الراحل المقيم، الضابط العظيم "عبد المنعم عبد الحي"، عندما كتب الأخير لمدينة أم درمان وعنها، وغنى لها الأول، واحدة من أغنياته الخالدة (أنا أم درمان).
"عبد المنعم عبد الحي" نموذج لمواطن (وادي النيل) فأصوله تعود إلى جنوب السودان، وهو من مواليد مدينة "أم درمان" لأبوين ينتميان إلى إحدى أكبر القبائل النيلية والأفريقية، وهي قبيلة الدينكا، ودرس بأم درمان المرحلتين الأولية والوسطى ليغادر إلى مصر ويلتحق بحلوان الثانوية هناك، وينضم إلى الكلية الحربية المصرية ويتخرج ضابطاً في الجيش المصري، ويتزوج من سيدة مصرية فاضلة ينجب منها عدداً من الأبناء والبنات، واستشهد اثنان من أبنائه في حروب مصر مع إسرائيل، إذ استشهد الأول في حرب 1967، والثاني في حرب 1973، وكانا ضابطين في الجيش المصري.. وقد توفى شاعرنا الكبير عام 1975 ودفن في مصر التي أحبها وفداها بروحه وبنيه.
كتب "عبد الحي" شعراً جذلاً رقيقاً، ضمنه حبه وشوقه لأم درمان مثل (أنا أم درمان) لأحمد المصطفى، و(نار البعد والغربة) للفنان الكبير "حمد الريح"، و(على ربى أم درمان) لمحمد الحويج، و(المامبو السوداني) لسيد خليفة، وغيرها من أغنيات عظيمة لفنانين كبار مثل الراحلين "إبراهيم الكاشف" و"حسن عطية" و"عبيد الطيب" و"عثمان حسين" و"محمد حسنين" و"إبراهيم عوض" و"عبد الدافع عثمان" وغيرهم.
استمعت إلى مذكرات هذا الشاعر الكبير من خلال تسجيلات إذاعية بركن السودان في "القاهرة" ضمن سلسلة حوارات مطلولة أجراها معه الإذاعي والإعلامي المصري الضخم الأستاذ "فؤاد عمر" – رحمه الله – ثم اطلعت على تلك المذكرات أو الذكريات مدونة في كتاب كان هو تفريغاً لتلك الحوارات. وخلصت إلى أن الراحل المقيم الشاعر الكبير "عبد المنعم عبد الحي" هو النموذج المتقدم والمرجو لإنسان أو مواطن وادي النيل.
في زمان سابق تحسس بعض أشقائنا من أبناء جنوب السودان من أغنية (أنا أم درمان) لأن المغني يقول: أنا ابن الشمال سكنتو قلبي .. وعلى ابن الجنوب ضميت ضلوعي.. وأخذ ذلك البعض (يتفلسف) في تفسير كلمات الأغنية، ويحتج على أن (القلب) لأبناء الشمال، في الوقت الذي أصبح فيه (ما بين ضلوعي) لأبناء الجنوب، وهي تفسيرات تؤكد على مثلنا القديم (يغني المغني وكلٌ على هواه) أو كما قالت العرب قديماً: "كلٌ يغني على ليلاه". ولم يكن المحتجون يعلمون أن الشاعر جنوبي، بل من أبوين من قبيلة الدينكا!
لأبناء جنوب السودان حساسية مفرطة في نظرتهم للأحداث أو تقديراتهم للواقع قبل الانفصال، لذلك تمردوا وقابل كثير منهم المعاملة الخاصة من أشقائهم في الشمال بغير ما يستحق هؤلاء الأشقاء، وظنوا أن تلك المعاملة الخاصة نابعة من ضعف لدى أبناء الشمال – وتنامت تلك العقدة في نفوس الساسة والطبقة المتعلمة، وأخذوا يغذون بذور الحقد والكراهية حتى تنمو في نفوس أبناء الجنوب لمجابهة الشمال الظالم الباطش المستعبد، إلى آخر تلك الأوصاف والنعوت الرديئة والسيئة، لذلك عندما جاءت لحظة الاستفتاء والمفاضلة بين البقاء في حضن الوطن الكبير أو الانفصال، اختاروا الانفصال وأسموه (استقلالاً)!
لم تفكر إلا قلة قليلة من النخب السياسية والقيادات الجنوبية بالعقلية التي كان يفكر بها الشاعر العظيم "عبد المنعم عبد الحي"، لقد آثرت النخب الجنوبية أن تسجن عقولها داخل مرارات متوهمة واضطهاد متخيل، وتمييز غير موجود في أرض الواقع.. لذلك جاء الانفصال بإرادة شعبية واسعة وعريضة لا نشك فيها، ولكن أصبح كل الجنوب أمام امتحان صعب، ويوم الامتحان – كما نقول دائماً – يكرم المرء أو يهان.. وانكشف بعد امتحان الانفصال زيف دعاوى النخب التي أرهبوا بها العامة، وعاد (ابن الجنوب) ليعيش بين ضلوع السودان القديم كأنما هو يقوم بعملية استفتاء عكسي للوحدة أو الانفصال، ولكن هيهات، لقد انتهى الزمن.
الذين يحتجون على قرارات الحكومة الأخيرة الخاصة باعتبار أن أبناء (دولة جنوب السودان) لاجئين وليسوا رعايا أو مواطنين سودانيين، عليهم أن يتوجهوا هم أنفسهم نحو جنوب السودان، لا للعيش فيه، بل ليعرفوا كيف تتم معاملة قلة قليلة.. وهي قلة منتجة وفاعلة من أبناء السودان، وكيف تتم مصادرة أموالهم وممتلكاتهم بينما يتباكى المنافقون هنا على حسن المعاملة لملايين اللاجئين، ويطالبوننا بأن نمنحهم حق المواطنة الذي رفضوه من قبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.