(1) قلنا إن الاتحاد الأفريقي و"ثامبو أمبيكي" والقرار المشؤوم (2046) يقودون البلاد نحو مقصلة الذل والهوان.. قالت الحكومة ب(عنترية) لا تملك لها (حيلة) أن ملف الأمن أولاً.. وجاء "أمبيكي" وسلمته الرهائن الأجانب (بريطاني، ونرويجي، وجنوب إفريقي، وجنوب سوداني) الذين تم أسرهم عقب تحرير هجليج متلبسين بجرم التجسس.. "أمبيكي" استلم الرهائن مقابل وعد كذوب بأن يكون الملف الأمني أولاً.. اليوم يعلن "أمبيكي" (توافقاً) بين جوبا والخرطوم على تقاسم عائدات النفط، مؤكداً أنه سيتم استئناف انتاج النفط الخام في جنوب السودان.. (انتو فاهمين حاجة)؟!.. أنا فاهم حاجة واحدة، وهي أننا في عرض بحر من التنازلات المخزية، بحر متلاطم بأمواج الحسرة التي لا تجد شاطئ أو ساحل تتكسر فيه.. لو قالت الحكومة إنها قبلت بمبدأ التفاوض المتزامن لكل الملفات على أن يتوقف تنفيذ أي اتفاق في ملف آخر الاتفاق حول الملف لقلنا إنها حكومة (شاطرة) وتتعامل بذكاء تفاوضي يبين تقديمها لتنازلات ظاهرياً، ولكنها فعلياً ثابتة على موقفها المعلن.. أما وقد وقعت الحكومة المهرولة في المحظور، فليتدفق نفط الجنوب نحو بورتسودان ولتنهمر عائداته الدولارية على خزينة "سلفاكير" ليوزعها بسخاء على متمردي دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ليعثوا في أراضينا الطاهرة فساداً وإفساداً، بينما يستمر (اللت والعجن) في الملف الأمني دون الوصول إلى اتفاق أو حل.. لك الله أيتها القوات المسلحة الباسلة.. لقد توارى الوفد المفاوض خجلاً من الصحفيين، وهم عائدون بهذا الاتفاق المذل ليعودوا مرة أخرى للعبث التفاوضي بعد العيد؟!. (2) ذلك الشاب الأخرق الذي أشعل سيجارته داخل المسجد، وهو يدخل المسجد لأول مرة في حياته في إطار بحث المعارضة عن ربيع سوداني، حيث دفعت به وبأمثاله لتكون المساجد منطلقاً لذلك الربيع.. هذه الواقعة المدهشة لفتت نظر هيئة شؤون الأنصار إلى محاولات البعض لاستغلال المساجد لأغراض خلاف الصلاة والعبادة وتلاوة القرآن.. هيئة شؤون الأنصار واحدة من مؤسسات حزب الأمة القومي برئاسة السيد "الصادق المهدي" ولا تعمل بمعزل عن الحزب.. علينا أن نثمن عالياً هذا الموقف الوطني إلى يمثل حالة من حالات التعافي السياسي المرتجى لمؤسساتنا الحزبية. (3) بالأمس القريب قلنا إن رمضان أقبل نشواناً مغتبطاً.. أما اليوم فقد قطع أكثر من نصف مشواره معنا في غمضة عين.. اليوم نذرف الدموع على فراق هذه اللؤلؤة الروحانية.. كلنا ذلك الشاعر الملتاع الذي قال مخاطباً رمضان المودّع: أيها الضيف تمهل.. كيف ترحل؟ والحنايا مثقلات، والمطايا تترجل كيف ترحل هل عتقنا؟ أم بقينا في المعاصي نتكبل؟ أيها الشهر تمهل.. خذ فؤادي حيث سرت، فحنيني يتنقل (4) الكتابة ليست وسيلة تعبير فحسب، وإنما التزام وأمانة وقد يمتد مفهوم هذا الالتزام ليشمل الكثير من المعاني، فمثلما يرى "نزار قباني" إن مهمته كشاعر تجعله مسؤولا عن كل نخلة، وعن كل عصفور، وكل فلاح، وكل صياد سمك، وكل طفل ذاهب إلى المدرسة، من طنجة إلى رأس الخيمة؛ فالكاتب أحياناً يرى في نفسه مسؤولاً عن حادث سير هنا، أو شجار هناك، حتى ليظن أن مهمته الصحفية تعادل مهمة ولي الأمر، هكذا جاء مصطلح السلطة الرابعة.. قد لا نتفق مع من يضع الكتابة في قالب فلسفي شاطح، ويدعي أنه يلجأ إليها ليخفف من وطأة معاناته وقلقه، فينقل تلك المعاناة من أعماقه إلى أعماق الورق بل يدعي أنها كفاحه من أجل البقاء!!، لكن أن تكون الكتابة من أجل محاسبة الذات، فذلك أمر يتسق مع العقل والمنطق؛ لأن محاسبة الذات ليست ببعيدة عن الكتابة للآخرين، فعندما يكتب الكاتب إنما يحاسب نفسه أولاً ومن ثم المجتمع من حوله. { آخر الكلام: نقل عن الخليفة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله – أنه بلغه أن ابنه اشترى خاتماً بألف درهم، فكتب إليه: إنه بلغني أنك اشتريت خاتماً بألف درهم، فبعه وأطعم منه ألف جائع، واشتر خاتماً من حديد بدرهم، واكتب عليه (رحم الله امرأ عرف قدر نفسه).