كثير من شركات الاتصالات عندما تريد أن تستفسر عن أمر متعلق بالاتصالات، كسعر الدقيقة أو كيفية الدخول إلى الانترنت عبر الموبايل، تلاحظ أن المتحدث معك، ولداً أو بنتاً، يقدم لك التحية بصورة رقيقة ويعرفك بنفسه أولاً، ومن ثم يسأل عن اسمك وعمّا تريد الاستفسار عنه.. يبدأ معك بصورة تخجلك، وتحس بأن الشخص الذي تتحدث معه إن كان ولداً أو بنتاً ليس من أبناء السودان؛ والسبب بسيط، أن المعاملات الكثيرة التي تجعل المواطن يحتك الاحتكاك المباشر تختلف تماماً، فمثلاً إذا أجرينا مقارنة مع جهات أخرى تجدها تختلف تماماً، فهل ناس الاتصالات أقاموا دورات تدريبية للموظفين، حول كيفية تعاملهم مع الجمهور وامتصاص غضبه؟!.. ربما هناك فهم جديد، ولكن تعالوا معي لجهة من المفترض أن تعلم موظفيها كيفية التعامل مع الزبائن، خاصة وأن الزبون هذا يحمل مالاً كثيراً يحاول أن يودعه بأحد البنوك، أو يريد أن يسحب مالاً كان قد أودعه بأحد البنوك. الظروف دعتني أذهب إلى بنك الخرطوم فرع المحطة الوسطى أم درمان، دخلت البنك، ووقفت أمام الكاونتر، فنبهني الموظف لأخذ ورقة حتى تكتمل معاملتي مع الموظف.. وفعلاً ذهبت وأخذت الورقة، وكان الرقم بعيداً، ولو انتظرت ربما ضاع اليوم نظراً للعدد الكبير من العملاء المنتظرين لإجراء معاملاتهم، سحباً كانت أو إيداعاً، وهناك ثلاث نوافذ خالية من الموظفين، والعدد المنتظر كبير، والموظف الذي يقف الزبون أو العميل لإنهاء معاملته يستغرق أكثر من ربع ساعة لانشغاله بآخرين، والبطء في إكمال المعاملة. طلب مني عامل الهدف الصعود إلى أعلى؛ نظراً لكثرة الزبائن تحت، فصعدت أعلى السلم ووقفت أمام الموظف، ولكن شعرت أن أعلى السلم وأدناه سواسية من الازدحام وكثرة العملاء، فعدت مرة أخرى وتحدثت مع الموظف، وفجأة جاء عامل وبصورة لا تليق ب(شماسي) ناهيك عن عامل (رابط عنقه)، لم يحسن التعامل مع الزبائن، ولم يعرف كيفية التعامل مع عملاء البنك الذين من مالهم المودع يصرف ماهيته ومستحقاته، تركنا عامل الهدف، فإذا بموظف يبدو أنه حديث عهد بالمدينة، وقرويته مازالت تلازمه، ولم يتعلم كيف يتعامل مع الزبائن أيضاً، فبينما كان الحديث بيني وزبون آخر، فجأة، وبدون احترام، وكأننا في سوق الشمس الذي لم يعرفه، وهو بالقرب من البنك الذي يعمل فيه، صاح فينا بصوت عالٍ: (النقة) شنو؟!، وكأنما نحن (بنق) في عمارته ذات الخمسة طوابق أو منزله الفاخر بكافوري أو بالأحياء الراقية بأم درمان. يا عزيزي، يبدو أنك مازلت إقليمياً، لم تعلم كيف يخاطب موظفو البنوك عملاءهم حينما كانت البنوك لا يعمل فيها إلا الراقون من الموظفين، يتحدثون همساً ويجبرونك على احترامهم.. لم تسمع منهم إلا صوت الورق أو الماكينة التي توضع بها النقود. لقد وجدت فرقاً كبيراً بين معاملة موظفي الاتصالات، وهم لا يرونك، وبين أولئك الذين تأتي إليهم طائعاً مختاراً لتودع نقودك التي يعيش عليها هذا الموظف.. فيا ليت إدارة البنك تجري كورساً في كيفية معاملة الزبون، وإنهاء معاملاته في أسرع وقت.