(1) (لحظة يا جماعة لحظة) عبارة كررها "الطيب إبراهيم محمد خير" رئيس المؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية مئات المرات في محاولات مستميتة منه للسيطرة على دفة جلسات المؤتمر.. كما كان متوقعاً فقد ثار نقاشٌ ساخنٌ حول نقطتين أساسيتين هما: (انتخاب الأمين العام) و(القيادة العليا للحركة).. البعض يريد أن يُنتخب الأمين العام من مجلس شورى الحركة وهذا ما جاء به مشروع الدستور، بينما يريد البعض الآخر أن يكون ذلك من حق المؤتمر العام وهذا يتطلب إدخال تعديل على مشروع الدستور المطروح.. الجدل حول النقطة الأخرى، (القيادة العليا للحركة) دار حول مهمتها وطالب البعض باضافة كلمة (تنسيقية) حتى لا تكون هذه القيادة (مُكبِّلة) لعمل الأمين العام.. لكن مسألة من ينتخب الأمين العام أخذت القسط الوافر من النقاش المحتدم والآراء المصطرعة، وتدخلت عدد من القيادات لتوضيح دواعي انتخاب الأمين العام من مجلس الشورى حسب ما جاء في مشروع الدستور.. في تقديري أن تمريناً ديمقراطياً ساخناً قد جرى وأصاب عضلات الشورى والرأي الآخر المرتخية بشدّ عضلي حتى درجة الإعياء.. النتيجة بكل المقاييس كانت إيجابية تُحسب لصالح الحركة الإسلامية وممارستها للعمل السياسي المحترف.. لم يكن المنتصرون هم أصحاب الرأي القائل بانتخاب الأمين العام عبر مجلس الشورى، ولكن كان المنتصر الوحيد الممارسة الشورية والديمقراطية التي يجب أن تحتذي بها كل الأحزاب والقوى السياسية السودانية. (2) عندما تدافعت القيادات تطلب فرصة الحديث ل(لملمة) موضوع انتخاب الأمين العام، احتج أحد المؤتمرين بأن التنفيذيين نالوا ثلاثة أرباع الفرص وقال: (الجماعة بتكلموا أربع سنوات ونحنا نسمع وبرضو عايزين يتكلموا تاني؟)!!.. القيادات التي تحدثت هي: "علي عثمان محمد طه"، "الحاج آدم"، "نافع علي نافع"، "مصطفى عثمان إسماعيل"، "الزبير أحمد الحسن"، "عثمان الهادي"، "عبد الرحمن الخضر"، "رجاء حسن خليفة"، "الفاتح عز الدين"، "سامية أحمد محمد".. من القيادات التي وقفت بجانب انتخاب الأمين العام من المؤتمر العام: "حسن عثمان رزق"، "صلاح الدين كرار"، "سعاد الفاتح".. أما "غازي صلاح الدين" الذي يتمتع بشعبية كاسحة فقد أخذ موقفاً (وسطاً) لكنه شدد على أن يحكم أعضاء المؤتمر ضمائرهم وليس (التوجيهات) التي قد تدعو للوقوف بجانب رأي بعينه مذكراً أنها أمانة.. "عبد الرحيم حمدي" وزير المالية الأسبق كان جالساً في المقاعد الخلفية وفي غمرة النقاش والجدال غادر القاعة (منسحباً) بهدوء. (3) قادة الحركات الإسلامية العالمية الذين شاركوا ولبوا الدعوة مثل "راشد الغنوشي"، "خالد مشعل"، "محمد بديع"، "سيد منور حسن"، "بشير الكبتي"، يعلمون تفاصيل الخلاف بين جناحي الحركة (الوطني) و(الشعبي) وكلهم ألم وقد عبروا عن أمنياتهم بأن تتوحد الحركة من جديد.. بيد أن الرسالة المفتوحة التي بعث الأمين العام للمؤتمر الشعبي "حسن الترابي" إلي أعضاء وفود الحركات الإسلامية العالمية في أول ايام المؤتمر لم تضف شيئاً لم يكن معلوماً لديهم.. قال "الترابي" للقيادات الإسلامية العالمية:(إننا نتبرأ من هذا المشروع المدّعى أنه للحركة الإسلامية بالسودان، وإننا لا نعرف لها علماً وهدى فكرياً ولا سياسة مما ينسب حقاً إلى الإسلام).. أعتقد أن الرسالة فيها كثير من العسف ومحاولة لاستباق ما يمكن أن يحكم به الضيوف على سير أوضاع الحركة الإسلامية السودانية.. مرارة الشيخ "الترابي" ظهرت بشكل جلي في ختام رسالته المفتوحة عندما قال: (أقام ولاة الأمر الحاكم مؤتمراً سمَّوه الحركة الإسلامية ليحتكروا تلك الصفة لأنفسهم وعزلوا أعلام الحركة المعهودين مكبوتين أو معتقلين). • آخر الكلام: مازال المشفقون الخلّص ينتظرون مبادرة للإصلاح بين الإخوة، فإن لم يتفقوا سياسياً وهذا ليس ضرورياً فليحفظوا الود بعضهم لبعض.. ليقتدوا بالسلف الذي سار على مبدأ (رأيي خطأ يحتمل الصواب ورأي غيري صواب يحتمل الخطأ).