(1 ( قد يتساءل البعض ماذا يُريد الرئيس اليوغندي "يوري موسفيني" من السودان، خاصة بعد انفصال جنوب السودان وذهاب الجمل بما حمل؟.. التساؤل المرير يفرض نفسه باعتبار أن تحرش "موسفيني" بالسودان بسبب أطماعه في ثروات جنوب السودان، وطالما أن الجنوب انفصل فمن الطبيعي أن يكفي ذلك السودان شرّ "موسفيني".. لكن الرجل واصل تربصه بالسودان ومن هنا تتملك البعض الغرابة والدهشة.. آخر الأخبار قيام "موسفيني" بزيارة سرية لجوبا قبيل قمة الرئيسين "البشير" و"سلفا" الأخيرة بأديس أبابا.. "موسفيني" سلّم "سلفا كير" (5) محاور بالتنسيق مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، فالرجل مندوب سامي لواشنطن ومسؤول لديها عن ملف الإرهاب في القرن الأفريقي.. واشنطن تريد إنقاذ دولة الجنوب الوليدة من حافة الهاوية الاقتصادية بسبب وقف تصدير النفط الذي تمثل إيراداته (98%) من موازنة الدولة.. واشنطن لا تريد أن تدخل جوبا في صراع مسلح مع الخرطوم في الوقت الحالي، لأن الخرطوم تتفوق عليها عسكرياً مع قدرة اقتصادها على تحمل غياب النفط أكثر من جوبا، بينما قيادات في الجيش الشعبي يعوزها التعقل بل يقودها التهور تدفعها مرارات وحقد قديم تريد الدخول في مواجهات عسكرية مع الخرطوم دون أن يقوم ذلك على حسابات دقيقة.. أما "موسيفيني" فهو لا يريد أي علاقات طبيعية بين الخرطوموجوبا فذلك يقف حجر عثرة أمام أطماعه في ثروات الجنوب، فمن مصلحته أن تسوء العلاقة بين البلدين لحد المواجهة العسكرية، فالمحاور ال(5) التي تزود بها "سلفا" تتضمن استصحاب الرؤية الأمريكية، لكن "موسيفيني" لديه أيضاً أجندته الخاصة.. إن حدث انفراج في قمة (البشير – سلفا)، فذاك من واشنطن وإن بقي حال العلاقة بين البلدين سيئاً كما هو، فذاك بسبب جهود "موسيفيني" الشريرة. (2 ( لم يُعرف الرئيس "موسيفني" بلقب مثلما عُرف بلقب زعيم (ثورة الجمام)، لأنه جاء بانقلاب دموي راح ضحيته كثير من المدنيين والأبرياء.. مؤشرات تواضع تفكير "موسيفيني" تصرفه الساذج عندما استضافت بلاده قمة الاتّحاد الإفريقي في يوليو من العام (2010م)، حين طلب من الرؤساء الحاضرين الوقوف دقيقة حداداً على ضحايا حادث تفجير داخلي بسبب إخفاق أمني لحكومته.. "موسيفني" دعا في كلمة طويلة ومملة أمام القمة إلى ما أسماه ب(التغلب على هؤلاء الإسلاميين ولا بد من ذلك)؟!.. مواقف عديدة تؤكد عداء نظام "موسيفني" للسودان.. كثيرة هي العناوين الصحفية التي أكدت ذلك العداء منها على سبيل المثال: (القبض على يوغنديين شاركوا في احتلال هجليج)، (منح جواز سفر يوغندي لياسر عرمان)، (جوبا تطلب من كمبالا (5) طائرات ميج لتوجيه ضربة جديدة للخرطوم).. (قائد الجيش اليوغندي يؤكد الوقوف مع دولة جنوب السودان في أي صراع لها مع السودان).. الحركة الشعبية في غمرة سكرتها لا ترى في يوغندا إلا صديقاً لابد من صداقته.. يبلغ عدد سكان يوغندا (33) مليون نسمة ومساحتها تشكل ثُلث مساحة جنوب السودان، بينما سكان دولة الجنوب حوالي (8) ملايين، فالدولة الجديدة في نظر كمبالا (امتداد) طبيعي لها، وقيام دولة (غنية) نسبياً بالقرب من شمال يوغندا المضطرب يعني توفير سوق استهلاكي ومصدر للثروات، خاصة البترول. • آخر الكلام: الحزب الشيوعي فقد قاعدته الفكرية بموت الماركسية حين انهار الاتحاد السوفيتي، كذلك حزب البعث العربي، سواء كان جناح العراق أو جناح سوريا فقد قاعدته الفكرية بانهيار نظام صدام حسين وكذا نظام بشار الأسد الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة.. عليه فقد أصبحت الأحزاب السودانية التابعة لتلك الأنظمة تعاني من حالة انعدام وزن رغم إصرارها الغريب على أن الفكرة لديهم مازالت حية بيد أنها ارتضت وقنعت بأن تكون مجرد ظواهر صوتية (عيييك وووك واااك).. البعض في المؤتمر الوطني يُريد قتل قاعدة الفكرة وتذويب الحركة الإسلامية ليغدو المؤتمر الوطني كذلك ظاهرة صوتية أو حزب المصالح في أحسن الأحوال!!.