لا أدري حالنا .. فوزير المالية بشرنا في ديسمبر الماضي .. عقب إجازة ميزانية الدولة بالتصفيق من البرلمان .. بأن عام (الصدمة) قد انتهى، ما يعني أننا ابتداءً من أول يناير الحالي .. سنكون قد تجاوزنا تلك الصدمة .. وسنبدأ في حصد ثمار الصبر الذي عشناه حتى النخاع ! كالعادة .. كانت الميزانية الجديدة، تحوي في خفاياها .. أكثر مما يظهره شكلها الخارجي، ولذلك .. تبخر كلام الوزير سريعا، حيث لم نر بارقة أمل تلوح من قريب أو بعيد .. لتوحي بأن الصدمة انتهت، أو حتى توقفت دون أن تتفاقم ! أشرقت شمس يناير .. أول يوم في الميزانية .. لتطير كما قلنا أمس الأدوية بنسبة 30 %، وهو أمر لم يعرفه المواطن، ولم تكشف عنه الميزانية، بل وكان البرلمان نفسه آخر من يعلم ، حيث أشارت أخبار الأمس .. بأن لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في البرلمان .. ستبدأ في التقصي عن زيادة رسم إضافي على الأدوية، وهو الخبر الذي نشرته الصحف، ولم يكن البرلمان على دراية به ! الأسئلة الحائرة تقفز إلى الأذهان .. لتستفسر عن العجائب التي تحدث في السودان . فكيف يتم فرض الرسوم دون أن تتضمنها الميزانية وتوقعات الإيرادات ؟ وهل الرسوم الخطيرة التي يتم فرضها على سلع شديدة الحساسية كالبترول والدواء والدقيق والكهرباء والمياه .. تكون خاضعة لأهواء الوزراء والمتنفذين في الوزارات أم أنها جزء من بنود الميزانية التي يتم إجازتها من البرلمان ؟ وإذا افترضنا أن هذه الرسوم جزء من الميزانية .. فكيف كانت خافية على الرصد والتوقف عندها وقت الإجازة ؟ وإذا كانت من الصلاحيات الوزارية اللاحقة على إجازة الميزانية .. فكيف يتم تمريرها وتنفيذها دون أن تمر على البرلمان وتحظى بموافقته المسبقة ؟ المعلومات المنشورة تقول إن هناك رسما إضافيا تم تطبيقه على الأدوية، ما زاد من أسعار الدواء المتصاعد أصلا، والمعلومات المنشورة أيضا تقول إن اللجنة الاقتصادية والمالية بالبرلمان لم يتم إبلاغها بالرسم الجديد حتى الآن . تلك المعلومات .. لا شيء يجعلنا حتى الآن نتشكك فيها، خصوصا وأن الزيادات على الأدوية ليست محل إنكار من أحد، لكن الصدمة، على أي حال، لا تتوقف عند قطاع الدواء .. فالدولار نفسه ما زال محل شد وجذب، رغم الاجراءات الحازمة التي تتم حاليا للسيطرة عليه، مع قناعتنا الكاملة بأن الخلل لم يكن أبدا بسبب مضاربات تتوهم الحكومة أنها السبب، بل هو في نقص الموارد الدولارية .. أو سوء توظيفها وفقا للأولويات .. إذا استصحبنا ما نسمعه عن موارد الذهب والثروة الحيوانية التي يتم الحديث عنها. مشكلة الدولار المتفاقمة .. انعكست على قطاعات شديدة الارتباط بحالة الناس، سواء في الصادر، أو الوارد، أو السلع الداخلية، وليس بعيدا عن الأذهان .. ما اضطرت الكثير من الصحف إليه بدءا من أول يناير ، سواء بزيادة الأسعار، أو بتخفيض الصفحات، أو بخفض المطبوع، أو الصمود على أحوالها قبل السنة المالية الجديدة .. وهو القرار الأصعب . الصدمة لم تنته أبدا، والمؤشرات تقول انها تتفاقم .. إن كنا نرى ونسمع بشكل سليم .