(1 ( يبدو أن السودان غدا قصعة تتكالب عليها الأكلة الأمريكية والأوروبية، فمن دعم قطاع الشمال مروراً بالحرب الاقتصادية وانتهاءً بالتنصير.. أوروبا المنافقة ومعها أمريكا أكبر المنافقين خصصوا مبلغ (24) مليون دولار لدعم النشاط السياسي والعسكري لقطاع الشمال.. الدعم الأوربي ورد إلى حسابات حكومة دولة الجنوب بأحد المصارف الكينية.. المنظمات الإنسانية كذلك هي حصان طروادة الذي يعول عليه (الاستعمار) الحديث لكسر إرادة الشعوب الحرة.. من الأسطورة الإغريقية استُنبط المصطلح (حصان طروادة) للدلالة على ما هو ظاهره نافع مفيد وباطنه ضرر أكيد.. وحكت لنا تلك الأسطورة أن الآخيون بقيادة "آغاممنون" شقيق "مينالاوس" قاموا بحصار طروادة لاستعادة "هيلين" زوجة "مينالاوس" ملك إسبارطة، وكان باريس قد اختطف "هيلين" أثناء زيارته إلى إسبارطة وأخذها إلى طروادة.. الحصار استمر لعشر سنين فدب القنوط في نفوس الإغريق وأيقنوا أنهم لن يتمكنوا من الاستيلاء على المدينة، عندئذ ارتأى "أوليس" اللجوء إلى الحيلة، فتظاهر الإغريق بأنهم على وشك إنهاء الحصار ومغادرة المكان، وكانت بعض سفنهم قد أبحرت لكنها توارت خلف جزيرة قريبة، بعد ذلك قام الإغريق ببناء حصان خشبي عملاق وأعلنوا أنه سيكون تقدمة إلى الإلهة مينيرفا، ولكن في الحقيقة كان الحصان مملوءً بالمسلحين، أما بقية الإغريق فقد تركوا مواقعهم وأبحروا تاركين الحصان الكبير خارج أسوار المدينة.. عند حلول الظلام قام "سينون" بمساعدة الإغريق المسلحين على الخروج من جسم الحصان ففتحوا بوابات المدينة ليسمحوا لإخوانهم الإغريق – الذين عادوا في الظلام – بالدخول إليها.. عندئذ أحرقت المدينة وأعمل الإغريق السيوف في الطرواديين وكانت تلك نهاية حروب طروادة.. (حلم) السودان بفك جوبا ارتباطها بما يسمى بقطاع الشمال هو أحد أحلام ظلوط لا سبيل البتة إلى تحقيقه.. يقول "جون أكوير" الأكاديمي الجنوبي المعروف إن الحركة الشعبية لا تزال موحدة في السودان وجنوب السودان في ميزانيات الجيش والعلاقات الخارجية.. "أكوير" أكد أن كثيراً من الدول الأوربية تتعامل مع الحركة الشعبية باعتبارها كياناً موحداً في الشمال والجنوب!!.. هل هذا التكالب والتربص تجدي معه فلسفات منظري الحوار والتفاوض؟، أم أن إستراتيجية المواجهة تقتضي عملاً محدداً؟. (2) في سياق ذي صلة بذات التكالب يجري نشاط تنصيري بجرأة مدهشة في العاصمة مستهدفاً كل قطاعات الشعب بما في ذلك الذين يتحلقون حول (ستات الشاي) في الأماكن العامة.. ضبط جهاز الأمن والمخابرات الوطني شبكة من الأجانب من جنسيات مختلفة وهى تمارس نشاطاً تبشيرياً وتنصيرياً واسعاً انطلاقاً من إحدى الشقق المفروشة بمنطقة أركويت.. عناصر الشبكة يستغلون بالضرورة بسطاء الناس وشرائح الضعفاء فى الأحياء الطرفية للعاصمة.. في العام (2009م) تم ضبط (50) كرتونة تحوي (3400) نسخة من الإنجيل بمقر منظمة أمريكية تدعى (لا مزيد من العطش) بواسطة سلطات ولاية شمال دارفور.. في نوفمبر الماضي أطلق "عثمان محمد يوسف كِبر" والي شمال دارفور صرخة داوية معلناً عن تسرب أقراص مهلوسة تسمى (بالطفل الهارب) وسط الشباب تعمل على خلق الاكتئاب النفسي وانهيار قوة الشباب البدنية وتؤثر على الرجولة.. قبل صرخة "كِبر" بعدة أسابيع أعلنت وزارة الداخلية أن نسبة تعاطي هذه السموم في ارتفاع وبلغ من تعاظمها أنها تجاوزت نسبة (300%).. بعد ذلك يحدثوننا عن حرث البحر والحوار مع دولة الجنوب قاعدة الغرب والصهيونية العالمية.. في أعقاب سقوط الإمبراطورية العُثمانية أصبح التغريب أشدّ خطورة لا على الأمن الثقافي فحسب، وإنما على الأمن القومي الاسلامي برمته.. فالتنافس المحموم بين الإرساليات الكاثوليكية والإنجيلية أدى إلى قيام منظومتين ثقافيتين عالميتين، هما الفرانكوفونية والانجلوساكسونية، وهما إلى اليوم تخوضان "حرباً" ثقافية باردة بمعنى أن الصراع الدائر بينهما لم يعد يقتصر، كما كان بالأمس على التبشير؛ وإنما تخطاه إلى كل ما يمت بصلة إلى الشؤون الثقافية والفكرية والإعلامية والفنية والأدبية والعلمية والتكنولوجية واللغوية وغيرها.. ما يستدعي الانتباه أن منطقتنا لا تزال محور هذا التنافس وموضع تجاذب كبير من جانب المنظومتين، بحيث لم يخل أي قُطر من الأقطار من تأثير كل منهما فيه. • آخر الكلام: قال تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) البقرة 120.