(1) كل أمنياتي أن تكون الحكومة المهرولة بدون عُدة نحو التفاوض والحوار مع جوبا قد تعلمت من تجاربها ومن لدغة جحر الحركة الشعبية.. جحافل الحشود العسكرية للجيش الشعبي ومتمردي دارفور تتجه اليوم صوب هجليج ودارفور.. يقول "سليمان أرباب" المسؤول السياسي لحركة تحرير السودان (جناح عبد الواحد نور) بجنوب السودان إن الجيش الشعبي أكمل تخريج مجندين تابعين لحركة "مني أركو مناوي" في معسكرات للتدريب بمنطقة طمبرة، وهم في طريقهم إلى ولايات دارفور.. كم طالبنا بأن يعد السودان العدة لمواجهة مكر الجيش الشعبي، وأن التفاوض لا يعني أن نهمل إعداد القوة ورباط الخيل نرهب به كثيراً من قادة الجيش الشعبي المسكونون بمرارات الحرب السابقة في الجنوب.. ومن لا يعلم أن السلام دائماً تحرسه القوة وسلام بدون قوة هو أضغاث أحلام؟!.. نحن لم نكن لنلوم "إدريس محمد عبد القادر" وهو يحلم بالسلام ويدعو بحماس إلى منح مواطني دولة الجنوب (40) حرية بدلاً عن (4) حريات!!، لكننا كنا وما زلنا نعول على وزير الدفاع وهو لاشك أدرى باستراتيجية سلام القوى.. كم تمنينا أن يخلع الفريق أول "عبد الرحيم محمد حسين" الكرافتة التي يبدو أنها استهوته ويلبس (لبس خمسة) ويمنح أبوته لجنوده وبدلاً من الزيارات المكوكية لأديس أبابا التي كان حصادها هشيماً ذرته رياح عنجهية "باقان أموم"، أن يقوم بزيارت مكوكية لجنودنا على طول الحدود الملتهبة مع دولة الجنوب المعتدية.. السودان لم يسع إلى الحرب بقدر ما هي فرضت عليه ومن كتبت عليه خُطىً مشاها.. ما زلت آمل في أن يكون وزير الدفاع مستوعباً لاستراتيجية السلام لكنه يعمل في صمت، وليس بالضرورة أن يعلم خططه (السرية) أمثال شخصي الضعيف.. إنه حسن الظن فلا تخيب ظننا، دع "إدريس" يلت ويعجن ما شاء الله له وضع أصبعك على الزناد وأكسر القلم الذي وقعت به اتفاقات لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به. (2) آخر مرة التقيت فيها الرئيس الأريتري "أسياسي أفورقي" قبل حوالي (3) أعوام في فرنسا على هامش مؤتمر الفرانكفونية الذي استضافته فرنسا في مدينة نيس الوادعة في جنوب البلاد.. في ركن قصي بالفندق الذي نزل به الرؤساء المشاركون وقد اختاره بعناية، جلس "أفورقي" متأملاً الزميل الصحفي "الهندي عز الدين" وقد زاملني في تلك الرحلة وشجعني على اقتحام عزلة الرجل في تلك اللحظات.. تواضع الرجل فضلاً عن قربه الوجداني من السودانيين عوامل ساعدت في ترحيبه بنا.. في تلك الجلسة القصيرة لمست كيف يجمع الرجل بين التواضع والاعتزاز بالنفس.. رغم الملاريا الخبيثة، ورغم التقدم النسبي في العمر- (67) عاماً – لكن نظراته الفاحصة كانت تُحدّث عن عزيمة كعزائم الشباب وإصرار على تحدي الصعاب.. في (21) من الشهر الماضي فوجئ الناس باحتلال عسكريين وزارة الإعلام في أسمرا، حيث أرغموا أجهزة الإعلام الرسمية على بث بيان يطالب بالإفراج عن سجناء سياسيين، فيما وصفه البعض بأنه (حركة تصحيحية) للوضع السياسي في البلاد.. أهمية أريتريا للسودان جعلت الرئيس "البشير" يزور "أسياسي" متفقداً ومستفسراً عما حدث.. بعيداً عن العبارات النمطية التي تصدرها الدوائر الرئاسية مثل (إن الرئيسين أكدا على أنهما سيواصلان المشاورات فيما بينهما لتدعيم السلم والاستقرار والعلاقات الثنائية بين بلديهما)، يمكن أن نجزم أن كلاماً جاداً دار حول الأوضاع الأمنية خاصة وأن مدير جهاز الأمن الوطني رافق الرئيس في زيارته.. لعل أهم إخفاقات "أفورقي" الخارجية تدهور علاقاته مع أثيوبيا الدولة الأم لدرجة قيام حرب دامية بين الطرفين.. انتماء "أفورقي" عرقياً إلى أقلية (التيجراي) التي ينتمي لها حليف الأمس رئيس وزراء إثيوبيا الراحل "مليس زيناوي" الذي يعود بدوره إلى أصول إريترية من ناحية الأم، كل ذلك لم يمنع الحرب وحالة العداء السافر بينهما حتى وفاة الأخير.. الخرطوم اليوم مؤهلة لإعادة مياه العلاقات الإريترية – الأثيوبية إلى مجاريها، وربما كان غياب "زيناوي" عاملاً إيجابياً يدفع نحو إذابة الثلوج.. استقرار القرن الأفريقي، استقرار للسودان لا محالة. • آخر الكلام: امنعوا تعاطي السياسة في الجامعات، واحذوا حذو جامعة الرباط الوطني، و(أقطعوا العرق وسيحوا دمو).