{ سياسيون محترفون، وهواة، ووزراء بعدد الحصى (مهمون) وغير(مهمين)، رجالات إدارة أهلية بعمائم بيضاء، وعصي سوداء . . ممن يعرفون أنفسهم بمستودع الحكمة وقادة المجتمع.. وحكومات لولايتي جنوب كردفان وشرق دارفور يلتقون اليوم في الضعين عاصمة الولاية حديثة التكوين في غياب واليها -ردّ الله غربته وأسبغ عليه ثوب العافية.. لقاء الضعين اليوم قد يطول ويمتد لأيام وأسابيع من أجل تسوية النزاع الذي نشب داخل بطون قبيلة (المسيرية) وحصد أكثر من مائتين من الأرواح في أبشع نزاع تشهده منطقة غرب كردفان المرشحة كولاية جديدة قديمة، تعود بعد أن غيّبتها اتفاقية السلام، وقررت الحكومة عودتها أخريات العام الماضي لينشب نزاع مرير، ويعرقل عودة الولاية، ويهدد الأمن القومي للسودان الوطن. { مؤتمر الضعين يمثل اختباراً جديداً لقدرة مؤسسة الإدارة الأهلية في تقديم وصفات علاجية للنزاعات التي تنشب، واختباراً آخر لنظارة الرزيقات بزعامتها الحالية.. هل لا تزال الزعامة تملك كارزمية وقدرات الناظر مادبو؟؟ أم أوهنتها متغيرات السياسة وأفقدتها بريقها القديم.. ثم اختباراً آخر لحكومة جنوب كردفان التي تحلّت بقدر كبير من المسؤولية حينما انصرف الوالي وقادة القوات المسلحة والشرطة وجهاز الأمن حتى عن المعارك مع المتمردين لإخماد نيران الفتنة التي أطلّت بوجهها حتى داخل مدن القطاع الغربي، وسالت دماء الأبرياء من الشباب في القرى والبوادي والمدن. { النزاع الذي تجتمع له الضعين اليوم له أسبابه المحلية والتي شكل البترول أس تلك المشكلات، فالذهب الأسود أصابت لعنته البلاد، وقسمها لدولتين، وأصابت لعنته منطقة غرب كردفان بتحطيم البيئة المحلية وتهديد شعب بأكمله بالموت بمخلفات صناعة النفط.. ثم كانت التعويضات التي تقدمها الدولة للمجتمعات المحلية سبباً لنشوب الصراع.. وتنتهج شركات البترول ووزارة الطاقة سياسات تعويض فردية أقرب لشراء الأفراد لتقليل الإنفاق وكسب أكبر من ريع البترول ولا تهتم الشركات والدولة المركزية بتعويض الأهالي من خلال مشروعات حقيقية كالطرق والتعليم والصحة.. مما جعل مناطق إنتاج البترول من أفقر بقاع أرض السودان وأدت مناهج توزيع التعويضات لزرع الفتن بين بطون قبيلة المسيرية فحصدت بلادنا كل هذا العدد من ضحايا النزاع الأخير.. { مؤتمر الضعين اليوم ليس مطالباً بأكثر من إعمال مبدأ المصالحة و(استحضار) روح التعايش وفق الأعراف وتضميد جراح الأشقاء وأبناء العمومة حتى تتهيأ المنطقة لعودة ولاية غرب كردفان في مقبل الأيام بعد أن عرقلها النزاع الدامي والمؤتمر مطالب بتجفيف منابع الدم وقتل شيطان الفتنة وإعادة تاريخ مؤتمرات عديدة احتضنتها ديار الرزيقات وحققت نجاحات يذكرها التاريخ في صحائفه التي لا تهمل حق من يعطي ويبذل ويضيء دروباً معتمات!!