* تلفاز البلد يحتفي بالنهضة الزراعية ... لاتسئ الفهم سيدي القارئ ... النهضة الزراعية التي يحتفي بها التلفاز هي نهضة فى مرحلة الحلم ولم تعد واقعاً في حياة الناس ، والتلفاز يحتفي بهذا الحلم .. ليس هناك مايمنع التلفاز - أو غيره - من حق الاحتفاء والتبشير بهذا الحلم حتى يصبح حقيقة..ولكن الغناء للحلم لايكفي ، وكذلك لتحقيق هذا الحلم - أو أي حلم - يجب البحث عن الوسائل التي يمكن بها تحقيقه .. نحن نحلم كثيرا ، وكثيرا ما نغني لأحلامنا بمختلف لهجاتنا ولغاتنا، ولكن حين تشرق علينا شمس الحقيقة نكتشف بأننا كنا بلهاء ليس أكثر ولا أقل ، والأبله هو من يهدر وقته في التغني بأحلامه دون أن تحدثه نفسه بمنح بعض الوقت للبحث عن الوسائل التى بها تتحقق تلك الأحلام ، وهذا يسمى شعبياً ب « حشاش بي دقنو » .. ومنذ الاستقلال نحن نجيد هذا النوع من « الحش » .. ولكن منذ زمن ليس ببعيدٍ أصبحنا - نفوق العالم أجمع - في التغني للأحلام أكثر من البحث عن الوسائل ، وكان مشروع النفرة الخضراء هو آخر حلم احتفى به التلفاز والإذاعة وكل ذو لسان وشفتين بالدولة والحزب ، وحين انتهى الحفل حصد البلد زيادة في سعر القمح والذرة ثم فجوة غذائية فى بعض الولايات ، بيد أن أموال النفرة الخضراء ضلت طريقها من بنود الزراعة الى بنود آخرى يعلمها الله ثم ولاة أمر الناس في بلدي ، ومع ذلك لم يحاسب أحدهم الآخر ، فلا وقت للمحاسبة ، فالوقت الآن للاحتفاء بحلم آخر يجئ - هذه المرة - تحت مسمى النهضة الزراعية ....كان على الدولة أن تبدأ النهضة الزراعية بمحاسبة الذين أفشلوا النفرة الخضراء .. ولكن ..« نقول شنو ؟.. الله في ..» .. !! * النهضة الزراعية التي يحتفي بها تلفاز البلد يجب أن تكون قد بدأت هذا الموسم ، كما تقول خطة النهضة .. ولكن التلفاز لو خرج - بكاميرته ومايكرفونه - من مكتبة الأغاني إلى حيث أرض الزرع والزراع لاكتشف هناك كيف بدأت هذه النهضة ، ولعكست لولاة الأمر ثم الرأى العام - بكل صدق - تلك البداية .. ويا لها من بداية .. على سبيل المثال - لا الحصر - صغار المزارعين فى بلدي هم الذين يزرعون وينتجون 60% - أو أكثر - من غذاء أهل البلد في كل أرجاء البلد - بالري الطبيعي والمطري - ولهؤلاء يجب أن ترسل وزارة الزراعة الاتحادية البذور المحسنة - التقاوى - في ميعاد الزرع ، ونحن اليوم في الثلث الأخير من شهر يونيو ، وهذا يعني - للزراع - بأن ميعاد الزرع يجب أن يكون قد حل في مزارعهم واقعاً لا شعاراً في التلفاز.. ولكن تأمل حال مزارعهم ياتلفاز البلد .. مزارعو نهر النيل - ولاية تبعد كيلومترات عن مباني التلفزيون - لم يستلموا غير 19% من التقاوي حتى يوم الخميس الفائت .. مزارعو البحر الأحمر - ولاية فركة كعب من مقر التلفزيون - لم يستلموا غير 34 % من تقاوي الموسم الذي تأخر.. مزارعو ولاية سنار - ولاية فركة كعب من مكتبة أغاني التلفاز - لم يستلموا غير 54 % من تقاوي الموسم الذي تأخر .. هكذا تلك النسب الهزيلة في تلك الولايات التي جئنا بها على سبيل المثال لا الحصر .. زراعها لم يستلموا - حتى يوم الخميس الفائت - تقاوى الموسم الذي تأخر .. كان على التلفاز أن يذهب إليهم ويسألهم عن الآثار السالبة التى تترتب على الحصاد - ومشروع النهضة - في حال تأخر موسم الزرع ، وإن كان الذهاب إليهم مرهقاً كان عليه أن يذهب الى وزارة الزراعة الاتحادية - القريبة دى - ويسأل وزيرها عن الأسباب التي أدت الى تأخير ترحيل وتوزيع تقاوي الموسم الى ولايات البلد ومزارعيها .. ولكن التلفاز لم يفعل هذا ولا ذاك ، رغم أنه إن فعل أمراً كهذا أو ذاك يكشف - لمن يهمهم الأمر - بعض معيقات النهضة الزراعية .. كشف المعيقات يسهل - لمن يهمهم الأمر - معالجتها قبل أن تتفاقم يا خادم الفكي المسمى بالإعلام الرسمي .. !! * الميزانية لم تكن سبباً في تأخير وصول التقاوي إلى الولايات .... وزارة الزراعة استلمت ميزانية التقاوي - على داير المليم - قبل موسم الخريف .. ولكن مصالح الشركات المناط بها ترحيل التقاوي هى السبب .. وتلك قصة أخرى ، نحكي حقائقها - غداً بإذن الله - لمن يهمهم أمر انجاح مشروع النهضة الزراعية .. بمواجهة الحقائق نهضت الأمم وزراعتها، وليس بأغاني قيقم و اليمني ...!! إليكم - الصحافة -الاحد 22/6/ 2008م،العدد 5391 [email protected]