لأهلنا المصريين وصف لطيف للأطفال المشاغبين كثيري (الغلبة)، يقولون عنهم: دول عيال معجونين بموية العفاريت! وهنا أقر بعدم مقدرتي على إدراك وجة الشبة ونوع المقارنة، يبدو لي – والله أعلم – أن الفكرة هي تصورهم بأن الطينة التي كان منها خلق هؤلاء العيال قد إختلطت بشئ من ماء العفاريت، وحينها يظل السؤال قائما عن ماهية موية العفاريت.. و(هو من أصلو.. كان العفاريت عندهم موية حقتم براهم؟؟) أما عندنا فمن المشاهد المألوفة في كثير من بيوت الأسر السودانية، مشهد الأم التي تندفع في ثورة وقد تسلحت بمفراكة .. عصاية أو قطعة خرطوش وبالعدم مقشاشة، تطارد في (الشفع) الملاعين، وهم يسرعون هربا من وجه غضبتها مثل (اولاد ابليس) ويتقافزون جريا ك(السخلات الخلعن مرفعين)، وعندما تيأس من اللحاق بهم، تتوقف وترسل خلفهم اللعنات: الله يقصكم زي ما دايرين تقصوا عمري .. يا قليلين الأدب .. يا ولادة الغضب !! فبسبب شغب الأطفال قد تستعمل الأمهات الغاضبات وبقصد (التشفي وفشفشة ضيق الخلق)، قد تستعمل الفاظا ونعوتا تضعها تحت طائلة القانون الدولي لما يمكن أن تتسبب به من دمار نفسي شامل وعُقد للعيال المشوطنين، لا يضاهيه الدمار الذي الحقه (علي الكيماوي) بأهالي كردستان! فعندما تقذف الأم الغاضبة باللعنة خلف إبنها (الفاكي البيرق)خوفا من طول يدها قائلة: تب عليك .. يا الولدة السابقة بسم الله!! أو تنعته ب(الولدة الخاسرة والبيعة الكاسرة) فإنها بذلك تكون قد تسببت له في تشوهات وإنبعاجات نفسية تدوم .. وتدوم .. وتدوم .. ما دامت به الحياة. يتم تصنيف (العيال) حسب السير والسلوك إلى نوعين: - ولدة الرُضى أو الولادة المرحمنة. وتشمل تلك الفئة الأطفال المسالمين هادئ الطباع ، الذين لا يتسببون في المشاكل ويمكن في سهولة قيادتهم فهم (زي اللقمة .. من اليد للخشم). - أما النوع الثاني فهم قليلين الأدب ولادة الغضب. ربما كان في ذلك الوصف – ولادة الغضب – كناية خفية وإسقاط من الأم تعبر به عن سوء الأحوال وتلبد سماوات العلاقة الزوجية بينها وبين بعلها بسحب الغضب آبان ولادته فتحمله وزر ذلك دون أن تشعر. أما ما قد حير شاويشي - بالجد - لغاية هسه، فجملة كنت قد سمعتها من إحدى الأمهات، كانت قد أطلقتها و(لا على بالا) خلف إبنها المِشُوطِن: أحييي أنا منك .. إنت يا عملي الردئ ال(الله) عاقبني بيهو !! في بلاغة أكتر من كده؟؟؟ دائما ما تكون (العفرتة والشيطنة واللقلقة) من أصعب ما تلاقي الأمهات من معوقات في محاولة تربية عيال العولمة والألفية الجديدة، كما شكلت تحدي حقيقي أمام اساليب التربية الحديثة، أما عن مسببات تنامي ظاهرة (شغب العيال) فقد تتعدد الأسباب والشغب واحد: - يمكن أن يكون السبب في ذلك الطبع (جاي من ورا) عبر الجينات الوراثية فأمثالنا تقول (جنا الفار حفار) وقالت العرب قديما (الإبن سر أو صنعة أبيه )، فلو كان الأب مشوطن فلابد للإبن من أن يكون (ود الشياطين) . - يمكن أن ينشأ الطفل بهذا الطبع نتيجة لطول الحبسة ومحدودية الحركة التي تحاصر الأطفال الذين ينشأون في مساكن ضيقة كالشقق التي تفتقر لمساحات اللعب الواسعة والحيشان، وأكثر من يعاني من أطفال تلك الفئة هم ابناء المغتربين، فالكثير من الأسر تعتبر عودة المغتربين وابناؤهم في الأجازة (زي فك المساجين)، فحبسة الشقق والجلوس لساعات طويلة أمام التلفزيون والعاب الكمبيوتر تجعل العودة للسودان في الأجازة بمثابة أعلان للتحرر والإنعتاق، فيكونون بذلك مثل (الفكوا وطار)أو (الأعمى الفتّح) فيعيثوا فسادا ويتسببوا في دمار المال والعقار مما لا تستطيع معه أسرهم الممتدة من معالجة ودرء آثاره حتى مواعيد الإجازة القادمة. - وقد تبتلى بالطفل المشاغب ليس لاي من الأسباب السابقة ولكن (ساي بس) إبتلاء أو غضب من الله أو سد لدين قديم كأن تكون (إنت ذاتك) قد تسببت في كثير من العنت والمشقة لوالديك فينبري إبنك ليخلصوا كلو من عيونك ويوريك النجوم في عز الضهر!!! لطائف - صحيفة حكايات [email protected]