* حلق بنا الدكتور أبو القاسم قور في فضاءات التعايش السلمي الذي هو نفسه احدى ثماره اليانعة لأنه نتاج هجين مسيري دينكاوي يتباهى به ويفخر ويحق له ذلك فهذا هو السودان الجميل الذي كان والذي مازلنا نسعى لاستصحابه في وجداننا ونحن نعمل من أجل سودان المستقبل الأخضر بإذن الله. * طاف بنا في سياحة ثقافية فنية في تراث البقارة وايقاعاتهم الهجين التي هي نتاج تداخل الايقاعات الافريقية والعربية بل وحتى الاسبانية كما ابان لنا ذلك عملياً حين أوضح اثر الفلمنجو في رقصة البقارة. * كان ذلك في امسية حية من أمسيات خيمة الصحافيين التي وان بدأ نشاطها متأخراً إلا انها اتاحت لنا في بحري الجميلة مساحات مقدرة من جلسات الاستماع والمؤانسة، إلا ان الدكتور ابو القاسم قور ادخلنا في عوالم السودان الجميل الذي جُرَ جراً في معارك لا ناقة له فيها ولا جمل، وللأسف مازالت آثارها عالقة في النفوس. * لذلك لم يكن غريباً عن قور وهو الباحث والكاتب الصحفي المهموم بقضايا المسرح والدراما بذات همه لنشر ثقافة السلام في كل ربوع البلاد خاصة وسط أهله المتداخلين بين مناطق المسيرية والدينكا. * لم تكن الأمسية محاضرة بالمعنى التقليدي للمحاضرة رغم المعلومات الغنية والدقيقة التي قدمها عن جانب من جوانب حياة البقارة الذين يشكلون قطاعاً عريضاً من مكونات الأمة السودانية يغطي مساحات واسعة خاصة في غرب السودان ومناطق التمازج المعروفة مع أهلنا في الجنوب. * لم تكن أيضاً عملاً استعراضياً مثل تلك الأعمال الاستعراضية التي ظللنا نشاهدها منذ أيام طيبة الذكر فرقة الفنون الشعبية القومية ونستمتع بايقاعاتها ولكنها كانت سياحة ثقافية فنية مشحونة بأشواقنا جميعاً في السلام والحب والوحدة والتعايش السلمي بين مكونات الأمة السودانية. * استطاع من خلال تقديمه ومشاركته الحية في هذه الأمسية ان يقنعنا بالدور المهم الذي يمكن ان يلعبه المسرح في نشر ثقافة السلام وقيم وممارسات الاعتراف بالآخر والتعايش السلمي معه بعيداً عن النزاعات والحروب التي نعلم أنها كانت موجودة من قبل ولكنها أُستغلت سياسياً في تأجيج النزاعات القبلية التي كانت محصورة حتى شوهت أدوار الهداي والحكامات. * ان فضاءات التعايش السلمي العملية الموجودة وسط قبائل البقارة والمسيرية خاصة مع قبائل الدينكا ان تستوعب كل النزاعات القائمة وفي أبيي خاصة التي هي أكبر مناطق التمازج القبلي إذا رفع المحرضون أيديهم عنها واوقفوا عمليات الشحن السالبة التي يروح ضحيتها الأبرياء من أبناء وطننا الحبيب. * ورمضان كريم. كلام الناس - السوداني - العدد رقم 1032 - 2008-09-28