اسعدتني المبادرة التي ابتدرتها صحيفة (الرائد) وذلك بافراد مساحة من اخيرتها لنشر اسماء المدارس التي تمارس سياسة (الدق) .. في سبيل تعرية تلك الممارسة البغيضة ومحاربتها، ولكن ما حير شاويشي هو أن ينبري أحد المستنيرين مثل الدكتور فتح الرحمن الجعلي للدفاع عن سياسة الضرب من خلال زاويته (وابل وطل) في صحيفة (الراي العام) ليوم الاثنين الموافق ١٣ اكتوبر، متحججا بضرورة وجود سياسة الضرب ولكن كخيار اخير على أن يكون بعد الترهيب وتهيأة المعاقب باحضار السوط كي يراه ثم يوضح له السبب في معاقبته قبل الضرب الذي يجب أن لا يكون مبرحا أو مؤذيا – حسب ما فهمت من المقال - مستندا في رايه هذا على نظرية والدته الكريمة التي كانت تقول (المطارق من الجنة) .. طبعا المطارق لل ما ضاق الجلد بيها هي جمع مطرق وهو سوط من فروع الشجر وبالذات شجرة النيم .. دي فيها مطرق شحطتو تمرصع مرصعة السواااد ! ما علينا .. شُغلت أذهان المشتغلين بعلوم الإنسان بقضية الثواب والعقاب في تربية الاباء للابناء، واختلفت الاراء حول هذه القضية ما بين رأيين متعارضين، رأي يؤيد العقاب بالضرب في التربية وأخر يعارضه. أما الجانب الآخر للقضية فهو استعمال سياسة العقوبة بالضرب في المدارس، والاختلاف حول هل يسمح بضرب الطلاب في المدارس أم يمنع .. حيث يرى المعارضون أن العقاب في التربية مرفوض مستندين في ذلك بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : ( ولن يضرب خياركم ) أما من يرى العكس فيستدل بتوجيهه صلى الله عليه وسلم للآباء أن يأمروا أولادهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ويضربوهم عليها إذا بلغوا العاشرة، على تأييد سياسة الضرب في المدارس .. وهذا الاستدلال في راي - شخصي الضعيف - خطأ، لان الصلاة ركن أساسي من أركان الإسلام ويجب الالتزام بها، ولو ضرب الوالد ولده بعد أن يأمره بالصلاة لمدة ثلاث سنوات دون أن يستجيب .. يبقى يستحق الضرب لغيوت ما يقول الروب كمان !! ولكن بامانة .. هل يمكن أن نقارن ترك الصلاة بشغب التلميذ في الصف أو كسله عن كتابة فروضه وواجباته المدرسية ؟ (طبعا لا وابدا لا) كما قال المغني النسيت اسمو !! أصحاب الرأي الذي يؤيد العقاب بالضرب يعتقدون بان الامتناع عن الضرب قد يقلل من هيبة المعلم في نفوس التلاميذ ويدفعهم لعدم سماع توجيهاته !! لكن يا جماعة الخير القال ليكم منو إنو التلاميذ لازم يخافوا من الاساتذة؟ هي مدرسة وللا سجن وسجان ؟ المسألة حكاية احترام ومحبة وليس خوف من (العصا لمن عصى) .. كلنا كاباء وامهات ندرك ونعي أن الضرب الكثير يؤدي ل (الزهزهة والزوزوة والجوجوة) ويزيد من درجات قلة الادب والعناد وقوة الرأس ولا ينقصها، كذلك فانه يجعل الطفل يخاف ممن يضربه ويكرهه وربما اطاعه طاعة عمياء بدلاً من المناقشة والفهم والإقناع .. وللا ما كدي يا جماعة ؟؟ بعدين يا جماعة المقارنة بين النظام والانضباط في مدارس زمان والتي كانت تمارس سياسة (الدق)، مع الحال في مدارس زمنا ده بتكون ظالمة .. قولوا لي ليه ! الزمن ما عاد هو نفس الزمن ولا الحال ياهو نفس الحال .. ضغوط الحياة غيرت النفوس فما عاد مدرس اليوم هو مدرس الامس .. ولا يمكننا فتح ثغرة كالسماح بممارسة سياسة الضرب، فعندما نسمح بها لا نستطيع ان نتحكم في كيفية وكمية الضرب الذي قد يتعرض له الطفل المعاقب .. اهو باب شر وانفتح!! فكثيرا ما يحمل المدرّس أو المدرّسة همومه وضيقه وزنقات الفلس وشمطاته مع شريك الحياة معه إلى المدرسة، فيبدأ يومه الدراسي عكرا و(اخلاقه في راس نخرتو) .. وساعتها يا ويل من يغلط ويقع بين يديه، فسوف (يفشفش غباينو) في الطالب المسكين الذي لا ذنب له سوى حظه العاثر الذي ساقه لان يغلط في يوم زهجة الاستاذ. عندما نسمح بسياسة الضرب لا يمكننا أن نتحكم في متى يمارس الضرب .. ولا كيف ولا بماذا نضرب، وكم عدد الجلدات التي يتلقاها التلميذ على غلطه؟ .. ولا في عدد الغلطات التي يغلطها التلميذ قبل أن نلجأ لضربه؟ بصراحة .. حكاية (الدق) دي (حايصة) لي وحارقاني شديد .. فمنذ ادخلت عيالي للمدرسة وانا اخاف عليهم بشدة من ان يتعرض احدهم للضرب على يد معلم زهجان .. وما زال في حديث (الدق) بقية لو الله حيانا والموت خلانا ممكن نرجع ونناقشه .. ويمكن لا .. كالعادة علي كيفي ! لطائف - صحيفة حكايات [email protected]