بين (أبو سن) و(محمد لطيف) !! منذ أن ظهر إلى الوجود قبل سبعة أعوام (منتدى الصحافة والسياسة) باقتراح من السيد الصادق المهدي، وإشراف الصحفي الكبير الأستاذ محمد خليل إبراهيم، ومشاركة مجموعة صغيرة من الصحفيين وأصحاب الرأي، كان المنتدى منبراً للديمقراطية والرأي الحر وحرية التعبير، ولم يكن مجرد مؤتمر صحفي يجيب فيه السيد الصادق على أسئلة الصحفيين! ولم نشعر نحن، وكنا مجموعة صغيرة تحسب على أصابع اليد الواحدة، بأننا في مؤتمر صحفي، مطلوب منا إلقاء الأسئلة والاستماع إلى الإجابة، بل أحسسنا منذ الوهلة الأولى أن السيد الصادق يريد الاستماع أكثر من الحديث، ويسعى للحوار والتحاور في جو مترع بالحرية والديمقراطية، حول مجمل القضايا التي تهم الوطن والمواطنين، بل وتتعداها إلى القضايا القومية والفكرية العميقة.. التي تتطلب التحضير الجيد وسعة الفهم والموضوعية والصبر على الاستماع وبلاغة التعبير! ولتأكيد هذه المبادئ والمعاني فقد فصل السيد الصادق بين المؤتمر الصحفي الذي كان يعقده باسم حزب الأمة في دار الحزب بأم درمان، وبين المنتدى الذي كان ولا يزال، يستضيفه بمنزله بأم درمان، ويحضره بصفته الشخصية كمفكر وسياسي ومواطن عادي. وكنا نفهم ذلك تماماً، ونتعامل مع سيادته معاملة الند، ونختلف معه في معظم الأحيان، بل ونقدم له المواعظ والنصائح التي يتقبلها بصدر رحب، ويأخذ ببعضها، وكنا وما زلنا (نحن وهو) نفعل ذلك بمتعة شديدة، بدون أن ينقطع الحوار إلا لأسباب خارجة عن الإرادة مثل السفر أو المشغولية الشديدة، وبدون أن تتأثر علاقة الاحترام التي تربطنا ببعض، وبالطبع فإننا ظللنا نحتفظ له بكل موجبات التوقير والاحترام كرجل دولة ورئيس وزراء سابق، وكل صفاته الأخرى، وكشخص (رأى الشمس قبل أن نراها ببضع سنوات)، وهو ما يستوجب التوقير بغض النظر عن كل ما يتمتع به من مسميات ومقدرات وصفات سابقة أو حالية ! بهذه الروح، استطاع المنتدى أن يحافظ على استمراريته وحيويته ومتعته، ومكانته الكبيرة التي تعززت بانضمام مجموعة كبيرة من السياسيين والصحفيين وأصحاب الرأي في فترات لاحقة، بدعوة من مكتب السيد الصادق والأخ محمد زكي سكرتيره الصحفي، أو من اللجنة المشرفة التي (كان ولا يزال وسيظل) يرأسها صديقنا الأخ محمد لطيف، أو من الأعضاء، وقد خرجت من المنتدى أفكار ومقترحات وآراء صارت فيما بعد (خرائط طريق) للحركة السياسية السودانية، بل للرأي العام السوداني بمجمله، ولا بد في هذه السانحة من تقديم الشكر العميق لمكتب السيد الصادق المهدي، والأستاذين إبراهيم علي ومحمد زكي على المجهود الرائع في التحضير والمتابعة، واقتراح الأفكار الجيدة، ولأسرة السيد الصادق المهدي بشبابها وشيبها، وللعاملين بالمنزل، على الكرم وحسن الضيافة والصبر، وهنا لا بد أن أذكر واترحم على السيدة سارة الفاضل، التي كان المنتدى أحد همومها الكبيرة التي حملتها وتحملتها بشجاعة وصبر إلى أن اختارها الله إلى جواره، فلها الرحمة، ولآلها ولنا الصبر وحسن العزاء. ولا بد بالطبع من تقديم الشكر لصديقنا محمد لطيف على رئاسته الحكيمة للجنة المشرفة على المنتدى، واسلوبه الممتع في إدارة الجلسات، الذي ينسينا عشقه السرمدي لحب السلطة، وليت كل العاشقين للسلطة كانوا مثلك يا صديقي، ولكنني فقط أذكرك (بكسر القاف وتشديدها) بإجابة شيخ الشكرية (أبو سن) عندما سأله السكرتير الإداري عن رأيه في المفتش الإنجليزي!! أسعدني جداً انتخاب لجنة إشراف جديدة زاوجت بين القديم والجديد، واليسار واليمين، والرجال والنساء، أمنياتي لهم بالتوفيق، وللسيد الصادق المهدي ولأسرته كل التقدير والاحترام والأمنيات الطيبة. [email protected] مناظير - صحيفة السوداني - العدد رقم: 1155 2009-01-30