** كان عم مرسي يرفع يده للسماء بالدعاء عقب كل صلاة : أللهم أفتح أبواب رحمتك لحاج خليل وأرزقه رزقا وفيرا طيبا مباركا فيه .. فسأله أحدهم ذات يوم : لماذا تنسى نفسك وتخص حاج خليل بهذا الدعاء ..؟.. فأجاب عم مرسي : ياخي حاج خليل ده هو الزول الوحيد بيسلفنى قروش لامن أفلس ، وانا بدعو ليهو ربنا يديهو قروش كتيرة عشان أسلف منه بقلب قوي ..!! ** تلك إحدى طرائف صديقنا زكريا حامد ، تذكرتها وأنا أقرأ خبرا طازجا من أخبار سونا يوم السبت الفائت ، حيث فيه يبشر وزير زراعتنا الشعب السوداني بأن السودان عازم على سد عجز الصين من الأرز ، وهو عجز يقدر ب 40% .. قرأت ، فتساءلت : ما العائد للناس في بلدي عندما تسد سياسة وزارة زراعتنا عجز الشعب الصيني من غذاء رئيسي كما الأرز ..؟.. ولم أجد إجابة مقنعة غير إجابة شبيهة باجابة عم مرسي : احتمال عشان نسلف منهم باقي الرز ..!! ** المهم .. فلنسد عجز الصين من الأرز ، أو كما يتمنى وزير زراعتنا ، ولكن وزارة زراعتنا مطالبة بتبني سياسات راشدة تسد عجز بلدها وشعب بلدها من القمح والمحاصيل الأخرى ..ومانراه ونسمعه عن مشروع النهضة الزراعية غير مطمئن ، حيث شكاوى المزارعين واتحاداتهم حلت في مزارعهم محل قيساب الحصاد ، وحزم التبرير حلت في تقارير وزارة الزراعة محل أرقام النجاح ، ومن وسط كل هذا الضباب تخرج وزارة الزراعة لتبشر بزراعة الأرز ، وليتها تزرع ، ولكن لا بطريقة ذاك الزيدان الذي كان يزرع في كتاب المطالعة ، هل تذكرونه ..؟..نعم هو ذاك الحالم : بكرة بزرع من هنا لى هناااااك ...!! ** هل سألت وزارة زراعتنا ذاتها أسئلة من شاكلة : كيف ولماذا اختارت العقول الصينية أرض السودان لزراعة الأرز ..؟..ولماذا الأرز ، وليست الفتريتة مثلا ..؟.. إذا واجهت الوزارة ذاتها بتلك الأسئلة ستكتشف بلا عناء بأن العقول الصينية لاتنفذ مشاريعها إلا حيث تشير إليها الدراسة ومصلحة شعبها ، أى هى عقول لاتتبع نظرية الصدفة والعمل بلا هدف أو تخطيط ، أي لاتزرع بطريقة : ياخى تعال نزرع هنا شوية رز ، يلا نعمل لينا نفرة زراعية في باقي السنة دى ، تعالوا نعمل مشروع بطيخ فى العطرون ده ، يا جماعة وقفو زراعة القطن وأقلبوها ذرة ولو مانفعت أقلبوها طماطم .. العقل الصينى لايفكر هكذا ولايعمل هكذا ..!! ** طرائق التفكير التى قادت الصين إلي زراعة الأرز في بلادنا هى ذاتها طرائق التفكير التى نتمناها في عقول ولاة أمر الزراعة فى بلادنا ، حتى تذهب بهم تلك الطرائق الى تنفيذ مشاريع ناجحة تحقق بعض الاكتفاء الذاتى لشعب يملك الأرض والنيل والمطر والنفط والساعد ، ومع ذلك يبكي من سعر الدقيق ووزن الرغيف ، لتشاطره وزارة الزراعة البكاء بتبرير فحواه : معليش الزيادة دى عالمية ، استحملوا شوية .. هكذا تبرر ثم تعيد للأذهان تلك الأسطوانة المشروخة : نحن سلة غذاء العالم ، نحن عندنا 200 مليون فدان صالحة للزراعة ، نحن حنعمل نفرة زراعية ، نحن بنزرع رز وبطاطس ، نحن ونحن ونحن ..هكذا تطعمنا بالتباهي والأماني كل موسم حتى نشبع جوعا وتصاب موانئنا بتخمة الاستيراد.. !! ** وعليه .. الرجاء ثم الرجاء ، لا تتعلمي من الصين زراعة الأرز أيها الوزارة .. تعلمي منها فقط طرائق تفكيرها إلتي قادتها الي هنا لتزرع الأرز لشعبها هناك ..وفى تلك الطرائق تتجلى عظمة النهج العلمي الذي يسبق العمل ..وهو بالتأكيد نهج لأيأتي بعالم نفس وزيرا للزراعة ، ما لم يكن المطلوب هو : علاج جنون المزارعين واكتئابهم حين يتعسرون ...!! إليكم - الصحافة –الاثنين 16/02/2009 .العدد 5617