** قال : تم تشكيل لجنة للتحقيق في تجاوزات ديوان المراجع العام .. أو هكذا يطمئن بعض نواب البرلمان الناس في الحياة ، ثم يذهب إلى بيته بلسان حال قائل : شكلنا ليهم لجنة تحقيق ، خلاص كدة المشكلة .. ولأن مثل العمل - إعلان تشكيل لجنة تحقيق - يعد إنجازا باهرا ، يجب على البرلمان توثيقه محكما في تقاريره بحيث يدرج في نهاية الدورة في قائمة الإنجازات التي يستحق عليها النواب أنواطا وأوسمة .. نعم ، ليس بالأمر السهل أن يعلن نواب البرلمان اليوم عن تشكيل لجنة تحقيق لتجاوزات حدثت بديوان المراجع العام قبل عام ، هذا جهد يستحق التكريم ..ويدل بما لايدع مجالا للشك على نشاط وحيوية و يقظة البرلمان في مراقبة أداء مؤسسات الدولة التنفيذية على مدار اليوم والشهر والسنة ، ولو لم يكن البرلمان مراقبا يقظا لحاسب ديوان المراجع العام بعد عشرين أو ثلاثين سنة ، على تجاوزات تقريرها موثق بتاريخ ..0 21 مارس 2008 ) ...!! ** وهكwwذا الحال ، صديقي القارئ .. يجب أن نقابله سويا بالسخرية عملا بنظرية : شر البلية ما يضحك .. تخيل : حتى البرلمان لم يكن يعلم بأن هناك لجنة تحرت وبحثت أوراق ديوان المراجع العام قبل عام ، وكشفت ووثقت عن وجود تجاوزات مالية ومحاسبية وإدارية ..عام ونيف من إعداد التقرير ، والبرلمان لايعرف عنه شيئاً ،حتى تفاجأ به منشورا بالصحافة فجر الأحد الفائت ، وتحت تأثير المفاجأة أعلن للصحافة ذاتها عن تشكيل لجنة تحقيق .. وهنا السؤال : ماذا لو لم تنشره الصحافة ..؟..وكذلك السؤال المتوجس : وماذا عما فاتت على الصحافة نشرها ، أي المسمى ب ( ماخفي ) ..؟.. وهل البرلمان - كما المواطن - ينتظر الصحف ليعرف مايحدث في مؤسسات الدولة التنفيذية .؟..أليس البرلمان - بنص الدستور - من الجهات التي يجب أن تتلقى تقاريرَ بما يحدث في مؤسسات الدولة التنفيذية ..؟.. وإن كان البرلمان لايعرف ما حدث في ديوان المراجع العام قبل عام ونيف ، فكيف نثق بأنه يعرف ماحدث ويحدث في مؤسسات الدولة الأخرى التي يراجعها ديوان المراجع العام كل عام ..؟ ** تلك أسئلتنا للنواب، ثم نسأل الله الصبر لا على تجاوزات ديوان المراجع العام فحسب ، بل على أداء البرلمان أيضا ..والمهم .. شئ مؤسف أن يكون رب البيت للدف ضاربا ، وأعني برب البيت : ديوان المراجع العام .. ونأمل أن لاتقف لجنة التحقيق التي شكلتها رئاسة الجمهورية - كما قال نواب البرلمان - فقط عند محطة التجاوزات الموثقة في تقرير ( 21 مارس 2008 ) .. لا ، فالتقرير هذا غيض من فيض التجاوز ، وهناك الأهم في أمر هذا الديوان ، وربما البرلمان يتجاهله ، وهو : أن المراجع العام ذاته تجاوز في موقعه هذا الفترة الزمنية التي تنص عليها الفقرة الأولى في المادة 19 من قانون الديوان ، وتقرأ نصا ( يعين رئيس الجمهورية المراجع العام بموافقة أغلبية الثلثين في المجلس الوطني ..أما الفقرة الثانية فى ذات المادة فهي تقرأ كالآتي : تكون مدة تولي منصب المراجع العام خمس سنوات ، ويجوز إعادة تعيينه بذات الطريقة لمدة لاتزيد عن خمس سنوات أخرى فحسب ) ..هكذا النص الذي به تم تعيين المراجع العام الحالي ( عام 1992 ).. أي ، قبل ( سبعتاشر سنة ) ..!! ** وأحسب أن الفقرة أعلاها - وما بين القوسين الأخيرين - كافية لكل ذوي البصائر لمعرفة أسباب التجاوز، أي تجاوز ، بالديوان وبغيره .. نعم ، الإنسان - أي إنسان - حين ينتابه الإحساس بأنه سيظل خالدا في منصبه بلا حسيب أورقيب أوتغيير ، فإنه يفعل مايشاء ..يفسد ، يسرق ، يهمل ، يختلس ، يتجاوز ..و...و...و.. عليه ، رحمة بأهل هذا البلد : أفشوا المراقبة والمحاسبة ثم التجديد والتغيير بينكم ..!! إليكم - الصحافة –الاربعاء 29/04/2009 .العدد 5689