* كان يضع أصبعه في فيه يتأرجح مع نفسه مصدراً بعض الأغاني التي يسمعها من مربيته بلغة بدأت لتوها في النمو. * لم يكن يعرف شيئاً وقتها على حسب ارتباطها به كان يناديها (بماما) ولكن شيئاً فشيئاً كبر واندست عليه الايام فكونته فتى جميلاً وباسلاً. * بدأ يستغرب المكان، كل هؤلاء الأطفال إخوانه وكل هؤلاء المشرفات أمهاته ولكن كيف هذا؟ * وكانت الأيام تحب أن تندس فيه إلى أن كبر وعرف أنه لقيط في دار المجهولين. *حاول أن يتماشى ويلجأ إلى واقعه حتى يستطيع أن يواكب زمن الرداءة والفجاجة الذي أتى به إلى هنا. * تحول إلى انسان صامت، انطوائي، أصبح المكان حوله كالسجن تماماً.. لم يحاول قط الخروج واستنشاق هواء آخر. * كان يخاف جداً من ذاك العالم، كان يسميه العالم المهترئ، كان يتخيل أن الناس يمشون في الشوارع خالية أبدانهم مما يسترهم. * كان يسمي المرأة الكائن الميت. كان يقول لإخوته في الدار: هل تعرفون الكائن الذي يمشي بلا قدمين وله عينان ولا يرى، له عقل ولا يفكر له إنسانية ولا يتصرف بها. * كان يهذي كمن تشاركه الحمى فراشه، تمنى لو أنه كان شجرة، ورقة، أي شيء يبعده عن دنيا الإنسان والتفكير. * حاول كثيراً إقامة علاقة مع النسيان ولكنه فشل. * ولكنه قالها ذات يوم: قال أريد أمي.. أمي التي لم تحاول تقدمي وجبة للكلاب. أمي التي وضعتني بحب وحملتني بأمان وأرضعتني من ثديّ الجنة ودثرتني من حبات النسيم. * علمتني معنى الإنسانية، اعطت تفكيري مدرسة وأعطت هويتي شرفاً. إعترافات - صحيفة الأسطورة - 23/1/2010 [email protected]