نشرت الغرّاء الرأي العام حواراً ثراً أجرته الأستاذة هنادي عثمان مع الجنرال مارتن ماجوت ياك سكرتير الحملة الانتخابية للقائد سلفا كير أكد فيه أنّ الإنفصال واقع لامحالة، والذين يتكلمون عن الوحدة هم الحالمون. وبالطبع ليس في هذا جديد إنما الجديد في كلام الجنرال هو رؤيته لفترة ما بعد الإنفصال إذ قال بعد (الفرتكة) إنهم سوف يأخذون كل بترولهم وعلى داير الجالون، وقال بالنص إنهم لن يتركوا للشمال و(ولا جالون واحد). لقد أظهر السيد مارتن (فسالة ) شديدة والإنفصال عنده ليس فك اشتباك من أجل حياة جديدة إنما (خوّة فرتق). على عكس الجنرال مارتن نجد أنّ الدكتور الوزير لوكا بيونق قال في حوار آخر قبل عدة أسابيع إنهم في الجنوب وبعد الإنفصال عِلى استعداد لترك قسمة البترول الحالية (فيفتي فيفتي ) تستمر لمدة عام حتى لاينهار اقتصاد الشمال(مشكور يالوكا يابن دينق ماجوك)، أما السيد باقان أموم وفي أكثر من مناسبة قال إنّ الموتمر الوطني ينادي بالوحدة ليس حباً في الجنوب وإنما طمعاً في بترول الجنوب . مما تقدم أعلاه يمكننا القول إنّ السادة حكام الجنوب يعولون على البترول تعويلاً واضحاً في حكاية الإنفصال فمعظمهم يرى فيه فرصة لتأديب الشمال إما بعدم إعطائه ولا جالون أو التصدق عليه بكمية لمدة عام (نديهم بترولنا صدقة لأنهم صعبوا علينا )؛ فالشمال هنا المتسول (أدونا فندكم ندق ونديكم ) كما جاء في الأغنية الدكاكينية (ياحاجة ما تقولي كاروشة)، أويستعطف الشمالي الجنوبي قائلاً (شل شل كب لي جالون) فيرد عليه (ما بكب ليك الطلمبة هديك أمشي بي كِرعيك) حاولت معرفة الكمية المتبقية من البترول للشمال في حالة الإنفصال ولكن لم أعثر حتى الآن على إجابة شافية فبدا لي أن عالم البترول في السودان عالم (ماسوني)؛ فإلى حد كبير الشيء المعلوم أنّ الكمية التي تستخرج من الجنوب هي التي تقتسم مناصفة بين الشمال الجنوب أما بترول الشمال فهو له، ولكن السؤال كم بترول الشمال؟ السيد وزير الطاقة الزبير محمد الحسن في آخر تصريح له قال إنّ سبعين في المائة من البترول مستخرج من الجنوب بينما هناك معلومة شبه مؤكدة تقول إنّ الشمال ينتج مائتي ألف برميل من خمسمائة ألف، وإذا أضفت أجرة خط الأنابيب سيكون العائد مناصفة بين الدولتين؛ هنا المنصافة ستكون من مجمل البترول المستخرج من كل السودان وليس من الجنوب فقط كما في اتفاقية نيفاشا. على العموم الحكاية محتاجة لوضوح ونقاش علني لكي نعرف (كوعنا من بوعنا) فسياسة (أم غمتي) لاتجدي مع مصدر طاقة هام كالبترول؛ فالمطلوب معرفة كمية البترول المنتج في الشمال وهل سيكفي الإستهلاك المحلي؟ هل سيكون هناك فائض للتصدير؟ وماهي التدابير التي اتخذتها الدولة (الشمالية ) لسد هذه الفجوة ؟ وماهي إمكانية الشمال البترولية في المستقبل؟ وهل فعلاً الشمال يعوم في بحيرة بترول؟ وماذا لو أقامت دولة الجنوب أنبوب تصدير إلى ممبسا في كينيا؟ أم إنّ الحكومة الشمالية متحسبة لكل حاجة ولاتريد أن تشرك معها شعبها في شغل الكبار؟ صحيفة التيار - حاطب ليل- 29/5/2010 [email protected]