كانت أسماء النساء في قريتنا التي لم يأت على ذكرها اطلس محصورة في: آمنة وفاطمة وزينب وما إلى ذلك من الاسماء القديمة المتوارثة.. وذات مرة رزقت سيدة بطفلة فاسمتها \"زيزي\" فصعق الناس واعتبروا الأم خارجة عن العرف والتقاليد وشاءت الأقدار أن اصيبت الطفلة بحمى شديدة جعلتها تهذي بضعة أيام إلى أن اسلمت الروح.. وكان تفسير كل ذلك عند أهل القرية هو ان زيزي اسم من اسماء الجان فقرر الجان ضمها إلى مملكتهم. ثم دار الزمن دورته واصبحت اسماء البنات مجرد تجميع لحروف من هنا وهناك لتوليد اسم عديم المعنى والدلالة فظهرت اسماء مثل زازا.. مازا.. وجانا.. وفاتنا.. ولم يعد معنى الاسم ضروريا. فالمهم أن يكون ذا ايقاع وجرس... وبالمقابل فلم تحدث شطحات كبيرة في اسماء الاولاد في العالم العربي ، ولكن الادهى من ذلك أن بعض الاسماء العربية القديمة تتسم بقبح موسيقي ولفظي مفرط فقد سمعت باسماء مثل طزفاح بن شخموز القزطفيفي وما إلى ذلك من أسماء يتلف نطقها الحبال الصوتية وكلنا يعرف الشاعر العربي الصعلوك الذي كان اسم الدلع الخاص به \"تأبط شرا\". غير ان مثل تلك الاسامي تبدو مثل السيمفونيات مقابل اسماء المحلات التجارية التي باتت في زمننا هذا تحمل اسماء باللغتين العربية والانجليزية ومن الواضح ان تلك الاسماء من تأليف اشخاص لا صلة لهم بالتجارة أو أي لغة.. وفي مدينة الخرطوم بحري التي تشكل أحد أضلاع العاصمة السودانية المثلثة كان هناك قرب مبنى المجلس الريفي دكان يحمل اسم: ثلاجة البشرية لبيع الثلج، وبالرغم من ركاكة الاسم فقد حرصت على أن أجد له العذر على أساس أن صاحب الدكان ربما أراد أن يؤكد انه لا يبيع الجثث البشرية.. ولكنه أمعن في ايذائي وايذاء الذوق العام حيث وضع لافتة إضافية تقول: هوناء (يقصد هنا) يباع الثلج البارد.. ولأن الله يمهل ولا يهمل فقد خسرت تجارة ذلك الرجل واختفى الثلج البارد من أسواق العاصمة السودانية ورفض الناس شراء الثلج الساخن واختفت تبعا لذلك تلك اللافتة السيريالية. وفي عاصمة عربية \"شقيقة\" كانت تستفز عيني صباح مساء لافتة تحمل بالانجليزية عبارة \"راشنس استابلشمنت\" أي أن المؤسسة كانت تحمل إسم \"التهور\" وكانت تلك الترجمة لأسم عربي جميل للمؤسسة هو: مؤسسة الريادة.. ذات يوم استجمعت شجاعتي ودخلت على صاحب المؤسسة وقلت له أن الاسم الانجليزي لمؤسسته يعني كذا وكذا فانفجر الرجل في وجهي بالسباب والشتائم وطردني إلى الخارج وعندها فقط أدركت ان الاسم الانجليزي لمؤسسته هو الصحيح وأنه اخطأ في ترجمة ذلك الاسم إلى العربية.. ولولا خوفي من بطش امثال صاحبنا هذا لكان بإمكاني اصدار كتاب كامل يعكس ركاكة اسماء المحلات التجارية ودكاكين الحلاقة والخضروات وغيرها التي نطالعها صباح مساء.. في غدونا ورواحنا. ومن الواضح أن هناك ودا مفقودا بين عالم التجارة وعالم اللغة.. نظرة واحدة إلى الفواتير التجارية تقنعك بصحة وجهة نظري هذه حيث توجد عبارة مثل \"البضائع إذا خرجت من المحل لا تعود بعد يوم\" والمقصود بها والله أعلم انه لا يحق لك إرجاع البضاعة إلى المحل بعد انقضاء اكثر من يوم على شرائها. وإذا قرأت اعلانات التنزيلات ترى عجبا فهناك من ينشر اعلانا مدفوع الثمن ليقول ان بضاعته تباع بأسعار \"خيالية\".. أو بأسعار \"لا تصدق\" ولا أدري كيف يحلم هذا التاجر باجتذاب الزبائن وهو يعترف علنا بأن اسعاره غير واقعية بدرجة لا يمكن تصديقها.. الا تأتي مثل تلك الاعلانات بنتيجة عكسية كما حدث لشركة الطيران التي أعلنت مرة ان طائراتها تتقيد بجدول مواعيدها فعرف الجميع ان طائرات تلك الشركة لا تحترم المواعيد أو البشر ففروا منها حتى بات البعض يقول ان من يسافر على طائرات شركة كذا وكذا لا شك في انه لا يحظى برضا الوالدين. أخبار الخليج - زاوية غائمة [email protected]