جاءت الإجازة.. وأصبح الأبناء والبنات وجهاً لوجه مع الفائض.. والفراغ الزمني المتاح والمفتوح أرقب هذه الإجازة عن كثب بمتابعة بنتي (ولاء) المهمومة بالزمن الذي تتركه مدة الإجازة وأرى أنها حريصة على محاولة ملء برنامجها بشيء من المشاركات الثقافية وقد كان أن بدأت أول أمس بالمشاركة في احتفال المدرسة مع الكورال الغنائي.. وعادت إليّ تحمل ميدالية فسألتها «يا بتي الميدالية في المشاركة مع الكورال والله تمام تنفعي مساعد فنانة»... فجرت إلى ذاكرتي أيام خوالي «طرتني» بشخصية مساعد الكمساري.. تلك الشخصية المحورية في أزمات المواصلات العامة سابقة في الثمانيات.. والذي «لا هو بالكمساري ولا هو بالسائق» وظيفة وسط فهو الشخصية المُثيرة للجدل في مواصلاتنا بمنطقة الجريف غرب فقد كنّا نقع تحت ظل أوامر «الكمساري» بالرجوع للوراء «قفلوا ورا» ومضادات المساعد وأوامره لنا «زحو قدام».. فنكون في حالة «زحزحة» إلى أن ندرك المحطة أو ينقذنا بعض من في نفسه حرارة دم بإفساح المجال ونسمع العبارة «اتفضلي يا أخت أقعدي.. أنا خلاص نازل».... وأعود إلى ابنتي «ولاء» التي أظنها أدركت بعض الفرح أنها حصلت على ميدالية وحتى لحظة كتابتي لهذه الزاوية لم أسمعها مرة واحدة وهي تغني أو تترنم لأميز صوتها وأتأكد هل هي مشروع فنان أم مساعد فنان... وربما أصبحت بمثابة ذلك المساعد الذي لم يعد للواقع فقد «رمينا قدام» وتجاوزناه... أو ربما تدرجت وتطورت مثل تدرج البصات وانتقلت للوظيفة التالية مثلما «كمساري... سواق» وذكرتني قصص ومسميات الوظائف والتي يقال فيها إن «ضابط إيقاع» ضبط وسط متظاهرين خارجين على نظام فردد على القوى الأمنية أنه (زميل وحلف على ذلك بدينه وأيمانه وقد صدّقوه بل ضربوا له عشرة التمام وسعادتك وحبابك لأنه «ضابط»...) ولكني كنت أدرك في لحظاتها أن (مساعد الياي) لن يكون مثل (الياي).. ورغم أني لا أتمنى لبنتي درب الغناء هذا مع احترامي لما تنطوي عليه رغباتها في المستقبل لأنّه طريق شائك وصعب إلا أنني في انتظار أن تجود عليّ بسماع صوتها وهي تغني حتى استطيع أن أجد لها توصيفاً واضحاً، هل هي فنانة أم مساعدة فنانة.. ورحم الله أيام كنا نتندر فيها على (صديقتنا) التي تقدم لخطبتها مالك لمحل مرطبات وقد كانت هي بيننا (متفلسفة) فكنا نغامزها بأنه تقدم إليها أخصائي كبير ونضعه بين قوسين «أخصائي العرديب»... «أخصائي الليمون».. «أخصائي المنقة».. «أخصائي البرتقال»... و«أخصائي القنقليز».. آخر الكلام: الزمن هذا هو زمن الاعتراف بالنجاح دون المسمى.. فربما كان «المساعد» ناجحاً للدرجة التي يفرض فيها وجوده كوصف ونعت لابد منه.. وبشرى لنا بمساعد الوزير.. مساعد الوكيل.. مساعد المهندس.. مساعد الدكتور.. مساعد المساعد (ودمتم) يا مُساعدين. سياج - آخر لحظة - 15/3/2011 [email][email protected][/email