منذ سنوات وعرب هولندا البواسل يخوضون معركة مع المطاعم اليهودية التي تزعم أن الشاورما والفلافل أكلات شعبية إسرائيلية، وفي بريطانيا نجح عرب لندن حتى الآن في إبعاد اليهود عن الفلافل في المناطق المحررة مثل كوينزواي وادجوير رود، ولكن خطر الاختراق اليهودي لسوق الفلافل اللندني مازال قائماً... وقد صُدمت خلال زيارتي الأخيرة للندن عندما دخلت مطعماً حسبت أنه عربي لأن الأشياء كانت معروضة في واجهته عشوائيا، وفوجئت بأن الذي يتولى إعداد الفلافل إيرلندي، وقد يقول قائل ان الإيرلنديين أشقاء العرب باعتبار أن كليهما، «إرهابي بالميلاد»، ولكن من مأمنه يؤتى الحذر (بكسر الذال)، فقد يقوم الإيرلنديون بتصنيع فلافل مفخخة فتكون العواقب وخيمة على العرب، وبالتحديد على العربنيقيين (السودانييون عربيقيون أي عرب - إفريقيون، واللبنانيون عربنيقيون أي عرب - فينيقيون)، من منطلق أن اللبنانيين أولو باع طويل في مجال التفخيخ، ولأن العرب يؤخذون عادة بجريرة بقية الأجناس والأقوام. والأخطر من ذلك أن للإيرلنديين ولعا شديداً بالخمر ويضيفونها إلى كل شيء، وأذكر أنني دخلت مرة نادياً فخماً في عاصمة عربية، لتناول المرطبات والمشروبات الساخنة فسمع أحد من كانوا معنا أن هناك شيئاً اسمه القهوة الإيرلندية، فقرر أن يتذوقها فصنعوها أمامه، وهو يحس كأنه أعاد اكتشاف البنسلين، ثم شرب منها عدة أكواب وطفق يغني، ثم بكى، واتضح لنا في نهاية الأمر أن صاحبنا سكران، لأن تلك القهوة تصنع من الكونياك أو البراندي وهي خمر فرنسية سريعة الذوبان في الدماغ (أحياناً قد يروج كاتب لأمر من دون أن يقصد ذلك، أعني أن حديثي عن أن القهوة الإيرلندية تصنع من الخمر قد يعطي محبي السكر المستتر حيلة لشرب الخمر أمام الآخرين غير العارفين بسر تلك القهوة!!). وتخيلوا ما قد تتعرض له سمعتنا من تشنيع إذا خلط الإيرلنديون الفلافل بالنبيذ مثلاً، فالعربي قد يشرب الخمر وقد يقوم بتهريبها وبيعها، ولكن أن يصنعها فهذا حرام قطعاً، والفلافل اللندنية مازالت إلى يومنا هذا عربية الانتماء، وبالتالي فلن يرمي أحد اللوم على إيرلندا عند ذيوع أمر الفلافل المسكرة، بل على العرب بوصفهم الملطشة والحائط القصير في العالم المعاصر. وقبل نحو ثلاثة أعوام كنت مع عائلتي في باريس، وعانينا كثيرا للحصول على طعام مستساغ، فقد ورثوا عني كره الأطعمة المعدة بالكتالوج، وكنا جميعا «طرشان في الزفة» ما عدا ابنتي عبير التي تعلمت الفرنسية بجهد خاص في وقتها الخاص، وذات يوم، وبينما نحن نتسكع في شارع باريسي خلفي، صاحت عبير: شاورما، واندفعنا الى كشك صغير وطلبت منه عدة سندويتشات شاورما، وكان العامل في الكشك مسلما من السنغال، وما ان عرف أننا سودانيون حتى أعطى كل واحد منا سندويتشا وزنه كيلوجرام مكعب، ومن أول قضمة أدركنا أنها شاورما متفرنجة، تنضح بالمايونيز والكتشاب! وخلاصة القول هي أن في السويداء العربية رجالاً كالصامدين على خطوط النار في هولندا، لا يخدعون أنفسهم وغيرهم بمنازلات متوهمة مع العدو، ولا يخوضون المعارك بالتلفزيون والراديو، بل بالزيت ينصب حارا على أيدي الأعداء، وإذا كسبوا المعركة وردوا الاعتبار إلى الفلافل، فإن ذلك كفيل بمنح العرب مكاناً لائقاً في القرن الواحد والعشرين، بل وستسهم الفلافل العربية ذات المنشأ الأوروبي عند تصديرها الى بلاد «من المحيط إلى الخليج» في تحقيق الوفرة والرخاء في أنحاء كثيرة من العالم العربي (لا عليكم بما قاله الكاتب اليمني عبدالكريم الرازحي من أن كلمة «رخاء» في بلاد العرب تنجم عن تبادل المواقع بين الخاء والراء). [email protected]