تحمل الحياة الكثير من المعاني التي تستحق البحث والنظر، للوقوف على معانيها، ومن ثم التفكر في آثارها التي تنعكس على التكوين النفسي للإنسان ، ومن ثم تنعكس على النسيج الإجتماعي للمجتمع بأكمله، وذلك بهدف فهم الذات، والوصول لتنمية المهارات الذاتية وفق المنهاج الرباني ، الذي به تتحقق الكرامة الإنسانية، لأن هذه المعاني ما هي إلا عبادات ارتضاها لنا الرحمن، الصبروهو حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع، أو عما يقتضيان حبسها عنه، والصبر يثمر محبة الله تعالى للعبد وهو سبب لمعيته عزوجل، وهو على ثلاثة أقسام:صبر على الطاعات والأوامر حتى يؤديها، وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها، وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها ،قال تعالى:[واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة ألا على الخاشعين] وقال تعالى:[ يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون]وقال تعالى:[وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون] وقال:[قل يا عباد الذين ءامنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوف الصابرون أجرهم بغير حساب]وعن عائشة رضي الله عنها قالت:قال رسول الله ص :{من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار}وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:سمعت النبي ص يقول:{إن الله قال:إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة}حبيبتيه، يقصد عينيهوعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص {عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له}وفي المقابل لصفة الصبر ،صفة أخرى هي الضد لها والنقيض منها في المعنى والأثر ، وهي صفة الجزعوهو حزن يصرف الإنسان عما هو بصدده، ويقطعه عنه، وهو أبلغ من الحزن،وفيه سوء ظن بالله وعدم ثقة به ،سبحانه وتعالى،، وربما تمكن من الإنسان فأفسد عليه دينه ودنياه، وليس ثمة سبيل إلى الوقاية منه،والبعد عنه إلا بتعاطي الأسباب المقوية للإيمان بالله كالصلاة والصبر وما شابه ذلك،قال تعالى:[وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص]وقال:[إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا،إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون] وعن جندب بن عبد الله قال:قال رسول الله ص:{كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزعأي لم يصبر على ألم ذلك الجرحفأخذ سكينا فحز بها يده، فما رقأ الدم رقأ :أي لم ينقطعحتى مات، قال الله تعالى:بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة}وعن محمود بن لبيد رضي الله عنه أن رسول الله ص قال:{إذا أحب الله قوما ابتلاهم،فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع} اللهم اجعلنا من الصابرين واحشرنا غير خزايا ولا محزونين ، اللهم آمين. هنادي محمد عبد المجيد [email protected]