** قرار حظر إستيراد السيارات القديمة، صار قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار..فالتجارة الخارجية أصدرت ما أسمتها بالإستثناءات، وهي التي لم تكن موجودة - لا نصا ولا روحا- في نصوص قرار الحظر..والتجارب علمتنا بأن الإستثناء في بلادي محض غطاء فقط لاغير لفعل أشياء كثيرة ، ومنها عبور غير المستثنى أيضا تحت ذاك الغطاء..ولايزال في خاطري قرار حظر النعش الهندي المتحرك والمسمى بالركشة، إذ حظروها - قبل كم سنة - ثم ختموا قرار الحظر بجملة مريبة فحواها ( إلا بإذن السيد وزير التجارة)..وتلك جملة ريبتها لاتختلف كثيرا عن ( المدير العام غير مقيد بقبول أقل عطاء )، والتي تحرص على إبرازها المرافق العامة في إعلاناتها ويكررها رئيس لجنة فرز العطاءات شفاهة قبل (فرز العطاءات)..وكثيرا ما يقولون لصاحب العطاء الفائز - بالقانون - قولا معناه : ( معليش، نحن ما ملزمين بقبول عطاءك ده، شركتك ما مؤهلة ونحن عايزين حاجة كدة الكولاتي بتاعها يكون جيد )، ثم نسمع بشركة أخرى نالت العطاء دون أن تغبر قدمييها ساعة في ميدان المنافسة.. وطبعا كل الجغمسة دي بالقانون..ولو كانت القوانين والقرارات بعض نساء بلادي، لطالبن بالخلعة عن سادة بلادي من وطأة الإستثناءات و( اللف والدوران) و(الجغمسة)..!! ** على كل حال ..طلابنا بالخارج أقيم - للناس والبلد- من السيارات المستعملة ( الإسكراب)..وبما أن وزارة التجارة الخارجية فتحت باب الإستثناء للإسكراب ، فأن على وزارة المالية وبنك السودان أن يفتحا كل أبواب الإستثناء لطلابنا بالخارج..فالحرص على الدولار هو العامل المشترك بينهما..فالدولة رأت بأن إستيراد السيارات المستعملة بمثابة تبديد للدولار، ولذلك حظرت إستيرادها ثم - فجأة كدة - إستثنت بعضها..وأنا أرى بأن تعليم طلابنا بالخارج بمثابة بناء لمستقبل البلد، ولذلك يجب تسهيل وصول الدولار إليهم ن وذلك إستثنائهم من الإجراءات العقيمة..نعم يا وزير المالية ويا محافظ بنك السودان، هناك الأف الطلاب بالخارج - وأولياء أمورهم بالداخل - يصطلون بنيران الوضع الإقتصادي الراهن ،وما ترتبت عليه من إجراءات تحويل رسومهم الدراسية ومصاريفهم..طلابنا إلتحقوا بتلك الجامعات عندما كان سعر الدولار جنيهان أو يزيد بقليل، ولكنهم - كما أهل بلدهم - تفاجأوا بسعر الدولار يصعد فلكيا بين ليلة إنفصال وضحاها إلى دون الأربعة جنيهات بقليل..وولي الأمر الذي كان يحول لإبنه اربعمائة جنيها ونيف شهريا إلى الهند - على سبيل المثال- قبل أشهر، يجد نفسه في حالتي اليأس والإحباط حين يكون ملزما اليوم بتحويل ثمانمائة جنيها ونيف شهريا، حتى يفي بعض حاجة إبنه من مأكل ومشرب ومسكن..والله يجازي اللى كان السبب..ليس السبب في الإنفصال فحسب، بل السبب في هذا التردئ الإقتصادي وكل نظريات(رزق اليوم باليوم)، بما فيها نظرية تعويم سعر الصرف، حيث تسبب هذا التعويم في أن (يعوم الدولار) و (يغرق الجنيه )، ومعه آمال الناس في بلدي..وطلابنا بالخارج - وأولياء أمورهم بالداخل - جزء من الكل ( الغطستو حجرهم) بواسطة نظريات حمدي وصابر وعبد الوهاب والزبير والجاز ومحمود وغيرهم من الذين تعلموا - ولايزالوا - الحلاقة في رؤوس اليتامى ..!! ** ومع ذلك، أي رغم تحملهم رهق إنخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار، هناك جبال من الرهق على عواتق هؤلاء الطلاب وأسرهم ، حتى بلغت المشقة ببعضهم قطع دراستهم ثم العودة الي وطنهم كما غادروا، أي بلا تعليم ولا تأهيل.. ونأمل أن تجري وزارة التعليم العالي دراسة حول الذين لم يكملوا تعليمهم بالخارج والأسباب، لنقف على حجم الفاجعة..ولكن هيهات، لن تجريها، فتلك كأية مؤسسة حكومية تخفي إخفاقات الحكومة تحت سجادة اللامبالاة واللامسؤولية.. وإن أجرتها سوف تخرج للناس بدراسة فحواها ( نعم كذا الف طالب عجزوا عن إكمال دراستهم بالخارج وعادوا..لأنهم إشتاقوا لأمهاتهم )، أوهكذا لسان حال مؤسساتنا حين تدرس إخفاقات سياساتها بنهج التبرير الفطير.. طلابنا بالخارج لايطلبون مستحيلا حين يطلبوا من وزارة المالية وبنك السودان توجيه الصرافات بتخفيض عمولتها، بحيث لاتكون قيمة العمولة رهقا آخر بجانب رهق سعر الدولار..إذ العمولات تتراوح اليوم مابين (6% ، 8%)، وربما أكثر، إذ ليس هناك (ضابط ولا رابط)، تحت مسمى التحرير الذي لم يستفد منه المواطن غير إرتفاع قيمة كل شئ عدا قيمته هو شخصيا، بحيث يكاد أن يصبح (مواطنا بلاقيمة).. تحرير عمولة التحويلات يرهق الطالب وولي أمره، بحيث يخصم من قيمة تحويلاتهما الكثير..ما الذي يمنع بنك السودان عن إستثناء الطلاب بإلغاء أو تخفيض تلك العمولة في ظل البؤس الراهن؟، وذلك بدعم تحويلاتهم عبر تلك الصرافات دعما حكوميا ؟..أو ما المانع من إيجاد قنوات أخرى - كالسفارات مثلا - يحول ولي الأمر عبرها الرسوم والمصاريف لإبنه بلا عمولة أو إبتزاز ؟..فالدارسين الذين تبتعثهم الدولة في نعيم، بحيث تصلهم تحويلاتهم بلا إستقطاع أو عمولة أو إبتزاز، فما المانع بأن يعامل كل الطلاب بالخارج كما هذا (المبتعث الرسمي) ؟..ثم قالت صحف الأسبوع الفائت بأن هناك خمس صرافات تبيع الدولار بالسعر التجاري( سعر السوق الموازي)، بدعم من بنك السودان، فلماذا لايوجه بنك السودان هذه (الصرافات الخمسة المدعومة) بتوجيه فرق السعر - مائة جنيه في الدولار - لدعم طلابنا بالخارج ؟..و بالمناسبة، سؤال في منتهى البراءة : ما الذي يميز هذه الصرافات الخمسة عن الأخريات لتنال هذه المكرمة الحكومية ؟.. ده سؤال مهم.. ولكن المهم جدا، تعاملوا مع قضية طلابنا بالخارج كتعاملكم مع قضية السيارات المستعملة، بحيث يحظوا بالإستثناء أيضا.. نعم أيها الأفاضل، فالحكومة لاتعي بأن مستقبل طلابنا أقيم وأفضل - للناس والبلد - من العربات المستعملة، ولذلك تقزم الطموح العام بحيث صار يطالبها فقط بالمساواة بين ( الطلاب ) و ( الإسكراب).. !! إليكم - السوداني [email protected]