يد محمد مرسي رئيس مصر ليست مطلقة في ان يقيم علاقات مع السودان تأسيسا على انتمائه الاسلامي فهناك الدولة العميقة في مصر التي مازالت متمكنة وستظل الى وقت قد يطول فهذه الدولة تعتبر السودان ملفا امنيا مكانه الاستخبارات والاجهزة الامنية وترسم سياستها تجاهه تأسيسا على هذا البعد لابل حتى البعد الاقتصادي حيث المصلحة المباشرة مازال متاخرا عندها ناهيك عن البعد الثقافي اما الايدولوجي فهو مرفوض عندها كما ان عدم استقرار الاحوال في السودان على الاقل في هذه الايام لن يعطي مرسي الفرصة لكي يظهر اي تعاطف مع اخوانه في السودان ناهيك الى ان مرسي مازال يقود سياسة التطمين من حكم الاسلاميين للكافة وما قوله ان مصر لن تمارس تصدير الثورة الا تأسيسا على تلك السياسة التطمينية.. بالامس قلنا ان العلاقة بين التنظيمين الاسلاميين في السودان ومصر موجودة بشكل او آخر . رسالة البشير لمرسي مهنئا امر عادي ويدخل في السياق الرسمي ولكن مقابلة السفير السوداني في القاهرة لمرشد الاخوان المسلمين تلك المقابلة المتلفزة سودانيا فقط والتي اشرنا لها امس تعكس تلك الخصوصية في العلاقة التنظيمية . حكومة السودان من جانبها لن تكون مستعجلة في ان يظهر مرسي خصوصية علاقته معها لابل ولاحتى اظهار اهتمامه بخصوصية العلاقة بين البلدين تلك الخصوصية التقيليدية التي يقول بها اي حاكم مصري وسوداني منذ غزو محمد علي باشا للسودان 1821 اذا تجازوت حكومة السودان ازمتها السياسية الحالية واذا وقعت اتفاقية سلام ومصالحة وحسن جوارمع جنوب السودان سيكون في مقدور مرسي ام مصر الرسمية ان تلتفت للسودان وسيكون الطريق ممهدا ب(الدرب التحت) لاقامة علاقة متطورة بين البلدين ولكن سيكون من الخطأ بمكان اذا اتخذت هذه العلاقة شكلا تنظيميا فالمطلوب علاقة بين دولتين متجاورتين مؤسسة على المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة توقع اتفاقياتها اجهزة الدولة في البلدين وتنفذها تلك الاجهزة ولاتكون مرتبطة باي نظام هنا او هناك اما اذا سارت الامور بالانقاذ في اتجاه آخر فلن يستبعد ان ينحو منها مرسي منحى عمليا يراعي مصلحة بلاده المباشرة ومتناسيا حكاية الاخوانية هذه بالطبع لايمكن ان تلغي العلاقة التنظيمية بجرة قلم ولكن في نفس الوقت لايمكن السماح ان تتحكم في العلاقة بين البلدين فالمطلوب من تلك العلاقة التنظيمية ان تقوم بدور المسهل وتوفر اجواء الثقة وتخرج العلاقة من النفق الامني القابعة فيه الان الى طريق الدولة الواسع ومن الرومانسية العاطفية الي الواقعية الاقتصادية فان كان في التنظيمين خير للشعبين والبلدين فليدفعا العلاقة خارج ذواتهما الى فضاء الدولتين حتى الراسمالية المصرية التي يمكن ان تستثمر في السودان يحبذ لا بل يطلب ان لاتكون اخوانية انما عامة القطاع المصري الخاص وياحبذا لو كان قبطيا (هذه امنية خاصة بالنسبة لي لحبي لهؤلاء الناس المتميزين ) وجود الملف السوداني في ديسك الامن المصري اضر بالعلاقة بين البلدين سيكون من الخطأ ان يتكرر الخطأ ويضع السودان العلاقة مع مصر في جيب التنظيم ويفعل نفس الشيء المصريون بان ياخذوا العلاقة من الامن (طبعا هذا صعب جدا) ويضعونها في جلباب التنظيم فزيارة السفير للمرشد محمد بديع للتهنئة لا مكان لها من الاعراب ولتبقى العلاقة بين التنظيمين في اطارها غير الرسمي القديم غير المعلن فالسفارة مؤسسة دولة ليست مؤسسة تنظيم لذلك ينبغي ان تتعامل مع مؤسسات الدولة. حاطب ليل- السوداني [email protected]