أنقل هذه الحكاية عن صحيفة الرياض السعودية (عدد السبت 18 يوليو 2009)، وأعجب كيف لم أنتبه لفحوى القصاصة التي ظللت محتفظا بها لعدة سنوات إلا اليوم.. ما علينا وإليكم الحكاية: فشلت كل المحاولات في إصلاح ذات البين بين زوجي المستقبل في ضواحي إحدى المحافظات بعسير بعد تحديد موعد الزواج، وكان العريس قد قام بتجهيز منزله المستأجر، وتزويده بالأثاث «من طقطق لسلامو عليكم».. يعني كذا سرير وطقم جلوس ومائدة ومجلس عربي وكافة لوازم المطبخ (ما عدا الهاون الذي حل محله ذلك الجهاز الكهربائي السخيف المسمى ب«السحّان» الذي يفقد البهارات طعمها ونكهتها)، ثم قام باختيار قصر الأفراح، ولكن العروس رأت أنه ليس قد المقام، ولا يناسب مكانتها ومكانة عائلتها، فانصاع لرغبتها واستأجر قصرا آخر في مدينة أبها (زرت هذه المدينة ومنطقة عسير عموما ست مرات وأتحدى من يقول لي إنه توجد منطقة في أي جزء من العالم العربي تضاهيها جمالا من حيث المناظر الطبيعية والطقس: ثلج.. برد - بفتح الباء والراء - ينزل عليك في عز الصيف... يعني منطقة تفتح نفسك للزواج والأكل). قال العريس: الحمد لله البيت جاهز وكل مستلزمات حفل الزفاف جاهزة، وشرع من ثم في طباعة بطاقات الدعوة ولكن العروس فاجأته: حيلك! ما في شي اسمه البيت جاهز.. لازم أنا بنفسي أتفقد محتوياته واطمئن على صلاحيتها.. الأثاث هذا أمر لا يخص الزوج ولا بد ان أفحص كل ما اشتريته للتأكد من حسن اختيارك! في دي عندها حق فذوق الرجال في اختيار الأثاث «مش ولا بد» لأن ثقافتهم اللونية محدودة ولا يعرفون التركواز والموف والأوف وايت.. وهكذا تم اصطحابها إلى بيت الزوجية المرتقب وأحس العريس بالراحة لأنه قرأ في وجهها علامات الاستحسان، بل قالت له باسمة: ذوقك في اختيار الأثاث ممتاز، وكل شيء كما أتمناه.. بس سؤال: هل اشتريت تلفزوين ودش ورسيفر؟ ابتسم العريس ابتسامة الواثق وقال لها: نعم يا ست البنات.. التلفزيون وملحقاته في المخزن وسيقوم الفني بالتوصيلات اللازمة قبل حفل الزفاف بحيث يكون كل شيء جاهزا فور عودتنا من شهر العسل.. ألقت العروس نظرة على التلفزيون وظهر الامتعاض على وجهها وتساءلت عن نوع الدش والقنوات التي يلتقطها، فتلى عليها قائمة الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية التي يستطيع تلفزيون بيت الزوجية التقاطها ولكنها قاطعته: ما يصير.. أولا لابد من تغيير جهاز التلفزيون نفسه، وإضافة القنوات الفضائية على عربسات ونايل سات، ويوروسات وكرواسات، وبلاش الباقات الفضائية التي اخترتها!! يا بنت الناس لقد دفعت سلفا قيمة البطاقات الخاصة بتلك القنوات لأنني أحب قنوات أوربيت وشوتايم!! قالت: أوووف.. لازم تغير التلفزيون وتلغي بطاقاتك وتشتري بطاقات جديدة! مما آثار غضب العريس الذي رفض هذا الطلب قطعياً حتى لو وصل الأمر إلى تأجيل الزواج... هنا قالت العروس: أي تأجيل وأي بطيخ؟ ما لم يتم تغيير التلفزيون وتقوم بشراء بطاقات عربسات ونايل سات لا حل سوى الفراق الذي هو الطلاق! لم يتردد العريس في رفض هذا العرض السخي رغم أنه كان قد أنفق سلفا عشرات الآلاف على لوازم الحفل وتأثيث بيت الزوجية وصوب نحوها «طلقة» بائنة بينونة كبرى! ولكن زميلا له في العمل قال له: عندي أخت في سن الزواج وبعد النظرة الشرعية بينكما لك ان تقرر ما إذا كنت ترغب في الزواج بها في نفس المكان والزمان المخصصين للزيجة التي طارت بسبب الدِش!! باختصار: تم عقد القرآن ووزع العريس رقاع الدعوة في نفس الموعد مع تغيير اسم والد الزوجة. جعفر عباس [email protected]