أعلن أمس الأربعاء وزير الداخلية التركي معمر غولر استقالته وسبقه ظافر تشاغلايان وزير الاقتصاد بينما تترقب الأوساط التركية التعديل الوزاري الذي أعلن رئيس الحكومة رج بطيب أروغان قبل نهاية الشهر الحالي والذي سيطال أكثر من عشرة وزراء في حكومته الواقعة تحت طائلة سيل من الاتهامات بالفساد، ويجد أروغان نفسه في أكبر تحدٍّ بعد أن تجاوز كبرى العقبات قبل ستة أشهر فقط عندما خرجت الشوارع في اسطنبول كبرى المدن التركية احتجاجا على سياسات حكومة ردوغان وأدى قمعها العنيف بواسطة الشرطة إلى اهتزاز صورة تركيا دوليا ووجدت انتقادات غربية واسعة بل نشبت أزمة دبلوماسية حادة مع المانيا بسبب أسلوب قمع الاحتجاجات. ولكن أردوغان الذي خرج من مطب احتجاجات اسطنبول يجد نفسه في مأزق كبير بسبب قضية الفساد التي طالت كبار المسؤولين في حكومته، وتهدد هذه القضية مستقبل حكم الإسلاميين في تركيا خصوصا والأزمة الجديدة تفجرت قبل أربعة أشهر فقط على الانتخابات البلدية التي ستحدد بشكل كبير مستقبل الإسلاميين في تركيا، ولا يبدو الوقت كافياً لأردوغان لتجاوز هذه الأزمة في غضون الأشهر الأربعة المقبلة حتى يدخل حزب العدالة والتنمية الانتخابات بسجل نظيف. الأسلوب الذي شرع أردوغان في التعامل به مع أزمته الراهنة لم يكن موفقا حيث سارع إلى وصف ما حدث بأنها (مؤامرة أجنبية غامضة) وهي العبارة السحرية لكل الحكام الطغاة في المنطقة عندما تحاصرهم شعوبهم بالمطالب أو الاحتجاجات على أسلوبهم في الحكم، أما كان الأجدى لأردوغان أن يقول لتكن ساحات القضاء هي الحكم في هذه الاتهامات بدلا من تصوير الأمر وكأنه مؤامرة أجنبية وكمان غامضة، والمفارقة أن أردوغان الذي ظل يعارض الرئيس السوري بشار الأسد في تعامله مع شعبه يردد ذات اللحن النشاز الذي ردده من قبل مبارك وبن علي والقذافي وما انفك الأسد يردده. الفارق في الأزمة التركية الراهنة أن أردوغان تعاطى معها بانفعال كبير بينما الرئيس عبدالله غول المتواجد خارج تركيا في زيارة لباكستان آثر الحكمة وسعى إلى تهدئة غضب الشارع التركي بأن لا تستر على الفساد وأن المحاكم لها الحرية في التحقيق، وقال غول "تركيا لم تعد كما كانت نفذت الكثير من الإصلاحات في السياسة وأيضا في القانون وإذا كان يوجد فساد وأخطاء فلن يحدث تستر عليها". انفاعلات وتوتر أردوغان الذي فاز بثلاثة انتخابات متتالية في تركيا لم تكن قاصرة على تصريحاته غير الموقفة بشأن أزمة الفساد بل أقدم أردوغان على خطوة فسرتها المعارضة تستر على المفسدين من الوزراء والمسؤولين الكبار عندما قام بإقالة أو نقل حوالي سبعين ضابط شرطة بينهم قائد شرطة اسطنبول، ومنع الصحفيين من دخول مباني الشرطة العالم الآن : صحيفة اليوم التالي