يبدو أن موجة التفجيرات والاغتيالات في لبنان لن تنحسر طالما الأزمة السورية ترواح عنفها وتعقيداتها وبالتالي لبنان أقرب ضحاياها فأمس الجمعة شهدت بيروت اغتيال وزير المال والاقتصاد السابق ومستشار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في طريقه إلى بيت الوسط، لحضور اجتماع يضم أركانًا في قوى 14 آذار. لكنه لم يصل. فعلى بعد أمتار قليلة من بيت الوسط، قتل شطح بانفجار سيارة مفخخة. واغتيال شطح في نظر الكثير من اللبنانيين هو اغتيال لأحد أهم دعاة الاعتدال وإطفاء نار الفتنة بين السنة والشيعة. اغتيال شطح أعاد الذاكرة اللبنانية إلى اغتيال الحريري فالرجل الذي يحمل مبادئ الحريري سقط على بعد عشرة أمتار تقريبا عن مكان اغتيال الحريري، وشطح قبيل اغتياله بساعات غرد على حسابه الخاص في موقع تويتر قائلًا: "حزب الله يهول ويضغط ليصل إلى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة 15 عامًا: تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمن والسياسة الخارجية". وخشية التداعيات الإقليمية لهذا الاغتيال سارعت الجامعة العربية إلى الدعوة إلى ضبط النفس وانطلقت الدعوات إلى تيار المستقبل في لبنان وقوى 14 آذار أن لا تنجر وراء المخطط الرامي إلى المواجهة الطائفية المكشوفة بين السنة والشيعة حيث تشير أصابع الاتهام إلى أن حزب الله اللبناني الخصم السياسي لتيار المستقبل هو المتورط في هذه العملية حتى يجبر المعتدلين على التخلي عن اعتدالهم والدخول في المواجهات التي تنذر بخطر نسف الاستقرار السياسي في لبنان. تداعيات الأزمة السورية على لبنان في ظل نشاط حزب الله ستتواصل بشكل أكثر عنفا من مسلسل التفجيرات والتفجيرات المضادة الذي تعيشه العاصمة بيروت، ولا تلوح في الأفق مبادرات حاسمة لحل هذه الأزمة، أزمة سوريا وتداعياتها على الأزمة السياسية في لبنان التي باتت تتغذى من الصراعات الإقليمية والتقاطعات الدولية لبسط النفوذ والهيمنة على المنطقة الأكثر اضطرابا في العالم، ولا يمكن النظر إلى التطورات الراهنة في المشهد اللبناني بمعزل عن الدور الإيراني في ثوبه الدبلوماسي الجديد والمسار المتعرج والمتعثر للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والحالة الأمنية في قطاع غزة بجانب ما تمور به مصر من تفجيرات إرهابية وحرب باتت مكشوفة بين الحكومة المؤقتة وأنصار مرسي من جماعة الإخوان المسلمين، هذا بالإضافة إلى التطورات الراهنة في تركيا حيث قضايا الفساد التي باتت تهدد عرش حكومة أردوغان الإسلامية، لا يمكن النظر إلى الأحداث في لبنان بمعزل عن محيطها المضطرب سياسيا وأمنيا في ضوء صراع معلن ومستتر في أغلب دول المنطقة بين السنة والشيعة على المستويات كافة العالم الآن : صحيفة اليوم التالي