هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور كمال عبيد : استهداف السودان يدخل في اطار صراع الحضارات
نشر في النيلين يوم 13 - 04 - 2009

رجل هادئ.. ومرتب الذهن.. وصاحب قاموس متميز.. ومفردات رائعة لا تشبه كثيراً من العاملين في مجال الفكر والسياسة.. الدكتور كمال عبيد وزير الدولة بوزارة الإعلام يتحرك في مساحة واسعة.. استطاع ان يغطي مساحات كانت خالية.
وكمال عبيد.. رجل صاحب عقل منفتح على الآخرين.. وصاحب قلب مفتوح مثل مكتبه.. وهو رجل كالنسمة يتحدث بنبرة هادئة.. وابن بلد حقيقي.. الابتسامة لا تفارق وجهه.. وهو متدفق علماً وأدباً.
استجاب لطلب الحوار فوراً.. وقد حددت هذه الحلقات للحديث عن القضايا الراهنة والساخنة.. وعن دور الإعلام في ترسيخ الموقف المبدئي لدى أهل السودان.
الدكتور الوزير.. يتميز.. بصبر نادر وسعة صدر كذلك نادرة.. ورغم أنه يدير إعلام السودان إلا أنه لا يحب الأضواء..ويعمل في صمت مثل كل الزاهدين العالمين ببواطن الأمور وظاهرها.
---------------------------------------------------------------------------------------------------
? الإعلام العالمي ومعظم المحللين أصبحوا أدوات طيّعة تحركها الأصابع الصهيونية الأمريكية بذات الأسلوب الذي سبق غزو العراق، اتهامات كاذبة، تشويه وجه النظام، ثم استدراج مجلس الأمن والأمم المتحدة وبعض الدول ثم الانقضاض على الدولة الضحية، هل يعد هذا السيناريو للسودان؟
- إعادة هذا السيناريو تدل على غباء النخب السياسية الغربية، لأنها تظن أن استخدام نفس الوسيلة مجدداً سيحقق نفس الكسب، وبعد أن انكشف للعالم كذب المسؤولين الغربيين في إطلاق الاتهامات، وتجييش الجيوش بناءً على تلك الأكاذيب وتسييرها للإضرار بمصالح الأمم والشعوب، من الغباء الظن بأن مثل هذا السيناريو بمقدوره أن يستمر، ولن ينطلي على أحد سواء الشعوب الحرة أو حتى شعوبهم، والهبات التي حدثت داخل المجتمعات الأمريكية والغربية لرفض السياسة التي كان يقودها بلير في بريطانيا وبوش في أمريكا والتي يقودها الآن ساركوزي في فرنسا دليل على أن تلك الشعوب قد ملّت استخدام هذه الأساليب لخدمة أجندة نخب محدودة للإضرار بالسلم والأمن الدوليين، وينبغي أن تتوافر لشعوبنا وقياداتنا ثقة بأن من الممكن مقاومة تلك الأساليب، وفي أمريكا اللاتينية مثال على ذلك إذ ظلت خاضعة للضغوط الأمريكية سنوات طويلة وكتشفت في نهاية الأمر أن ذلك ليس قدراً مقدوراً، ويمكنها أن تخرج من ذلك وخرجت، لم تخرج بالأدوات القديمة في استخدام العنف للخروج على الأنظمة التابعة لأمريكا بل خرجت بالإرادة الشعبية والممارسة الديمقراطية وكل يوم تخرج دولة جديدة في أمريكا اللاتينية من تحت العباءة الأمريكية، والمستقبل الآن ليس ذاك الذي تصممه النخب الغربية لخدمة مآربها لكن المستقبل لإرادات الشعوب التي تريد لنفسها مكاناً تحت الشمس، وأعتقد أن السودان والعالم والعربي وأفريقيا يمضون في هذا الاتجاه.
? الرئيس البشير وحزبه وقفا حائط صد للأطماع الغربية في السودان..بل يواصلان تفجير طاقاته وتنميته واستغلال موارده، إذن في استراتيجية الغرب لابد من هدم هذا الحائط..إلا أن هناك ركائز لهذا الحائط بدت في رفض الأحزاب والمنظمات والكيانات الشعبية..ما هو دور وسائل الإعلام في دعم هذا الواقع الجديد؟
- حائط الصد لم يكن المؤتمر لوحده ولكن كانت القوى السياسية حائط صد لأن الحوار الذي جرى فيما بينها كشف أن الخطر لا يتهدد الرئيس البشير ولا المؤتمر الوطني وحده، والفضل الأكبر للشارع السوداني غير المسيس إذ كان موقفه أكثر وضوحاً عندما شعر بهذه المخاطر، نحتاج لمثل هذا التماسك الوطني ومزيد من الحوار ومناقشة القضايا والنظر إليها بعين ثاقبة في إطارها الوطني وليس في الأطر الحزبية الضيقة، والأداء الإعلامي جزء من هذه التركيبة، وكان التناول الإعلامي على درجة عالية من التماسك والوطنية، ونحن نعين على هذه الإستمرارية في هذا الموقف الوطني، وننصح أنفسنا والآخرين بأن نعلي من الاهتمام بالقضايا الكبرى، القضايا الصغيرة والجزئية هناك متسع لمعالجتها، لكن الزمن يضيق عندما نعالج قضايا كبرى، وينبغي أن لا نخلط بين القضايا الكبرى والدخول في معارك جانبية لمعالجة قضايا صغرى، وكتيبة الإعلام تظل جزءاً من هذا الجيش المتماسك لصد أي أعمال عدائية ضد السودان سواء كان إطارها إجتماعياً أو إقتصادياً أو قانونياً، وإذا كان للإعلام قضية في المرحلة القادمة فهو ما أشارت إليه هتافات الجماهير بأن الرد ينبغي أن يكون بمزيد من التنمية والبنيات الأساسية والانتاجية التي تساعد على تحقيق القدرة الوطنية للمواجهة وتفويت الفرصة على أي عدو يريد أن ينال من الشعب السوداني.
? لماذا لم يفتح التلفزيون والإذاعة استوديوهاتهما لمثقفي ومفكري الأحزاب المعارضة لطرح رؤاهم وتوصيل مواقفهم المعارضة للقرار والمؤيدة للسيد الرئيس؟
- إذا سألت عن تقديري، فإن الإعلام عموما والإذاعة والتلفزيون الحكوميين خاصة فإننا نجد إطلالة العناصر المصنفة معارضة أكثر من الوجوه المؤيدة، لكن الطلب في محله، إذ يجب إشراك كل السودانيين، وتصنيفنا ليس معارضة ولا حكومة ولكن الموقف الوطني الذي أصبح واضحاً جداً، وهذه دعوة لكل الآراء والأقلام والأفكار أن تشارك لأن الإخوة في الأجهزة الإعلامية يتصلون في بعض الأحيان ببعض القيادات السياسية ويحدث الإعتذار، ربما يجدون في بعض الأحيان حرجاً من إصدار موقف أو إبراز رأى يبدو وكأنه مؤيد لهذا الطرف أو ذاك أو توافق يستتبعه مساءلات من بعض الأطراف داخل القوى السياسية نفسها أو بعض القوى السياسية ذات العلاقات الخارجية، لذلك لابد من التحرر من هذه القيود، والدخول في الإلتزام الوطني لأنه- وليس الإلتزام الحزبي- هو المعيار الذي نبني عليه، وهو ما يجب أن يدفعنا للحديث لأجهزة الإعلام بما يعن لنا من آراء وأفكار لا بما يريد الآخرون سماعه منا.
? صحيح أن استهداف السودان يدخل في إطار صراع الحضارات لتوجهه الإسلامي إلا أن مصالح الدول أيضاً في ثرواته التي لم تستغل بعد فالعالم مواجه قريباً بنقص في المياه والغذاء والطاقة ومستلزمات البناء لاستمرار الحضارة الغربية، هل هذه الرؤية صحيحة بالنسبة لاستهداف السودان؟
- الرؤية الآن فيها درجة عالية من الضبابية، فلا هو صراع حضارات بأشراطه ومعاييره، ولا هو صراع مصالح بمعاييره وأشراطه، والعالم الآن اختلت فيه الموازين والمعايير، والانهيار الإقتصادي الذي يحدث الآن في العالم لا تحكمه معايير أو ضوابط ولا تستطيع أن تصنفه بالمعادلات التي كانت تقاس بها العمليات الإقتصادية، ولناحية الأداء السياسي لا تستطيع الآن أن تتوقع مواقف الأطراف المختلفة، كل الناس الآن يفاجأون بما يحدث سياسياً في العالم، لذلك تحتاج هذه الحالة لمزيد من الدراسة، والسبب أن معظم الجهات الفاعلة في التأثير على القرار السياسي والإقتصادي الدولي هي مجموعات غير مرئية لا يمكن الحديث معها مباشرة، يأتي المبعوثون والخبراء والمختصون وتتحدث معهم وتسمع منهم حديثاً وترى على الأرض عملاً مختلفاً ما يدل على أن الذين يتحدثون معك لا يملكون القرار، هنالك جهات تدير هذه الأمور في الظلام، الحديث عن المافيا في الإقتصاد، وفي السلاح، والمخدرات، هذه المافيات تؤثر الآن على السياسة، وليس الرد أن ننشيء مافيا للمقاومة أو مافيا وراء الجدر للقتال، لابد أن نبرز برأى وفكر مستنير ومؤسسات شفافة ومعلومة للجميع، والإشارات التي وردت في زيارات الرئيس في الدوحة وقبلها أنه لابد من بناء جبهة عالمية قوية، نحن نرى أن شروط هذه الجبهة هي الوضوح والتماسك وقوة الفكرة واتساق الآليات مع الأفكار، وإذا حدث ذلك فهناك تحول حقيقي سيحدث، وهناك الاستعداد تجده في الحديث عن التغيير والتطور في المؤسسات الدولية ونظم العلاقات الدولية باتجاه أكثر ديمقراطية وعدالة.
? إعلامياً يبدو أن الاتحاد الأفريقي أكثر تحركاً واهتماماً بالقضية وأن هناك بروداً وعدم وضوح رؤيا لدى الجامعة العربية..يدلل على ذلك في القمة الأخيرة أن ليبيا واليمن طرحتا مشروعين مختلفين لتغيير الجامعة العربية إيماناً بأن الجامعة أصبحت قديمة.. ما رأيك؟
- التماسك في موقف أفريقيا يعود لحساسيتها تجاه أي موضوع يمكن أن يصنف كموضوع تحرر وطني لما لاقت من ويلات الاستعمار، أما الجامعة العربية فوضعها مختلف والقضية المحورية التي شغلتها هي القضية المركزية للعالم العربي قضية فلسطين، وهي قضية واجهت عدداً من الانتكاسات السياسية والعسكرية وحتى الانسانية التي تتعلق بأوضاع الفلسطينيين الذي نزحوا بسبب الحرب، هذه الانعكاسات جعلت تعاطي الجامعة مع بعض القضايا يعاني من بعض الاشكالات، وعندما جاءت قضية السودان بهذه الدرجة من الوضوح كان الموقف العربي متماسكاً، وبالطبع فإن أي موضوع يعرض على أطراف متعددة فسينتج عنه حوار ووجهات نظر مختلفة لكن القرار الذي يخرج به الجميع هو الذي تلتزم به كافة الأطراف وذلك ما حدث في الجامعة العربية، المنظمة الأفريقية شهدت تطوراً واستطاعت أن تقضي على التفرقة العنصرية والاستعمار وتحررت من هذه القضية المركزية ومضت نحو الاتحاد، يجب أن ندرك ذلك كي لا ندخل في قياسات ومقارنات غير دقيقة أو صحيحة، وما دامت هناك قضية تحرر وطني في العالم العربي هي قضية فلسطين وأضيفت إليها قضية العراق فإن ذلك يعطي قدرة على التحرك نحو العمل العربي المشترك الذي يتجاوز مشاكل التحرر الوطني للمشروع الوطني اللاحق، هناك تطور طبيعي يجب أن يتم كي لا نقفز على المراحل، فكرة الوحدة الإقتصادية العربية كانت أسبق من نظيرتها الأوربية، لكن عندما جاءت الوحدة الأوربية كانت أشراطها قد اكتملت بالفعل، بينما لم تكتمل أشراط الوحدة العربية عندما تحدثنا عنها، ومطلوب منا الآن في الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي توفير الشروط للوصول إلى هذه النتائج، والعاطفة ليست كافية للتعامل مع مثل هذه القضايا، التي تتطلب إعمال النظر والمراجعات المستمرة وتحقيق الشروط الضرورية.
? المعركة ما زالت في بدايتها مع ما يسمي بمحكمة الجنايات الدولية، هل هناك خطة إعلامية داخلية وخارجية لمواكبة ما يستجد من أحداث ومواقف أولاً، وثانياً، هل هناك تنسيق بين الدبلوماسية والإعلام في المرحلة المقبلة؟
- حتى نتعامل مع القضية بكل تفاصيلها، نقول أنها ليست قضية دبلوماسية وإعلامية فحسب بل تدخل فيها كل الأبعاد الأخرى، الأمنية والانسانية والإجتماعية، وهنالك تنسيق بين كل هذه الأطراف وهناك خطط متفق عليها في إطار أجهزة الدولة الرسمية واللجان المخصصة لمراجعة ومتابعة هذه القضايا، ولا نستطيع أن نفصل مسار مفاوضات السلام في الدوحة عن المسار الدبلوماسي أو الأمني أو العسكري، كل هذه القضايا لابد من النظر إليها معا واستطيع أن أقول أن هناك درجة عالية من التنسيق ليس على المستوى الوطني وحده بل مع الأطراف ذات الصلة بهذه القضايا مجتمعة، في مجال الإعلام التنسيق الذي يجري الآن بين أجهزة الإعلام السودانية والعربية، والترتيب الذي يجرى الآن مع بعض أجهزة الإعلام الأفريقية الناطقة بالإنجليزية والفرنسية، كل ذلك لا يأتي في فقط في إطار العمل الإعلامي بل أيضاً في إطار العمل الدبلوماسي والثقافي والإنساني.
? المبعوث الأمريكي، في البداية قال إنه يحب السودان، وفي النهاية قال إنه يرفض طرد المنظمات، ما الذي يريده هذا المبعوث؟
- نحن ظللنا نتعامل مع السياسة الأمركية إزاء السودان منذ الاستقلال على أنها سياسة غير واضحة المعالم وتحركها أطراف خفية، وقد يسأل السائل، إن كنتم غير مطمئنين للمواقف الأمريكية لماذا تتعاملون مع الوفود الأمريكية المختلفة وتحافظون على العلاقات الدبلوماسية وترحبون بالمواقف الأمريكية التي لها علاقة بالشأن السوداني، لأننا واثقون في أنفسنا ومواقفنا وما يمكن أن نقوله للآخرين، وواثقون أننا نستطيع أن نفشل مخططات الآخرين لذلك لا نقفل باباً للحوار، ونحن لا نظن أن تسعة وتسعين بالمائة من مفاتيح حل قضايا السودان في الخارج، كل مفاتيح القضايا في يد الشعب السوداني، لذلك فشل المؤتمر الدولي الذي دعت له فرنسا عندما لم تحضر الحكومة السودانية، نحن إذن نرحب بكل المبعوثين وما يكون إيجابياً من حديثهم نقول إنه إيجابي والسلبي نقول إنه سلبي، وحتى الإدارة الأمريكية نفسها ليست كل أطرافها على قلب رجل واحد فيما يتعلق بالسودان، وتقديرنا أن الوفد الذي جاء مشكلاً من المبعوث أو البعثة الدبلوماسية الموجودة في السودان أو المنظمات الأمريكية، هذا الإختلاط بين مواقف هؤلاء ورؤاهم هو الذي يعطي هذه المواقف الأمريكية المتناقضة، وهذا ينطبق على ضعف الأداء السياسي الأمريكي تجاه القضايا المختلفة بما فيها القضية السودانية، والخطاب غير موحد، يتحدث أحد عن محبته للسودان ثم يوبخ على ذلك، ويتحدث عن استعداده لحل القضايا المختلفة ثم يتحدث عن أن قضية المنظمات يجب أن تعالج وكأن القضية خاضعة لإملاءات من هذا الطرف السياسي أو ذاك، إنه أداء سياسي لا يخلو من الإضطراب والإرتباك والضعف، ولسوء حظ العالم أن هذه الجهة المرتبكة والمضطربة هي الأقوى في العالم.
? هل تعتقد أن عودة المنظمات المطرودة ستكون أحد شروط المساومة لإلغاء القرار؟
- هذا أيضاً دليل على الإرتباك لأن القضية التي لم تكن موجودة أصلاً حين تأتي يتحول الحديث كله إليها، قضية محكمة الجنايات لم تكن قضية ذات علاقة بالشئون الإنسانية ولم تكن الأخيرة ذات علاقة بالعلاقات السودانية الأمريكية، دعنا نستدعي المواقف الأمريكية، هل تمسكت واشنطون بآرائها حول القضايا في الجنوب بعد توقيع السلام، واضح أنها تتحدث عن قضايا كالرمال المتحركة، ويوم انتقلت من ملف الجنوب إلى ملف آخر بدأت تتحدث بلغة مختلفة، نحن لا نتحدث عن الضغوط ولا نستجيب لها، نحن نتحدث عن أجندة وطنية ندرك ابعادها ومستعدون لتقديم التضحيات لإنجازها، من يريد أن يتحدث معنا فإن لدينا لغة نرد بها على مختلف الموضوعات لكن القرار الوطني حين يتعلق بطرد المنظمات المشبوهة فلا عودة فيه، سودنة العمل الإنساني في السودان وفق خطة تضطلع بها الأجهزة المختصة.
? نرجو أن تفسر لنا طبيعة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كثير من المحللين يتحدثون في هذا الأمر؟
- لا نريد أن ندخل في حديث تفصيلي عن قضايا قانونية نصوص وكذا لأن الطريقة التي تتعامل بها أجهزة المحكمة الجنائية لا علاقة لها بالقانون وبالتالي هذه المفارقة بين استخدام النصوص القانونية والأداء على الأرض يدلل على أن القضية مسيسة، نحن نركز على التعامل مع هذه القضية في طابعها السياسي استمعت لبعض القانونيين التابعين للمحكمة الجنائية وهو يشير إلى غباء الحكومة السودانية لكونها لم تتعامل مع القضية في إطار قانوني، وإذا رددنا الصفات لأصولها فإن الغباء كان سيكون إذا ما أننا تعاملنا مع المحكمة في إطارها القانوني، ولما كنا حققنا نجاحنا الحالي، نجاح لأنه فضح المحكمة وجعل طريقة التعامل معها طريقة لا تحترم المحكمة ولا موقفها أو قراراتها، الحالة سياسية ونتعامل معها بما تتطلبه السياسة، نحن أطراف في الأمم المتحدة وهي ليست حكومة للعالم، ولا الدول التي تتنفذ في أجهزتها، نحن شركاء كاملو الشراكة في المنظمة ونستوفي حقوقنا ونؤدي واجباتنا ولا نلتزم بأداء حقوق وواجبات الآخرين.
? المعارضة السودانية وقفت موقفاً إيجابياً تطالب بإجازة بعض القوانين، فيما يليكم قانون الصحافة، متى سيطرح على مائدة المجلس؟
- أولاً لابد من تصحيح الظن بأن إجازة بعض القوانين هي العصا السحرية التي ستجعل كل الأمور حسنة، ينبغي أن لا نخدع أنفسنا ونخدع مواطنينا، نعم هناك مجموعة من القوانين والنظم والإجراءات والمواقف النفسية ينبغي أن نعمل على تعديلها حتى نتجاوب مع المرحلة وقد نحتاج لتغييرها في المرحلة القادمة، قانون الصحافة والمطبوعات قانون إجرائي لتنظيم عمل الصحافة وهذا النوع من القوانين طبيعته الأصلية حماية المجتمع من المتعاملين بمهنة معينة مثل قانون المجلس الهندسي والطبي والبيطري، هي قوانين تنظيم هذه المهن وتحمي المجتمع، وتكمل عادة بمواثيق للشرف المهني تتواطأ عليه المجموعات العاملة في المجال المحدد، هذا القانون تمت إجازته الآن من قبل مجلس الوزراء وسيودع للمجلس الوطني للنظر في إجازته بصورته النهائية، وخرج من الجهاز التنفيذي مثلما خرج قبلاً من الجهاز السياسي المتمثل في اللجنة المشتركة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وهو الآن في إطار إجراءات عادية تتعلق بإجازة القوانين وهذه قضايا موضوعية إذا خرج بالإجراءات الصحيحة والقانونية من مجلس الوزراء وسيخرج كذلك من المجلس الوطني ويكون نافذاً بعد ذلك، وليس هناك فراغ الآن إذ يوجد قانون سار تنتهي فاعليته بعد إجازة القانون الجديد.
? التغيير الذي وعد به أوباما هل تعتقد أنه سيتحقق أم أن التغيير الذي يقصده هو تغيير الرئيس وبعض من كبار موظفيه؟
- الذي يستمع لخطابات الرئيس أوباما منذ الحملة الانتخابية وحتى مشاركاته الأخيرة يشعر أن هناك تغيراً في الموقف والسلوك، لكن الخوف أن يكون هذا التغير على المستوى الشخصي، ما زلت أظن أن التماسك في الإدارة الأمريكية هش لا يزال، وإذا استمعت لخطابات مندوبة أمريكا في مجلس الأمن وخطابات وزير الخارجية الأمريكية تشعر بأن هناك تناقضاً واختلافاً في اللغة وهذا يضع عبئاً كبيراً على الرئيس الأمريكي للوفاء بوعده الذي قطعه للعالم والناخب الأمريكي بأنه قادر على التغيير، ومن يعرف السياسة الأمريكية وتأثيراتها على الأشخاص يظن أن قدرة الرئيس الأمريكي ربما تكون محدودة للأسف، لذلك إذا كان الرئيس أوباما حريصاً على تطبيق برنامجه الذي لم يعد برنامجاً انتخابيا وطنياً لكنه برنامج انتخابي عالمي فعليه أن يضع يديه في أيدي الآخرين من قوى العالم الحر لمساندته في تعديل الأوضاع في أمريكا التي كانت سبباً في توتير الأوضاع في العالم، وتركيبة الرئيس اوباما متعددة الأطراف، الأفريقية والأمريكية، وصلاته بالإسلام والمسيحية ربما تكون معيناً له في تقديم هذا النموذج الذي أرى أنه سيكون عسيراً.
? هل بدأت أي اتصالات سودانية مع الإدارة الجديدة؟
- الاتصالات مستمرة، أتي المبعوث وهو قريب الصلة بأوباما، وهنالك وفد من الكونغرس سيصل، هذه الصلات لن تنقطع، ولسنا حريصين على قطعها لأن لدينا ما نقوله، والإرادة المتوافرة لنا تجعل خطابنا مع الآخر قوياً غير مرتبك وغير متردد.
? الحركة الشعبية صاحبة مواقف متقلبة، وكثير من قادتها يغردون خارج السرب خاصة دينق ألور، كيف تنظرون إلى ذلك؟
- هذا وضع طبيعي لحركة في مرحلة الانتقال من حركة خارج الحدود إلى حركة داخل الحدود بارتباطات وتأثيرات خارجية، من حركة تعتمد العمل المسلح إلى حركة تعتمد العمل السياسي، من حركة ذات مشروع لكل السودان لحركة مشروعها لا يزال قاصراً على إدارتها لرقعة من السودان، ولك أن تنظر إلى عبقرية الأماكن التي تقول فيها الحركة مواقفها,
? القافلة التي قصفت من قبل الطائرات الإسرائيلية وأحياناً يقال الأمريكية ما حقيقة هذه القافلة، هل هو تهريب عادي أم سلاح كما يقولون، ولماذا صمت السودان عليها؟
- المعلومات المتوافرة والتي ظهرت من الأجهزة الحكومية وبثتها أجهزة الإعلام أنها حدثت في منطقة بعيدة عن المناطق الحضرية، في قافلة متحركة، وكان قصف لمجموعة من السيارات التي كانت تنقل بعض البضائع بطريقة غير مشروعة، قطعاً المعلومات كانت متوافرة لدى الأجهوة الحكومية لكن تقديرها لأن تتعامل مع هذا الحدث إعلامياً أو لا تتعامل معه يخضع لتقديرات، ولخطتنا للتعامل الإعلامي مع بعض القضايا ونحن نعلم أن بعض القضايا يفسد بعضها بعضاً، ولو اقحمت في قضية لم ترتب لها مسبقاً واقحمت فيها فربما أفقدتك قضية أخرى رتبت لها، هذه ينبغي أن تفهم في هذا الإطار، فوق هذا مثل هذا النوع من الإعتداءات لا يمكن أن يمر دون يرصد وأن يكون هناك رد في يوم من الأيام على هذه الإعتداءات.
? قيل أنها كانت تهرب أسلحة إيرانية؟
- هذه محاولة تشويش، وربط قضايا مختلفة مع بعضها، والسودان حظي بتعاطف واسع جداً، وكان موقفه متماسكاً فيما يتعلق بالاعتداءات على غزة، وهناك محاولة للتشويش على مجمل موقف السودان، وجر السودان لمعركة ليست لمصلحة قضاياه التي ينشغل بها الآن، السودان فيه دولة مدركة لمسئولياتها، وتعرف مع من تتعامل، ومتى، ولماذا.
? أخيراً هل أنت راض عن الإعلام السوداني عامة أم أن هناك سلبيات يجب تفاديها في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد؟
- الرضا التام مرحلة يصعب الوصول إليها، لكن يقيناً أن الإعلام السوداني يكتسب خبرة جديدة كل يوم ونجاحاً جديداً، ومستوى اداء أفضل، شعور مشترك بالرضا بين مكونات المعادلة السودانية سواء كان المواطن العادي أو المسيس، أو قوى حكومية أو قوى معارضة، ومستوى الرضا العام الآن أفضل مما كان عليه في السابق ومطلوب منا عمل أكثر حتى ترتفع درجة الرضا وتستقيم آليات الشراكة بين مكونات العملية الإعلامية.
? هل سيواصل الرئيس رحلاته الخارجية؟
- الرئيس سيواصل برنامجه العادي كيفما اقتضى الحال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.