لم أجد أنسب من هذا الاسم المجرد ليكون عنواناً لحديث اليوم.. فحين يحمل هذا المشروع الإنساني النبيل تلك العبارة عنواناً له لتعرب ببساطة عن مضامينه وأبعاده لا تكون هناك حاجة للتلاعب بالكلمات. و(الأيادي البيضاء) التي تمتد بغير سوء.. هو المشروع الكبير الذي بادرت به إدارة التأمين الصحي بولاية الخرطوم.. أملاً في تفعيل معاني التكافل والتضامن من أجل بسط العافية على الجميع لاسيما أولئك القابضين على جمر التعفف، الرازحين تحت وطأة الحاجة والمرض. ويهدف التأمين الصحي الولائي من تلك المبادرة للاستعانة بالخيرين من أبناء السودان في تقديم خدماته بالصورة الأمثل، فالشاهد أن مظلة التأمين الصحي حتى الآن تضم نحو 300000 أسرة فقيرة سواءً عن طريق الدعم الحكومي الولائي أو كفالة ديوان الزكاة، غير أن الإحصاءات المتوفرة لديهم تشير لوجود نحو 100000 أسرة لاتزال في أمس الحاجة لخدمات التأمين ولا تجد السبيل لذلك، لأن الأمر قد تجاوز الطاقات المرصودة والإمكانيات المتاحة باعتراف المعنيين. فكان لزاماً عليهم أن يفكروا في طريقة ما تيسر لهم كفالة تلك الأسر، ولم يكن هناك أفضل من الاستعانة بالأيادي البيضاء الخيرة لتشاركهم الجهد وتنال الثواب. الآن.. انطلق نداء الأيادي البيضاء من التأمين الصحي ولاية الخرطوم لكل المقتدرين والراغبين في كفالة أسرة فقيرة وتوفير العلاج والتشخيص والدواء لها بواقع 40 جنيهاً للأسرة شهرياً.. أي نحو 480 جنيهاً للكفالة السنوية!! ويا له من مبلغ زهيد أمام الثواب الكبير والإحساس الجميل الذي يغمرك حين تعلم أنك أعنت أحدهم على قهر المرض والعودة لمزاولة عمله ورعاية أسرته أو العودة إلى مقاعد الدراسة. علماً بأن المستهدفين من هذه الحملة جميعهم من الأرامل والأيتام والمطلقات والمهجورات والعجزة وطلاب الخلاوى وفقراء الجامعات وحتى الأسر البديلة التي ارتضت أن تقوم بتربية أطفال المايقوما، وتستحق أن نعينها على هذا العمل الكبير. بدأ مشروع الأيادي البيضاء في العام 2011.. ويحكي القائمون عليه أنه قد أتى أكله نسبياً ولكن ليس كما يتمنون ولا يتوافق مع المسؤوليات المنوطة به.. ويسجلون صوت شكر للسودانيين العاملين بالخارج على تجاوبهم النبيل وحكاياتهم المفرحة إستجابةً للإعلانات التلفزيونية المتفرقة التي تبث أحياناً على المشروع.. ولكنهم يعولون على أبناء الداخل.. ويعقدون الآمال علينا جميعاً.. حتى ولو لم تسمح قدراتنا إلا بكفالة شهر واحد بواقع 40 جنيهاً لا أحسبها عصية على الموظفين والمعلمين والأطباء والمهندسين والصحفيين وغيرهم من الشرائح المتوسطة مستورة الحال. فما بالك برجال المال والأعمال والميسورين؟ أحسب أننا جميعاً في حاجة لتفعيل قيم التعاون والتكافل والتراحم.. ولابد لنا من أن نعين بعضنا البعض على مصاعب الحياة ونكباتها.. الإنسانية لا تحتاج لدعم حكومي مهدد بالرفع.. ولا يجب أن ننتظر الميزانيات السنوية لترصد لنا معاني الإحسان والصدقة والبر.. هو أمر من صميم ديننا الحنيف وفطرتنا البشرية، ومهما كانت التساؤلات المشروعة التي تجول بخواطرنا تجاه التأمين الصحي فإننا لانستطيع أن ننكر فضله.. ولنعلم أنه كشأن كافة تفاصيل حياواتنا مرهون لارتفاع الدولار وسياسات الدولة.. كما أن المتأمل يجد أن التناسب غير متكافئ بين نسبة الاستقطاع والفجوة الكبيرة في أسعار الدواء والخدمة العلاجية رغم الاتفاقات المبرمة مع الأطباء والامدادات الطبية والدواء الدائر. إن القضية أكبر من تذمرنا وحنقنا.. وتستحق أن نفتح جميع الملفات لنعي ونفهم.. ولكن قبل كل ذلك لا يجب أن نتردد في التفاعل مع الأيادي البيضاء من أجل الفقراء والمعاقين وإخوتنا في الدين والإنسانية.. علماً بأنه يتم التأكد بشتى السبل من حاجة المستفيد الحقيقية حتى لا يستغل ضعاف النفوس السانحة.. وبهذا يمكنك بكل اطمئنان ورضا أن تمد يدك البيضاء وتحصد الثواب العظيم. تلويح: 0126000394 اتصل.. (أكفل أسرة.. تمسح دمعة) إندياح - صحيفة اليوم التالي