*جملة قصيرة وردت في مداخلة للسيد كرم الله عباس، رئيس اتحاد مزارعي القضارف، قد أثارت اهتمامي وقلقي في وقت واحد. والحديث هنا عن مستقبل الزراعة في السودان. *كنا يومها نتجول في منطقة (العزازي صقوره) بولاية القضارف ضمن كوكبة من شركاء العملية الزراعية، وزارة الزراعة الولائية والبنك الزراعي واتحاد المزارعين فضلاً عن مجموعة (الرواد الزراعية). *لفت نظري يومئذ أن كل الحلول والمعالجات المطروحة موغلة في المحلية، فتساءلت عن آفاق استقدام بعض رؤوس الأموال العربية لرفع كفاءة التمويل، ومن ثم رفع طاقة وكفاءة المكننة والحزم التقنية. *وكان بين الوفد أحد الإخوان السعوديين الذي بدأ أنه يبحث عن أرض زراعية ليستثمرها في القضارف، ولاية الثمانية ملايين فدان، فكانت مداخلة (ابن عمنا) كما يحلو له، الأخ كرم الله عباس والي الولاية السابق في شكل سؤال موجه للأخ المستثمر، هل وجدت أرضاً للاستثمار؟ ويجيب الأخ كرم الله نفسه لن يجد حواشة واحدة إلا أن يشتري! تصوروا أن القضارف ربما رحبت تضن وتضيق بمستثمر واحد! *وأنا أخدم فكرة المقال هذه، وأمامي على شاشة قناة الشرق جولات صلح تنفض وتنعقد بمحلية المتمة، وذلك في القضية التي حمل لواءها صديقنا وزميلنا الأخ الأستاذ حسن حميدة بين المستثمرين والحكومة ومستثمريها وبين (أهل الحق) هو نسخة بالكربون مما يحدث في كل المحليات التي تجرأت حكومات ولاياتها لاستقدام بعض المستثمرين، فالمتمة ليست يتيمة في هذه القضية التي عمت كل الأمصار السودانية. *في ذات النشرة الشروقية شمس الزراعية تغيب رغم أنف شعار القناة، في ذات النشرة الاقتصادية يطل علينا عبر الشاشة ابن المتمة هو الآخر الأخ الأستاذ محمد الحبيب، لكن هذه المرة الحديث ليس عن أهل حق المتمة، وإنما عن (أزمة خبز) طارئة قد ضربت مدينة عطبرة عاصمة الحديد والنار والثورة (واعملوا حسابكم)! *ويبشرنا الأخ الحبيب رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الولاية، بأن الأزمة في طريقها إلى الحل، على أن الاعتمادات المالية قد مهرت لمطاحن غلال عطبرة لتسحب حصتها من صوامع ميناء بورتسودان. *غير أن الأخ الحبيب يأبى إلا أن يسجل رؤيتهه المصورة بالألوان، على أن الحل الأمثل يكمن في تأمين (المخزون الإستراتيجي) لولايته، والحديث هنا بالضرورة عن سحب الولاية لحصة استراتيجية كافية من القمح المستورد، إذ لم يتطرق رجل اللجنة الاقتصادية عن توسعة في الإنتاج، وإنما تحدث عن توسعة في المواعين الإستراتيجية. *وهنا يكمن الخلل، مرة بأن ملايين الأفدنة الزراعية لا تمتلكها الحكومة لتبذها للمستثمرين على أن المواطن الذي يمتلك الأرض لا يرغب في استثمارها وليست له قدرة على زراعتها في المقابل! *كما أن إرادة حكومات الولاية أوهن من أن تجد معادلة منصفة لهذه الأزمة التي تهزم معظم تطلعاتنا في بناء دولة العدل والكفاية والرفاهية. *هل يجرؤ السيد محمد الحبيب رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس ولاية نهر النيل أن يحدثنا عن المساحة المزروعة قمحاً في هذا الموسم من جملة كل الأرض البور البلقع.. وكيف ولماذا! *مخرج أخير.. يلتئم في الخرطوم الآن منشط زراعي عربي هائل (طيب افرض) أن الإخوة العرب وافقوا على الاستثمار في السودان.. حاتلقوا ليهم أرض وين؟ *كيف الخروج من مأزق (ضيق الأرض على سعتها)؟ نحتاج لبعض عبقرية وذكاء لنجتاز هذا المأزق ملاذات آمنه - صحيفة اليوم التالي