يحكى أن الروائي العراقي أحمد سعداوي، يستعير في روايته الجديدة (فرانكشتاين في بغداد) الثيمة الأساسية لرواية (فرانكشتاين) للروائية البريطانية ماري شيلي؛ وهي الرعب، إلا أن أحمد سعداوي يوسع في روايته هذه من مساحاته لتخرج من الإطار الضيق – الفردي في قصة شيلي، إلى أن يشمل وطنا ومجتمعا بأكمله ظل يعيش في الرعب طوال أربعة عقود، تبدأ بويلات الحرب العراقية الإيرانية، وتمر بحروب الأمريكيين، ولا تنتهي بحروب (داعش والمليشيات الأخرى) المشتعلة الآن؛ وتقدم بانوراما (فظيعة) لحالة التقتيل والترويع اليومي التي بات ينام ويستيقظ عليها المواطن العراقي في كل شبر من هذه البلاد الموبوءة بالحروب والصراعات الطائفية ومأزق التجاذبات الدولية. قال الراوي: الرواية التي تتخذ من حوادث التفجير المتكررة في العام 2005 أرضية يتحرك منها الراوي الأساسي، بائع الخردوات (العتاك)؛ تقدم (الموت) وهو كائن حيوي نشط يتحرك بين الناس لاقتناص أرواحهم في كل لحظة وتحت أي ظروف وعند كل المناسبات، كما يتبدى كئيبا وشبحيا في أحاديث العجائز، وفي البيوت المفرغة من أهلها، وفي أوراق الصحفيين التي باتت تستند عليه في أخبارها وكتاباتها وموضوعاتها وحتى بناء علاقاتها المريبة والغريبة مع السلطات التي بلا شك تتحالف معه؛ أي الموت. قال الراوي: في هذه الرواية ومثلما تم تصنيع الوحش (فرانكشتاين) في رواية الإنجليزية شيلي ليعود وينتقم من صانعه ويمارس الفظائع؛ يتم هنا أيضا إيجاد شخصية (فرانكشتاينية) مرعبة وقاتلة؛ لكن ليس بالتصنيع وإنما عن طريق تجميع أعضاء الجثث التي تقتل بفعل التفجيرات المتكررة، وهي العملية التي أنجزها الراوي الأساسي (العتاك) لأسباب عبثية لم تكن قط جدية من جانبه، حيث (يُلقط) من مواقع التفجيرات يد من هنا، وساق من هناك، وعين وقدم من مكان آخر، ثم عن طريق (الخياطة) والتلتيق أنشأ جثته الخاصة! قال الراوي: المفاجأة التي تقدمها الرواية ل(العتاك) أن الجثة وبعد أن تكتمل بتركيبه لآخر عين، تحل فيها روح قتيل شاب تعرض لتفجير شهده (العتاك) نفسه وكاد أن يودي به، فروح هذا الشاب ظلت تائهة لفترة من الوقت بحثا عن جسده الذي تشظى إلى أن قادتها الصدف للاقتراب من هذه الجثة (المجمعة)، وأن تلامسها ثم تحل فيها؛ لتتراكب حياة غريبة مشكلة من الاثنين، تقودهما إلى عجوز فقدت ابنها في الحرب، وظلت تحلم وتهلوس بعودته؛ فتتوهم أن الجثة – الحية المتنافرة ذات الروح الغريبة - هي الابن العائد فتحتفي بها وتوفر لها المسكن والمأوى. ختم الراوي؛ قال: رواية (فرانكشتاين في بغداد) واحدة من الأعمال الروائية الملحمية العظيمة التي أخرجتها الكتابة الروائية العربية أخيرا، يصعب تلخيصها في هذه المساحة، لكن هذا العرض الموجز دعوة لقراءة هذا العمل، وهو يشرِّح (عبثية) الواقع العراقي الذي يشابه واقع بلدان أخرى – في المحيط – كثيرة! استدرك الراوي؛ قال: بالطبع بعد أن تدب فيها الحياة، تسعى الجثة لتنفيذ عمليات قتل انتقامية، وتوفر أجواء من الرعب تضاف لما هو موجود أصلا في بغداد - فرانكشتاين. أساطير صغيرة - صحيفة اليوم التالي