احتفل الرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي أمس الجمعة ببلوغه سن التسعين، دون أن تنال كل هذه السنون من عزمه على التشبث بالسلطة حيث ظل الرئيس الأول والوحيد لبلاده منذ استقلالها في العام 1980، وفي أغسطس الماضي أدى اليمين الدستورية لولاية رئاسية سابعة ولكنها الأخيرة بعد أن حصل على 6۱% من الأصوات في مقابل ۳4% لمنافسه مورغان تشانغيراي الذي ظل ينازل موغابي في آخر ثلاث معارك انتخابية رئاسية وخسرها جميعا وشكك في نزاهتها جميعا. يمكن للكثير من الزيمبابويين أن يقولوا لرئيسهم موغابي: (عيد ميلاد سعيدا وعمرا مديدا) ولكنهم على الأقل الغالبية منهم لا ترغب في تمديد سنوات حكمه، ففي التسعين من عمره قضى أكثر من ثلاثين عاما في السلطة ليصبح عميد الرؤساء الأفارقة بدون منازع.. ولا تزال مشاعر الزيمبابويين مختلطة تجاه الاحتفال بعيد ميلاده.. حتى قبل عشرة أو خمسة عشر عاما، كان موغابي أنشودة النضال في شفاة الزيمبابويين لدوره في إرساء المصالحة مع القادة البيض في دولة التمييز العنصري ردويسيا التي أصبحت زيمبابوي حاليا عندما خصص مقاعد في البرلمان للبيض واكتسب شعبية كاسحة من خلال الاهتمام ببرامج التعليم والصحة، ولكنه سرعان ما انقلب على الأقلية البيضاء وصادر أملاك وأراضي المزارعين البيض، وناصب الغرب العداء، فكانت النتيجة أن دخلت بلاده في عزلة دولية أدت إلى انهيار الاقتصاد، وأحس بمنافسة سياسية من خصومه فضرب بيد من حديد من أجل الاستمرار في السلطة. الكثيرون يرون أن ثمة تشابها له مع ظروف الزعيم الراحل مانديلا من خلال الاشتغال المبكر بالسياسة ومناهضة التمييز العنصري والاستعمار والتعرض للاعتقال، ولكن النهايات اختلفت، فالعالم شيع مانديلا زعيما ديمقراطيا، بينما لا يرى الآن في موغابي سوى صورة الدكتاتور المتشبث بالسلطة.. وكان واضحا مع تشابه ظروف الزعيمين أنهما يختلفان في أمر السلطة فمانديلا كان زاهدا فيها بينما موغابي طامح ومتمسك بها ولديه الرغبة في القتال من أجل الاحتفاظ بها. تسعينية موغابي فتحت شهية وسائل الإعلام الدولية لاجترار سيرة الرجل التي بدأت بمناضل ثوري وانتهت إلى طاغية، وذهبت بعضها إلى أن الرجل خلال أكثر من ثلاثين عاما حكم فيها البلاد والعباد لم يترك إنجازا يذكر سوى أنه قام بتغيير اسم البلاد من (روديسيا الجنوبية) إلى (زيمبابوي)، وتغيير اسم العاصمة من (سالزبورغ) إلى (هراري).. وقبيل الاحتفال بعيد ملاده التسعين، كانت زيمبابوي فريسة شائعات مرض أو وفاة موغابي الذي اختفى عن الانظار لعدة أسابيع قبل أن يظهر للعلن في منتصف يناير الماضي في مقر الرئاسة لتلقي العزاء في وفاة شقيقته بريدجت التي توفيت في هاراري بعد أن قضت ثلاث سنوات في غيبوبة. العالم الآن - صحيفة اليوم التالي