بدأ الساحل الأفريقي كساحة مفتوحة لعدة معارك في الوقت نفسه ويتوغل حريقها إلى الصحراء والداخل الأفريقي، ما يشكل تهديدا كبيرا للأمن الإقليمي والدولي، ففي اللحظة نفسها تصاعد القتال في ليبيا وماليونيجيريا وأفريقيا الوسطى، وبات الوضع يؤرق الجميع الذين بدا عليهم الارتباك والتسرع من أجل إخماد هذا الحريق أو الحد من توسيع رقعة انتشاره، فكان مؤتمر باريس الذي دعيت له الدول الأفريقية المجاورة لنيجيريا على عجل لبحث أزمة جماعة بوكو حرام وتداعياتها على المنطقة. وخرج المؤتمرون بخطة للتحرك الإقليمي للتصدي لجماعة بوكو حرام، ولكن فرنسا التي دعت لهذه القمة قالت إنها لن تنشر قوات إضافية في أفريقيا بهدف محاربة الجماعات المتطرفة، إذ يكفي فرنسا ما تكابده قواتها المنشرة في مالي وأفريقيا الوسطى، ويبدو أن القمة الفرنسية الأفريقية ومقرراتها لم تكن رادعة بما يكفي لحركة بوكو حرام التي نفذت عمليتين عقب القمة التي انعقدت السبت الماضي في باريس، حيث شنت الجماعة سلسلة من الهجمات العنيفة على عدة قرى بولاية (بورنو) شمال شرق نيجيريا، وذلك بعد يوم واحد من اعتداء عناصرها على موقع عمل صيني في الكاميرون، مما أسفر عن مصرع جندي كاميروني واختطاف نحو عشرة عمال صينيين. في ظل تجدد اشتعال الأزمة الليبية أعلنت الجزائر حالة الاستنفار القصوى على الحدود مع ليبيا، كما أغلقت سفارتها في طرابلس، وأجلت سفيرها ودبلوماسييها منها، وإذا كانت الجزائر قد أقدمت على خطوات فعلية لحماية حدودها من السنة الحريق الليبي، فإن جميع دول الجوار الليبي تقاسم الجزائر ذات المخاوف والقلق من خطورة تداعيات تطورات الأحداث في ليبيا التي تعاني من ضعف الدولة المركزية وتآكل سيطرتها الأمنية في مقابل نشاط المليشيات والمجموعات المسلحة التي باتت تتحكم في البلاد، وهو ما يشكل تهديداً خطيراً لدول الجوار خصوصا تونس ومصر اللتين تعانيان من إمكانية تهريب السلاح والمتطرفين إليهما عبر ليبيا. وغير بعيد عن ليبيا وأفريقيا الوسطى عادت الأزمة المالية إلى الواجهة مجددا بعد هدوء مؤقت، حيث قال رئيس وزراء مالي إن بلاده في حرب مع الانفصاليين الطوارق بعد أن هاجموا بلدة في شمال البلاد كان في زيارة لها، فقتلوا جنودا وخطفوا نحو 30 موظفا حكوميا. واندلع تبادل لإطلاق النار قبل وصول رئيس الوزراء موسا مارا إلى كيدال التي يزورها للمرة الأولى منذ تعيينه الشهر الماضي بهدف إحياء العملية السلمية المتجمدة بين الحكومة والحركات الإسلامية وحركة الطوراق الانفصالية التي شنت الهجوم الأخير على كيدال التي رغم انتشار القوات الفرنسية والمالية لا تخضع بشكل كامل للسلطات المركزية المالية. العالم الآن - صحيفة اليوم التالي