تفسير مثير لمبارك الفاضل بشأن تصريحات مساعد قائد الجيش    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    عثمان ميرغني يكتب: إيقاف الحرب.. الآن..    البرهان بين الطيب صالح (ولا تصالح)..!!    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    مان سيتي يجتاز ليفربول    التحرير الشنداوي يواصل إعداده المكثف للموسم الجديد    كلهم حلا و أبولولو..!!    السودان لا يركع .. والعدالة قادمة    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عناصرها.. طلاب تركوا فصول الدراسة لمحاربة الأفكار الغربية..«بوكو حرام».. «طالبان نيجيريا»..
نشر في الراكوبة يوم 14 - 05 - 2014

صدم العالم وهو يسمع الأخبار القادمة من نيجيريا عن هجوم شنته جماعة بوكو حرام المتطرفة على مدرسة للفتيات، واختطاف أكثر من مائتي تلميذة. وتسارعت فصول القضية التي وقعت في بلدة «شيبوك» قرب عاصمة ولاية بورنو «مادوغري» في 14 أبريل (نيسان) الماضي، مع ظهور المزيد من التفاصيل المأسوية، ورغبة الجماعة في بيعهن.. ثم أخبار أخرى عن مبادلتهن مع سجناء نيجيريين.
أصيبت فتاة نيجيرية فرت من جماعة بوكو حرام بحالة من الرعب والخوف الشديدين، حين استضافتها إحدى القنوات الفضائية الغربية. قالت إنها هربت مع بعض رفيقاتها في جنح الليل، بعدما رفضت أوامر الجماعة بركوب شاحنة كبيرة. لم تكشف الفتاة عن وجهها أو هويتها أو مكانها، ورفضت مجرد الإدلاء بمعلومات قد تدفع الخاطفين لإعادة اختطافها من جديد، ورفضت حتى الإفصاح عن الأزياء التي يرتديها الخاطفون.
قالت إنها هددتهم برمي نفسها من الشاحنة حين أمروها بدخولها. وأضافت: «قلت لهم إني أفضل الموت على الذهاب معكم، ثم ركضنا بين الأدغال إلى أن تمكنا من الهرب»، وأنهت المقابلة: «أشعر بالخوف الشديد، نحن خائفون».
وذكرت صحيفة «زي نيشن» النيجيرية أول من أمس، أن «بوكو حرام» بثت شريط فيديو ظهرت فيه المختطفات محجبات وجالسات على الأرض بعد أن أعلن دخولهن الإسلام، وظهرن في الفيديو وهن يؤدين الصلاة.
قائد الجماعة، أبو بكر محمد شيكو، أعلن في تسجيل فيديو مسؤوليته عن خطف التلميذات، وهدد ببيعهن باعتبارهن سبايا أو «تزويجهن بالقوة»، وقال: «أنا الذي اختطفهن، والمزيد من الهجمات ستعقب ذلك قريبا، وسنواصل أخذ الفتيات لأنهن إماء».
ولا يعد هذا الفيديو الأول الذي يكشف عن سلسلة العمليات التي نفذتها الجماعة التي يفوق رصيدها المئات من العمليات الإرهابية وضحاياها بالآلاف. وتزامنت عملية الاختطاف مع تفجير أودى بحياة 75 شخصا قرب العاصمة أبوجا، وجهت أصابع الاتهام بتنفيذه ل«بوكو حرام»، كأول هجوم على العاصمة النيجيرية، وأعقبه هجوم مماثل بعد أسبوعين في المنطقة نفسها تقريبا، قتل فيه 19 شخصا وأصيب 34 في ضاحية «نيانيا».
النيجيريون مصدومون، رغم اعتيادهم الفظائع التي ظلت ترتكبها الحركة المتمردة طوال خمس سنوات.
* تحريم التعليم الغربي
* «بوكو حرام» جماعة نيجيرية مسلحة، وتعني بلغة الهاوسا السائدة محليا، في نيجيريا: «تحريم التعليم الغربي»، وهي مجموعة مؤلفة، خصوصا، من طلبة تركوا الدراسة واتجهوا لدراسة العلوم الشرعية في شمال البلاد. أسسها المدرس ورجل الدين محمد يوسف، في ولاية «بورنو» بشمال نيجيريا عام 2002، تحت اسم «جماعة أهل الكتاب والسنة للدعوة والجهاد». وبدأت عملياتها الفعلية ضد مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية عام 2004، عقب انتقالها إلى ولاية «يوبي» قرب الحدود مع النيجر.
تقول الحركة التي لقبت لاحقا ب«طالبان نيجيريا»، إنها تعمل على منع وتحريم التعليم الغربي والثقافة الغربية، وتعدهما «إفسادا للمعتقدات الإسلامية»، وتسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في نيجيريا.
ويعد الطلاب الرافضون للمناهج والتعليم الغربي، الزاد الفعلي للحركة، فضلا عن أعداد من الناشطين الإسلاميين غير النيجيريين، بعضهم من دولة تشاد وغيرها. ورغم تقارب نموذج «بوكو حرام» من نموذج «طالبان الأفغاني»، من حيث آليات التفكير والعمل، فإن دارسي الحركات الجهادية لم يعثروا على ما يؤكد وجود صلة بينهما.
في عهد مؤسسها محمد يوسف، كانت عملياتها تستهدف الشرطة ومراكز الأمن والمتعاونين مع السلطات المحلية، وهو الأمر الذي أدى إلى القبض على مؤسسها بعد مطاردة ومواجهات مسلحة أواخر يوليو (تموز) 2009 في شمال نيجيريا، بين عناصر الحركة وقوات الأمن أسفرت عن سقوط مئات القتلى. وقتل مؤسس «بوكو حرام» في 30 يوليو 2009 بعيد ساعات من اعتقاله واحتجازه في أحد مراكز الشرطة النيجيرية، وعد الأمر وقتها عملية «اغتيال». وعقب مقتله، أعلنت أبوجا القضاء على الحركة تماما.
يقول المدير السابق لمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم، البروفسور الأمين أبو منقة محمد، ل«الشرق الأوسط»، إن «بوكو» تعني الكتاب الذي لا علاقة له بالقرآن الكريم، ويعرف «بوكو حرام» بأنها تعني تحريم الكتاب الغربي، ومن ثم المدرسة الحديثة على النمط الغربي.
ويضيف أبو منقة، وهو مختص في اللغات الأفريقية ومن بينها لغة «الهوسا»، ودراسات غرب أفريقيا: «هناك حساسية كبيرة تجاه التعليم الغربي في منطقة شمال نيجيريا، لأن الاستعمار وضع التعليم في يد الكنيسة، وشرع في عمليات تنصير بمناطق المسلمين التي شهدت تطبيق الشريعة الإسلامية لأكثر من 100 سنة في مملكة دانفوديو الإسلامية».
ويوضح البروفسور أبو منقة، وهو من أصول نيجيرية، أن الاستعمار الإنجليزي احتل نيجيريا قبل وصول الإسلام للسواحل الجنوبية للبلاد، مما أتاح للكنيسة تثبيت أقدامها والسيطرة على التعليم، أما في الشمال فقد ترك المسلمون على حالهم تحت ذريعة عدم التدخل في شؤونهم ومساجدهم وطرق تعليمهم.
وخلق هذا الوضع عدم ثقة كبيرة بين المجموعتين، وجعل التعليم الغربي يرتبط في أذهان أهل الشمال النيجيري بأنه ضد الإسلام، ومن ثم فهو حرام، ومن هنا جاءت التسمية «بوكو حرام»، وهم يضعون «بوكو» - وتعني كتاب - أو «بايبل» مقابل «اللو»، المأخوذة من «اللوح» العربية، وهو سطح خشبي، تكتب عليه وتمحى منه الآيات القرآنية في الخلاوي والمدارس الدينية.
ويوضح أبو منقة أن تلك النظرة انتقلت مع المهاجرين إلى منطقة «مايرنو» ويقطنها سودانيون من أصول نيجيرية أو من غرب أفريقيا - 400 كيلومتر جنوب الخرطوم – مما أدى إلى إحراق المدارس فيها مرتين.
ويقول أبو منقة، وهو من «مايرنو»، إن بعض سكان مايرنو تركوها بسبب المدارس، ليس لأنها مدارس تدرس المسيحية، بل لأنهم على الدوام ظلوا يعدونها المدارس المكافئة ل«الكفر»، وأن طلابها يدرسون اللغة الإنجليزية ويصبحون كفارا.
إضافة إلى عدم الثقة بالمدارس، فإن أبو منقة يعتقد أن شيوخ الخلاوي والمدارس الدينية لعبوا دورا في ترسيخ هذه الصورة عن التعليم المدرسي، لأنه سيكون على حساب خلاويهم.
ويرجع الموقف من المدرسة إلى أن تجربة أهل غرب أفريقيا كانت سيئة مع الاستعمار، لدوره في عمليات التنصير، وإعلاء شأن الصليب ومدلولاته الكنسية، مما خلق داخلهم عقدة ضد التعليم الغربي والنظامي. وانتقلت - حسب أبو منقة – تلك العقدة حتى للذين هاجروا إلى السودان رغم اختلاف المدارس هنا، وجعلهم لا يثقون بالمدرسة، ويشنون حربا نفسية عليها، تبلغ حد وصف تلاميذها بفساد الأخلاق. ويقول: «ما يعيشه المنتمون إلى (بوكو حرام) النيجيرية الآن، عشناه نحن هنا في السودان حتى نهاية خمسينات القرن الماضي».
* علامات استفهام كبيرة
* تضع «بوكو حرام»، «علامة استفهام كبيرة» أمام مدير جهاز المخابرات السودانية السابق، الفريق الفاتح الجيلي المصباح، الذي يقول في حديثه ل«الشرق الأوسط»، إن تصرفات الحركة المتطرفة فيها الكثير من الغرابة والعنف الشديدين، مما جعلها بعيدة عن الفكر الإسلامي.
ويضيف الفريق المصباح: «هناك حركات في هذه المنطقة تبدو كأنها مصنوعة لإثارة البلبلة وخلق المشاكل في المجتمعات الكبيرة، مثل المجتمع النيجري ذي الثروات الغنية». ويبدي المصباح استغرابه لنشوء مثل هذه الحركات. يقول: «يصعب علي تفسير دوافع هذه الحركة»، وفي الوقت ذاته، ينفي وجود روابط تربط بينها وبين دول أخرى في المنطقة، لأن أهدافها بعيدة كل البعد عن الحركات العالمية الموسومة بالإرهابية المعروفة.
واتفق أبو منقة مع المصباح على وجود ما يسميه «أيديا غير إسلامية تحرك (بوكو حرام)»، بل ويعدها امتدادا لحركة مشابهة سابقة لها «ميتا سينا»، يقول: «في آخر أيامي بجامعة كانو النيجيرية 1982، نشأت حركة ميتا سيني، في مناطق مايدوغري، كانو، أداما، قرب حدود الكاميرون، نفس المنطقة التي ظهرت فيها (بوكو حرام)، وقتل زعيمها ميتا سيني الذي أخذت اسمها منه».
ولا يؤكد أبو منقة أو ينفي وجود ارتباطات للحركة بحركات متطرفة أخرى، ويقول: «لو كانت موجودة فهي غير واضحة، ف(بوكو حرام) تحولت لظاهرة، فلو كانت لها ارتباطات بحركات متطرفة في مالي أو بتنظيم القاعدة لكانت علاقات معروفة».
* زعيم منفصل عن الواقع
* تصف تقارير صحافية زعيم الحركة «أبو بكر محمد شيكو» بأنه لا يبدو في وعيه السياسي الكامل ومنفصلا عن الواقع، مستدلة بأنه هدد بقتل زعيمة حزب العمال البريطانية الراحلة مارغريت ثاتشر والبابا يوحنا بولس الثاني رغم أنهما متوفيان قبل تصريحاته، فهو يعلن على الملأ صراحة بأنه يحب أن يقتل من يأمره الله بقتله، وتنقل عنه «أحب أن أقتل من يأمرني الله بقتله، تماما كما أحب قتل الدجاج والأغنام».
ولد شيكو، حسب تلك التقارير، بين (1965 – 1969) في قرية صغيرة أهلها من الفلاحين ومربي مواشي، بولاية يوبي شمال شرقي نيجيريا قرب الحدود مع النيجر. ودرس الفقه لدى رجال دين محليين في عاصمة ولاية بورنو «مايدوغوري»، وتعرف على مؤسس «بوكو حرام» محمد يوسف خلال تلك الفترة.
وجذبت الحركة المتطرفة الشباب العاطلين عن العمل في مايدوغوري، وحملت «القيم الغربية» الوافدة مع الاستعمار البريطاني مسؤولية الفساد المتفشي والفقر المدقع في صفوف النيجيريين.
ازدادت الهجمات على المدنيين المسيحيين والمسلمين عقب وصول شيكو لرئاسة الحركة، مما أنسى الناس خطابات مؤسسها محمد يوسف المناهضة للنظام النيجيري الفاسد، وكان شيكو يصف زعيمه قبل مقتله بأنه «معتدل أكثر من اللازم».
ومنذ 2011، استهدفت «بوكو حرام» الكنائس والمساجد ورموز السلطة والمدارس والجامعات ومساكن الطلاب، وقتلت تلاميذ أثناء نومهم. وبعد أن اعتدت على مقر الأمم المتحدة في أبوجا أغسطس (آب) 2011 وقتل 23 في العملية، اختارت «بوكو حرام» تنفيذ عمليات نوعية أشاعت الخوف من ارتباطها بمجموعات جهادية عالمية. ورغم الزعم أن كوادرها تدربوا في الجزائر والصومال، فإن تلك العلاقة غير مؤكدة.
وذكرت «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير، أنه «مع تولي شيكو قيادة (بوكو حرام) أصبحت الحركة أكثر عنفا وفتكا وتدميرا، الأمر الذي دفع (جماعة أنصار الإسلامية) التي خطفت أجانب وبثت أشرطة فيديو عن إعدامهم على الإنترنت، للابتعاد عنها، وتسمية عملياتها (المجازر العشوائية والوحشية)».
* ليس تطبيقا للشريعة يقول الداعية السعودي الشيخ خالد الشايع في فيديو مبثوث على الإنترنت، إن «بوكو حرام» بدأت بتدريس العلم والقرآن، ثم استولى عليها من يريد القفز بها من الدور الأول إلى المائة. ووصف الشايع ما فعلته بالمخالف للنواميس الكونية التي أمر الله بمراعاتها، الشيء الذي جعلها تصل لنتائج خاطئة ومخالفة، وعد اختطافها الفتيات كسبايا وغنائم والتهديد ببيعهن «لا يمثل الإسلام»، وقال: «الإسلام بريء من ما أقدمت عليه (بوكو حرام) وما عدته سبيا وتطبيقا للشريعة». وأضاف: «ليس في الإسلام اختطاف وليس فيه غدر، وخيانة. الإسلام بريء من هذا، وكان النبي الكريم أشد حرصا على حماية سمعة الإسلام، حتى حين يساء إلى ذاته الشريفة كان يرفض أن يقتص له حفاظا على سمعة الإسلام، ويمنع الصحابة عنه بقوله: (كيف إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه!)»، وتساءل الشايع: «ماذا نقول عندما تنقل الوكالات الاختطاف بصفته تطبيقا للشريعة الإسلامية؟».
ويقول الداعية النيجيري داود عمران مالاسا، إن «بوكو حرام» جماعة مشبوهة، وإن أعمالها لا علاقة لها بالإسلام أو بالمسلمين، وإن مسلمي نيجيريا يدينون «الفعل الإجرامي»، ويطالبون بالإفراج عن الطالبات البريئات. وقال الشيخ مالاسا إن معلوماته تقول إن عدد الفتيات المختطفات 234 فتاة، تمكنت 30 منهن من الفرار، وبينهن مسيحيات ومسلمات.
وأضاف: «يبدو أن المجموعة الخاطفة طلبت مفاوضة الحكومة للإفراج عن عناصر (بوكو حرام) المسجونين لدى الحكومة، ودفع فدية بقيمة 50 مليون نايرا (الدولار يساوي 150 نايرا)».
واتفق مالاسا مع ما ذهب إليه أبو منقة في قوله إن «بوكو حرام» تعني «التعليم الغربي حرام»، وأوضح «البعض لا يعرف أن هذه الجماعة تضم في صفوفها مسيحيين أيضا، وهي نسخة شبيهة بجماعة (ماتا سينا) المتشددة في السبعينات، التي كانت تقتل بالطريقة نفسها»، مشيرا إلى أنها تضم متشددين من كل المشارب، ونشأت على أنقاض جماعة كانت تسمى «جماعة أهل الكتاب والسنة للدعوة والجهاد».
* تهديد أممي وخذلان نيجيري
* هدد مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات ضد حركة بوكو حرام ردا على خطف الفتيات، وفي بيان صادر الجمعة الماضي أبدى المجلس نيته متابعة وضع الفتيات المخطوفات، واتخاذ إجراءات مناسبة ضد الحركة، بصفتها مهددا للاستقرار والسلام في غرب أفريقيا ووسطها.
وطالب المجلس بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الفتيات، مبديا «قلقه العميق» من بيانات زعيم «بوكو حرام» أبو بكر شيكو التي هدد فيها ببيع الفتيات كجوار وسبابا.
من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية إن الجيش النيجيري على علم مسبق بهجوم حركة بوكو حرام وخطف الفتيات، ولم يتخذ أي إجراءات فورية للحيلولة دون حدوثه. وذكرت في بيان أنها تسلمت ما سمته «شهادات قاسية» من مصادر موثوقة، بأن القوات النيجيرية لم تتحرك رغم التحذيرات التي تلقتها بشأن الهجوم المحتمل على المدرسة الداخلية في شيبوك، وأنه لم يستطع جمع القوات الضرورية لوقف الهجوم لضعف موارده وخشيته من مواجهة مجموعات مسلحة أفضل منه تجهيزا.
ونفى الجيش النيجيري اتهامات «العفو الدولية»، وقال المتحدث باسمه في تصريحات إن ما ذكرته المنظمة لا يتعدى كونه «حزمة إشاعات»، موضحا أن القوات المتمركزة في مادوغوري لم تدر بالهجوم إلا لحظة وقوعه، وأنها وقعت في كمين نصبه «إرهابيون» على الطريق المؤدي إلى المنطقة على مبعدة 120 كلم من «مادوغوري».
* ميشيل أوباما منشطرة القلب
* وضمن الحملة العالمية للإفراج عن الفتيات المختطفات، وجهت عقيلة الرئيس الأميركي ميشيل أوباما رسالة بمناسبة عيد الأم، أبدت فيها شعورها ب«الصدمة والفزع» من اختطاف النيجيريات.
وفي خطوة نادرة، ألقت سيدة أميركا الأولى الكلمة الأسبوعية لزوجها الرئيس باراك أوباما عبر الراديو السبت، عبرت فيها عن الغضب من العملية، وقالت: «مثل الملايين في أنحاء العالم، أشعر أنا وزوجي بالغضب وانشطار القلب لخطف أكثر من 200 فتاة نيجيرية من مدرستهن في وضح النهار».
ووصفت العملية بأنها غير معقولة والجماعة التي ارتكبته إرهابية تمنع الفتيات من الحصول على تعليم. وإلى جانب السيدة أوباما، فإن اختطاف الفتيات أثار ضجة دولية سياسة كبرى، دفعت رموزا سياسية ودينية، لتدشين حملات للمطالبة بالتدخل للإفراج عن المختطفات اللاتي يواجهن خطر المعاملة باعتبارهن «سبايا».
ورغم كل اللغط والتعاطف الإنساني الذي أثاره اختطاف «بوكو حرام» الفتيات النيجيريات، فإن الجماعة ما تزال مجهولة الهوية والدوافع، ولا تعرف أي آليات لتخليصهن منها، ورغم إعلانها أخيرا عن قبول مبادلتهن بالمسجونين من أعضائها، فإن الفتيات تعرضن لأهوال يصعب نسيانها أو مواجهتها.
الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.