إستيقضت بعد رؤيتي لحلم أصابني بالكآبة.. إستعذت بالله منه ثم ما أن أصبح الصبح حتى ولجت للنت بحثا عن دلالات الأحلام، مما زودني بمعلومات ثرة منها – مثلاً – بعض قصص أحلام العظماء التي أنذرتهم بقرب النهاية أو سوء الخاتمة، ومنها ما حفظه التاريخ عن قصة النمروذ مع سيدنا إبراهيم عليه السلام، كان قوم إبراهيم عليه السلام يسكنون بلاد العراق وفارس يحكمهم ملك جبار عنيد هو النمروذ، وكان له منجمون وكهان وسحرة يتنبأون له بما يقع قبل وقوعه.. وحدث أن رأى النمروذ في منامه كأن كوكباً طلع فذهب بضوء الشمس والقمر حتى لم يبق لهما ضوء، ففزع فزعاً شديداً ودعا كهنته وسألهم عن ذلك فقالوا: رؤياك تنبئ بأنه سيولد ناحيتك هذه السنة مولود ذكر يكون هلاكك وهلاك أهل بيتك على يديه . خاف النمروذ وأمر بجمع النساء الحوامل في المدينة وإيداعهن في مكان أعد لهن، فكانت كل منهن تلد ولداً يقتل لساعته، ورغم ذلك الحصار نجا سيدنا إبراهيم وولدته أمه بعيداً عن أعين الرقباء، لتحقق رؤيا النمروذ عن نهايته على يديه. كذلك رؤيا فرعون عن ميلاد سيدنا موسى عليه السلام، فقد رأى فرعون في منامه ناراً قد أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقتها وأحرقت المصريين وتركت بني إسرائيل . وعندما سأل فرعون الكهنة والسحرة والمنجمين عن تفسير رؤياه، فقالوا: يولد في بني إسرائيل بمصر غلام يسلبك الملك، ويغلبك على سلطانك، ويخرجك وقومك من أرضك ويبدل دينك، وقد أظل زمانه الذي يولد فيه. وكعادة المتجبرين في الأرض أمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل، وأقام الحراس لتنفيذ ذلك ، ولكن إرادة الله كانت فوق تدبير فرعون، فولد موسى عليه السلام وكان سبباً في هلاك فرعون غريقاً وبذلك تحققت الرؤي. في طفولتي البعيدة حلمت حلماً ما زال منحوتاً في ذاكرتي: كنت أجلس (متفِّنَة) على الأرض جوار حائط الجيران، أتلاعب بصامولة صغيرة سداسية الشكل، أدحرجها بيد والتقطها بالأخرى في غاية المزاج والاستمتاع، عندما أطلت علي (سعاد) بنت الجيران بوجه يحمل ملامح مشاكسة ومغيظة، ودون أن أنتبه خطفت الصامولة من يدي وجرت مبتعدة، صرخت خلفها: تعالي هنا .. أخير ليك جيبي صامولتي يا بت. لم تلتفت إلى صراخي وواصلت جريها حتى اختفت وراء (اللفة) .. أجهشت باكية وأنا أناديها لتعيدها ولكن دون جدوى فقد أخذت الصامولة واختفت ببساطة .. ظللت أبكي وأبكي .. وأبكي .... فتحت عيناي لاجد نفسي نائمة بجوار شقيقتي على عنقريبنا الصغير.. إستويت جالسة وأنا أجاهد لالتقاط أنفاسي من بين شهقات البكاء .. إكتملت أركان يقظتي ب (التلفت) حولي وأدركت أنني كنت أحلم، إلا أنني لم أستطيع منع نفسي من مواصلة البكاء غيظاً وحزناً على صامولتي المخطوفة، وتمنيت بشدة أن أعود للنوم عساني أواصل الحلم وأتمكن من اللحاق ب(سعاد) واستعادة الصامولة. إستيقظ أبي على صوت بكائي وسألني: مالك بتبكي يا الملفوحة؟! رغم أنني كنت تقريباً فى الثالثة من عمري حينها، إلا أنني انتبهت بشفاتة العيال إنه ليس من المعقول أن أعزو بكائي لحكاية الصامولة، فقلت في مسكنة: ما قادرة أنوم.. عايدة دي قاعدة ترفسني ! فأجابني بحنان: طيب .. قومي تعالي نومي جنبي. إنطويت بجوار قدميه وعاودت النوم بين شهقات البكاء والشنهفة والحسرة تأكلني على الصامولة. مخرج: قد ينبري من مفسري الأحلام والمحللين النفسيين لتحليل حلمي هذا، ولكن النتيجة التي سوف يتوصلوا إليها .. قديمة .. عرفتها من بدري، حيقولوا إني (فاكة مني صامولة)! منى سلمان [email protected]