*بادئ ذي بدء وللذين يقرأون بتطرف أنا ليس لي عداء مع (جمهورية الغناء السودانية) ولا ينبغي لي، ولا قبل لي بمعركة كهذه، فعلى الأقل نحن في طريقنا إلى أن نصبح (بلد المليون مطرب) هذا غير الواعدين والموعودين والذين يتوعدونا في البرامج الإعدادية لهذا الضرب. * ولكن صراحة ضد أن تذهب فضائياتنا المحترمة في حالة غنائية كاملة، ذلك على حساب البرامج الأخرى، ولئن استقبلت من أمري ما استدبرت لقلت إن هنالك مؤامرة تحاك ضد (ضرب الغناء) نفسه، وذلك بتكراره وإخراجه عن سياقه تماماً. * فلا يعقل أن تكون فضائياتنا السودانية في لحظة واحدة تغني كلها.. وأحيانا المطرب ذاته بالأغنية ذاتها في اللحظة ذاتها يغني في أكثر من فضائية. * فقليل من الغناء قد يطرب، كما ليس بالغناء وحده يطرب الإنسان، وأتصور أن لهذه الحالة الغنائية الكاسحة علاقة (بعجز منتجي البرامج) وسدنتها وشغيلتها، فكل الذي أسند إليه فكرة برنامج حتى ولو كانت عن (الحدائق السودانية) ذهب لنصف الوقت يستعصم بأغنية ولو كانت (قبضوني ليه سجنوني ليه أنا ما فعلت شي) لأن القوم في الغالب تهزمهم أدبيات النفس الطويل والمتاجرة في خدمة الأفكار التي خرجوا لخدمتها، فتجد الواحد منهم يبتدر (بأغنية الإطلالة) ثم ينتهي (بلحن الختام) وله ما بين اللحنين هدية لضيفه وهو يقول له (تسمع شنو)، وذلك على طريقة (تشرب شنو).؟! * ولئن أردتم أن تستوثقوا من نزوعي هذا فأجروا مقارنة بسيطة مع فضائيات دولة مصر الشقيقة التي هي الأعرق في مجال الفنون، فالقنوات المصرية المائة مجتمعة لا تشكل حصيلة أغنياتها أكثر من عشرة بالمائة مما تنفقه فضائياتنا التي هي دون العشر قنوات.! * أيضاً للأزمة الفضائية السودانية علاقة (بالعجز الدرامي السوداني) فشح الإنتاج الدرامي يجعلنا نتدارى بحملة غنائية كاسحة وشرسة، والصحيح أننا نتدارى وراءها، فعلى الأقل الدراما هي ضرب أنجع للشعوب كونها تحمل مضامين علاجية لكثير من الظواهر والممارسات المجتمعية. * ومن جانب آخر، يفترض أن تكون هناك ثمة علاقة بين (أحزاننا وأفراحنا) فعلى الأقل عندنا من مستودعات الحزن والأسى ما يجعلنا نقارب بين الحالتين، وفي هذه الحالة كما لو أننا نمارس هروباً كبيراً على قاعدة (اضرب الهم بالفرح).! * غير أن هنالك مضارا مستقبلية خطيرة على المجتمع من أثر (سطوة ضرب الغناء) وتبدو مؤشرات هذه المضار في أن معظم الناشئة قد تخلت عن أشواق أود أن أصبح طبيباً أو مهندساً، تجاوزوها لأمنيات أرغب في أن أكون مطرباً، فإذا الجميع صاروا مطربين من سيملأ الفراغات الأخرى ولا نجد من نغني له.! * يفترض أن للدولة (ولاية استراتيجية) على هذه المواعين الفضائية، كأن تلزمها على الأقل ببث ساعتين قيمتين جادتين أو أن تقول (إن سقف الغناء يفترض أن لا يتعدى عشرين بالمائة من الخارطة البرامجية أو...!! ملاذات آمنه - صحيفة اليوم التالي [email protected]