نعم رغم كل الإعتراضات والأحاديث المتشائمة ... ما زلت مصرا على أن المائدة المستديرة 6 أبريل حدث كبير وأن ما قبل المائدة لكن يكون مثل ما بعدها. غير المؤشرات والأدلة المساعدة على التحليل السياسي السليم، أنا شخصيا لدي مقياس لا يخطيء وهذا بسبب مباشرة التعليق والتحليل السياسي "حسب الطلب" مع فضائيات الدنيا كلها وأعرف جيدا من نبرة الجهة المتصلة ومستوى الاتصال وطريقة إستعجال المشاركة عبر الأثير ... هل هذا الحدث يعني للدنيا كلها (وليس لمجموعات راغبة في تقليل الحدث) أنه حدث كبير أو كبير جدا ولماذا! هنالك فرق كبير بين أن تتصلك بك فضائية من ديسك الأخبار إتصالا روتينيا ناعسا وبين أن يتصل بك رئيس النشرة قبل أن يحدد أسئلته التي سيطرحها لك .... ويتضح لك أنه يعرفك بالاسم أوقد التقط مقالات لك وقرأها بعناية وتجده يجتهد في الفهم أكثر من توجيهك نحو هدف محدد..! وهنالك فرق أكبر عندما يتصل بك مدير القناة أو الأخبار أو "صاحب الملف" ويحادثك لمدة عشرين دقيقة ليفهم ويقف على حقيقة ومقدار الحدث! حسب المتابعات الإعلامية الدولية التي حدثت لي عقب للمائدة المستديرة أستطيع الجزم وبلا تردد أنها كانت حدثا كبيرا وعلامة فارقة حتى لو تعثر الحوار بعدها وتم تعليقه من طرف هذا الحزب أو ذاك..! ما طرأ من توافق بين القوى السياسية الحاكمة والمعارضة ليس ملكا باسم هذا القوى السياسية وليس مسجلا باسمها حتى تقايض به خارجيا أو تزايد به داخليا ... ما تم من توافق صار التزاما مع قواعدها بل بالأحرى صار انحيازا من القيادات والزعامات لرأي القواعد الذي تراكم قبل فترة وتشكل تماما ولم يعد بالإمكان نقضه .... لا بديل للحوار ولا بديل للوفاق الوطني ... هذه قناعة تحاصر الجميع بدون استثناء ... كل القوى السياسية الحاكمة والمعارضة لن تستطيع تسويق مبررات لنسف الحوار وسط قواعدها ناهيك عن تسويقها للرأي العام. هنالك نقد للقوى الحاكمة والمؤتمر الوطني بالذات أنه يسعى لنسف الحوار أو أنه يستغل الحوار لتحالف يميني أو في رواية جديدة يسعى لتوحيد الحركة الإسلامية وبعدها يعادي بقية الأحزاب ويقصيها من اللعبة. في تقديري أن كل هذا الحديث غير منطقي وغير قابل للتصديق ... كيف يسعى لنسف الحوار وهو من سعى إليه وكيف ينسفه ليرجح كفة القوى المسلحة ... وحتى الذين يرددون هذا يتحدثون من جهة أخرى عن خيار الحسم العسكري ورفض المؤتمر الوطني للتفاوض ... وهنا يكمن التناقض في النقد الموجه للمؤتمر الوطني إذ من الطبيعي أن من يتجه نحوالحسم العسكري ألا يفكر في إيجاد منابع جديدة للتمرد وذلك بإستيعاب القوى السياسية و بعدها بإستقطاب القوى المسلحة الراغبة وهذا ما جاء في دعوة الرئيس لزعماء الحركات بالقدوم للخرطوم. هذا هو التسلسل المنطقي الطبيعي. بالمقابل، من الطبيعي أيضا – بكل أسف – أن تسعى القوى الحاملة للسلاح لترجيح الخيارات العسكرية وتحاول جرجرة المحاورين من المائدة للمعسكرات أو المعتقلات على أقل تقدير حتى يكون المعتقلين إمتدادات طبيعية لحملة السلاح ... وكلما تآكل الحوار وانهار تزداد المبررات لحمل السلاح...! ومن الطبيعي أيضا – بكل أسف – أن تجتهد الأقلام المؤيدة لحمل السلاح في نسف الحوار ... وهذا ما نعود عليه بشيء من التفصيل غدا أو بعد غد بإذن الله نهاركم سعيد - مكي المغربي صحيفة السوداني