«1» وقبل شهور قليلة منتصف الليل يتصل بنا من يقول في الهاتف : أنا فلان اتصل بك من «ويحدد مكاناً في غرب السودان»، وأنا وخمسة معي مكلفون باغتيال فلان اليوم لا أعرف غيرك لأحادثه. ويطلب منا أن نفعل ما نستطيع لإنقاذ الضحية. ونغرم بحقيقة أن البصلة هي قشرة.. تغطي قشرة.. تغطي قشرة.. وأن الأحداث مثل ذلك. كل الفرق هو أن القشرة «جسم منتظم» بينما أحداث غرب السودان هي نوع من الغليان. وأن.... «2» القذافي الذي يولد في تشاد يظل يعتقد أن بلده هي تشاد وأنها يجب أن تضم إلى ليبيا وجزء من دارفور.. وحتى بحر العرب.. و... و... القشرة هذه تخفي تحتها تفسيراً لكل ما يفعله القذافي في دارفور. والمشروع يضعه يهودي برعاية امرأة كانت هي من يشرف على تعليم أبناء القذافي «حتى العام الأسبق كانت عربتها تجوس دارفور». وصراع بين فروع قبائل ديبي في تشاد. وصراع عنصري بين العرب والزرقة في الغرب. وصراع بين العرب والعرب.. وبين الزرقة وغيرهم. وأصابع القذافي وإسرائيل وغيرهم كلهم يدعم هذا الجانب... ويدعم الآخر في الوقت ذاته. وصراع بين التمرد والتمرد. صراع يجعل محادثات السلام نوعاً من العبث. والآن نوع من الحرب الجديدة. حرب تتسلل إلى مفاصل الدولة.. بأسلوب «داء النقرس». «3» والمؤتمر الوطني يعقد مؤتمره في الحادي والعشرين من أكتوبر. والمصادفة تختار اليوم هذا لتجعل الحادي والعشرين من أكتوبر «2014» يكرر الحادي والعشرين من أكتوبر «1964». وحقيقة العمل الأعمى الذي يجعل أكتوبر عام «1964» ثورة بلهاء تكسر عنق السودان وتجعل أكتوبر غندور عملاً هو اليوم.. أكثر بلهاً. كل ثورة تعمل دون أن تعرف حقائق الأشياء تصبح نوعاً من الجنون. «4» والأستاذ «الوجيه» أستاذ الرياضيات يضرب السبورة بحدة ليقول لنا ونحن خلف الأدراج.. نقصان عنصر واحد من المعادلة يعني أن النتيجة خطأ.. مفهوم؟! والطالب المشاكس العجب يقول : أستاذ.. في الفيزياء يقولون لنا إن هناك أصواتاً في الكون لا تسمعها آذاننا وألواناً لا تراها عيوننا.. وألف شيء آخر مثلها.. فكيف؟! قال: ألم تر أن الله أعفاك من التعامل مع هذه العناصر. ولقاء المؤتمر الوطني يكفيه أن يتعامل مع العناصر الظاهرة.. وإلا فالكارثة. المؤتمر يكفيه أن ينظر إلى حقائق بعضها الصغير هو : جهات الآن في عروق الدولة تعمل بدقة.. ومن داخل الدولة.. لهدم الدولة. وبعضها هو أن : الوطني يتراجع عن كل الشعار الإسلامي إرضاءً لجهات. ثم لا يحصل إلا على انفضاض الناس من حوله. وبعضها هو أن : الفاعل المرفوع الآن هو العدو الذي يعمل من داخل الدولة وهو الذي يطلق يده الآن. لإبعاد كل الإسلاميين. ولإبعاد كل أحد يشعر بأن شيئاً يحدث. والمؤامرة تعمل لاستغلال القضاء والتعليم والأسواق والتجارة والإعلام... و... لتجعل كل شيء يغوص ويغوص.. في حرب طويلة هامسة. «5» الحرب الآن ما يميزها عن كل حرب سابقة هو : أنها حرب هامسة.. لا يشعر الجسد بخناجرها. وأن الحرب هذه تستغل الأميين بالأسلوب الذي وصفه يوسف كوه. وتستغل أنصاف المتعلمين بأسلوب خلايا القاهرة الآن. والمتعلمين بزرعهم في خلايا الدولة. ويوسف كوة يقول قديماً للإذاعة البريطانية : الرجل عندنا إن هو حصل على كلاشنكوف اعتقد أنه أقوى من الدولة.. وأعلن الحرب عليها. الغريب أن يوسف كوه.. نصف المتعلم يستغله قرنق.. ويضع في يده سلطة صغيرة ويجعله يقاتل الدولة. و... و... «6» الركام هذا نشير إليه للوصول إلى شيء واحد هو : أن لقاء المؤتمر الوطني إن هو ذهب إلى حصر عوامل الخراب بين قوسين، أصبح هو ذاته من يصفه المحجوب بقوله «إما نبي.. وإما غبي». والوطني.. بعضهم يضع في يده بندقية ويجعله يستغني عن الله سبحانه. وهذا هو شهر أكتوبر. والشعراوي يلاحظ أن «جيش مصر دخل الحرب عام «1973» في رمضان وهو صائم.. والجنود رفضوا أن يفطروا.. دخلوها تحت شعار «الله أكبر» وانتصروا. قال.. في اليوم الثالث فقط للانتصار نفاجأ بالصحف تخرج بالحديث عن «انتصار حضاري». وبدلاً من «حرب رمضان» سموها حرب أكتوبر. واختفى كل شعار إسلامي. قال: في اليوم ذاته حدثت الثغرة التي حولت النصر إلى هزيمة. قال الشعراوي : لماذا لم يستطع «الانتصار الحضاري» منع الثغرة. وما يفعله الوطني على امتداد السنوات العشر الماضية يبدو وكأنه يبحث عن نوع من «الانتصار الحضاري». سيادة الإخوة أعضاء المؤتمر الوطني. بعد حل الحركة الإسلامية وإبعاد كل شعار إسلامي لا يبقى الآن إلا إحدى اثنتين.. : إما دخول المسجد تماماً.. أو الخروج منه تماماً. فما كان لبعض الناس أن يعمروا خلايا المؤتمر الوطني شاهدين على أنفسهم بالكفر. وصحف أمس تحمل نبأ عن أن «الحركة الإسلامية تشدد على تطبيق الشريعة وإنقاذ الإصلاح». الآن؟! «7» إعادة تعريف مسألة دارفور الآن بعيدة عن «المكمدات».. إذن. وإعادة تعريف «العدو».. داخل وخارج معدة الوطن.. إذن. وإعادة تعريف وترتيب أهمية كل شيء بناءً على «أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف». وإعادة تعريف المساحة بين «ما نريد» وما نستطيع.. نحن وكل أحد. هي الحقائق التي تقود إلى المعادلة.. صحيحها.. أو خطأها. ثم؟! ثم حقيقة أن الخلاف بين قادة الوطني يصبح شيئاً مثل حمل المرأة. شيئاً يجلب الدوار والقئ.. ثم ما تراه العيون.. ثم شيئاً له سيقان يجري بها في الطرقات.. نريد حزباً سليماً. قبل أن يروح علينا الدرب. آخر الليل - اسحق احمد فضل الله صحيفة الانتباهة [email protected]