من العجيب والغريب أن تغمرنا السعادة لحظة وداع واستقبال سنة جديدة.. كلنا بهجة.. فلا حزن أسود أو أبيض يجتاحنا.. الكل يقول (أهلاً وسهلاً بالسنة الجديدة) إحساس عام بأن تلك سنة ولت وأتت أُخرى جديدة.. سوف يتجدد كل شيء بدخولها بوابة أعمارنا.. وها أنذا.. مع الليل أراقب ظلمته وأنا على فراشي وفي يدي وسادتي أضم قلمي وأحتضن أوراقي وحولي ألواح سوداء بعتمة الظلام.. تتبادل معي حديثا أتى لأؤلف قصة خيالية من واقع الحياة.. وسط شموع انطفأت وغدٍ أفل.. أُطيل النظر إلى الليل.. سكونه الخفي وألوانه الداكنه بدأت ترسم بكلماتي ألوان قوس قزح تزين الظلام وتبقى ساطعة وخلفها سواد ليلٍ لسنة ولتّ ورحلت بكل وحشة ظلامها.. بكامل حيرتها.. بمدى غموضها.. بأوجاع ألآمها.. بنبرات أفراحها.. بمختلف مشاكلها.. بواعد أحداثها.. وبحلول السنة الجديدة.. ها أنا أخرج للنور من جديد أُحطم ما بقي من أغلال وأهجر عالمي الموحش.. علمت نفسي مبادئ الشجاعة وزرعت فيها القوة والبسالة.. فككت قيود قلبي فلا قلق.. وغيرتُ اتجاه سير القطار ومزقت خارطة الطريق القديمة.. وألقيت بآخر الأوجاع في محرقة الأيام فما عدت ألتفت إلى الوراء لألمح ضآلة حجم ذلك الرقم وذلك العام (2013) وأتساءل بدهشة: لماذا تضاءل؟ ما عدت أحصي عدد الوجوه المشوهة ولا قصاصات الأقنعة المتساقطة أمامي.. ما عدت أقرا ما ينحتون على جدرانهم من شعارات.. فقد رحلت سنة من عمري وأُضيفت أخرى. وبرغم ذلك.. برد عم المكان وحل الصمت الداخلي وساد الظلام ومسرح الحياة ينادي: هل من مجيب وآتٍ؟ رغم الصراخ ووسط الضجة والهتاف.. حل الصمت وضاع الكلام.. وكأننا نعزي أنفسنا بسنة ماتت.. ونبشرها بأخرى سوف تولد.. الكل يحلم بروضة خضراء.. ربيع.. ورود وطيور بيضاء.. ضحكات أطفال سعداء.. عيش هنيئ ورخاء وأحلام في المُنى تتحقق وآمال تعانق مِداد السماء فتمطر أحلاما وأمنيات وردية.. أُمنيات.. بأن تنتهي الأزمة المالية.. أن نشعر بالأمان والاطمئنان.. أن نتحدث عن مشاكلنا بصوت مرتفع.. أن ننفض عنا غبار الخوف الذي يجعلنا نتلفت قبل الكلام.. أن نتنفس شيئا من الحرية وأن نخطط لحياتنا ونصنع برامج يومية وإسبوعية وشهرية ونصف سنوية وسنوية لوقتنا ولحياتنا ولعملنا ولراحتنا.. أن نعرف قيمة الوقت.. وأن نُفرض على الغير إحترام عاداتنا وتاريخنا ولغتنا.. أن نشجع العقول والأقلام المبتدئة ونستفيد منها ونسخر لها كل الإمكانيات حتى تبدع.. وأن لا يجيء اليوم الذي نكتب فيه قصائد عن البؤس والجوع والتشرد والحرمان والشقاء.. وأن نتواصل مع بعضنا ونسمع بعضنا ونكلم بعضنا ونتفاهم مع بعضنا. وإن لم نتفق ونتفاهم فلا نبادر إلى القطيعة وإطلاق أبواق الذم والنعوت البغيضة.. أن نتآزر ونتعاضد ونتلاحم وأن نمد أيدينا لبعض وأن نخاف الله في أنفسنا وفي ديننا وفي تاريخنا وجغرافيتنا وفي الأجيال القادمة.. **أهلاً وسهلا 2014** أهلا وسهلا بالسنة الجديدة.. لامرأةٍ جديدة.. تجدد كل شيء بداخلها.. لامرأة عاشت في ملعب 2013 ومارست كل التمارين القاسية.. الحزن.. الوحدة.. الخوف.. الألم والفراق.. ونجحت في تحقيق أهداف في أكثر من مرمى في وقت واحد.. فشكرا لك 2013.. لأنك شاركتني كل الخير وقاسمتني كل الوجع.. لن أنساك كغيرك من السنين.. لن أنساك راعية لي وعيناً ساهرة معي لأبقى مجدداً على قيد الحياة وقيد الأخلاق وقيد الحب وقيد القوة.. مرت سنه كالبرق، كالرعد بكل أمطارها وفيضاناتها.. كانت مجدداً أجمل فاعل خيرٍ (ليتيمة) مثلي.. أشكر سنة 2013 لأنها مولتني بالتواضع وجملتني بالصمت ورممت جسدي وأنقصت حجم الألم بداخلي.. والأجمل أنها حفظت لي وجود (أُمي) بجانبي.. وشكرا سنه 2013 لغياب التشاؤم عن حياتي وحضور أكثر التفاؤل لذاتي.. شكرا سنة 2013 كأجمل عام عرفته وأوجع سنة مرت بي.. شكرا سنة 2013 كأرحب سجن عرفته حين أصرت على عزلي وصارت الوحدة حرية والانزواء شمساً.. والانفراد بالذات أطلق بداخلي صهيلاً لملايين الأحصنة تعدو بي.. شكرا سنة 2013 بل أقبل أيدي فصولها وألثم خد ربيعها الذي وهبني عطر حب الحياة وما عليها.. أُقبل صيفاً أهداني بحراً من الضحك حتى صرت موجة تضحك على مدار السنة.. أضم خريفاً ساعدني لأنهض من شلل الروح.. وهذا الشتاء المليئ بالنيران الدافئة لعيون غيمة واحدة تُبصرني من بعيد وتقول لي: (تابعي الحياة بالحياة أنا غيمتك التى لاينضب ماؤها) **ياسنة 2013 لك أُودع **ويا سنة 2014 لك استقبل.. فأهلاً وسهلا ًبك.. في أمنياتي.. أنني سأفرش لك سجادة ملونة كي تعبري كنجمة مضيئة .. سأفرش لك بساطاً كمدرج لتهبط عليه كل عصافير الأرض وتزقزق لي.. ولك.. ولكم ولكل الذين يستقبلون سنة جديدة بأعمارٍ جديدة وبنظرات متفائلة وبقلوب ملؤها الحب وبأرواح تهفو دوماً للخير والتصالح والتعاون.. وإن شاء الله لكم كل الخير في ما مضى من سنين وفي ما هو آتٍ من أعوام.. بإذن الله تعالى.. ودمتم.. وكل عام وأنتم بخير.. . **تفاؤل ** حلت سنة جديدة.. كثرت الأحلام.. أُحبك.. أكثر مما قلت قبل قليل وأكبر مما سأكتب بعد حين . (أرشيف الكاتبة) لبنى عثمان كلمات على جدار القلب - صحيفة اليوم التالي