مرتزقة أجانب يرجح أنهم من دولة كولومبيا يقاتلون إلى جانب المليشيا المملوكة لأسرة دقلو الإرهابية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    إتحاد الكرة يحتفل بختام الموسم الرياضي بالقضارف    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلمبلي :القوات المشتركة ليست مدمجة وقد تشعل حرباً اخرى
نشر في النيلين يوم 28 - 04 - 2009

نظم مجلس الصداقة الشعبية العالمية يوم أمس الإثنين في الحادية عشر صباحاً محاضرة منبر الدبلوماسية الشهري بقاعة الصداقة تحت عنوان « اتفاقية السلام الشامل شراكة أساسية» قدمها ديريك بلمبلي رئيس مفوضية التقويم والتقدير لاتفاقية السلام الشامل. وقال الأستاذ أحمد عبد الرحمن محمد- أمين مجلس الصداقة الشعبية في تقديمه لضيف المحاضرة: (إن مهمة مجلس الصداقة الشعبية العالمية أن يعكس وجهة نظر الشعب، لذا يرى أن الاتفاقية كانت إنجازاً كبيراً وحققت بجهود كبيرة من الأطراف والمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي تجد فيه الاتفاقية الاهتمام من دوائر خارجية وكذلك من النخبة الجنوبية لكنها للأسف لم تحظَ بذات الاهتمام من النخبة الشمالية). وأضاف: (إن تنفيذ الاتفاقية مناط بالشريكين ونحن كرسنا جهدنا في المجلس لتنوير السودانيين بمضامين الاتفاقية. وديريك بلمبلي الذي سيقدم هذه المحاضرة شخص مرموق في الدبلوماسية البريطانية وهو مطلع على الأوضاع في الشرق الأوسط وله إلمام وافٍ بالأوضاع في السودان ومتابع لها). وهذا نص محاضرة السيد ديريك بلمبلي رئيس مفوضية التقويم والتقدير لاتفاقية السلام الشامل:
قد ترددت عندما طلبتم مني، السيد الرئيس، ان اخاطب المجلس، لقد شرفني ذلك بالطبع، ولكني لست سفيراً ثنائياً، فقد خدمت على هذا النحو في بلدين، المملكة العربية السعودية ومصر وانني مدرك تماما للدور الذي يمكن ان تضطلع به منظمات الصداقة فالعلاقات بين الحكومات ليست سوى جزء وليس دائما الجزء الاكثر ايجابية في العلاقات بين الدول وفي حالة بلدي، المملكة المتحدة، فإن عشرات الآلاف من السودانيين يزورون او يدرسون او يعيشون هناك واسهامهم لكلا بلدينا هائلا ومنذ تسلمي لمنصبي هنا فأنا أعلم من اتصالاتي في بريطانيا مدى المشاعر الدافئة للسودان هناك للجامعات والبرلمان على سبيل المثال.
وانا افهم السبب بعد ان عشت هنا لمدة سنة فلقد حاولت ان اتعمق بالقراءة في ماضي وحاضر العلاقات المعقدة بيننا، من العهد الثنائى مروراً بالطيب صالح وحتى الكتاب المعاصرين مثل ليلى ابوالعلا وقد تنقلت كثيرا في بلدكم واعلم ان هناك جمعية سودانية بريطانية وانا مستعد لاكون واحدا من اكثر اعضائها المتحمسين.
ولكنني لست هنا في السودان لتمثيل مصالح حكومة بلدي، او غيرها من الحكومات فقد عينت بموجب قرار رئاسي لارأس مفوضية التقويم والتقدير على اساس ان اكون مستقلاً ومحايداً ويمثل السفير البريطاني المملكة المتحدة في المفوضية والاعضاء الآخرون هم الطرفان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، علاوة على اثيوبيا وكينيا وايطاليا وهولندا والنرويج والولايات المتحدة من بين الدول الموقعة على اتفاقية نيفاشا والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة بصفة مراقبين ومفوضية التقويم والتقدير مكلفة بمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل ولها هيئة صغيرة من الموظفين الدائمين.
لقد قلت إنني ترددت اولا عندما طلب مني القاء كلمة لكنني لم اتردد لفترة طويلة فلقد وجهت لي الدعوة للحديث عن اتفاقية السلام الشامل واهتمام هذه المجموعة المتميزة بهذا الموضوع بدا لي انه قد جاء في وقت مناسب جداً.
في الوقت المناسب لان الاهتمام في الاسابيع الاخيرة كان في مكان آخر، ولا يسع المرء إلا أن يأسف للمدى الذي صرف به قرار المحكمة الجنائية، والغضب الطبيعي الذي اثاره، صرف الانتباه عن اتفاقية السلام الشامل، وقد تركت الازمة الاقتصادية العالمية وإنخفاض اسعار النفط ضغوطا على كل من تقاسم الثروة والدعم المقدم من المانحين ومن المتوقع ان تكون ايرادات الحكومة في الجنوب لهذا العام اقل ب 68% من الماضي والعنف القبلي والخسارة المتزايدة في الارواح مثل التي حدثت مؤخرا في ولاية جونقلي تلقى بمسؤولية كبيرة اخرى على كاهل الحكومة هناك وهذه في اللحظة »المواتية« ان كانت هناك واحدة للتأكيد على المصلحة المشتركة في الاستقرار ونجاح اتفاقية السلام الشامل.
وتعد اتفاقية السلام الشامل على كل حال، انجازا تاريخيا اذ انها جلبت فوائد غير عادية لشعب السودان، فهي انجاز لقادة الطرفين وبدعم من المجتمع الدولي اي الشراكة الاساسية التي هي موضوع اليوم وتواصل الشراكة على هذا المنهج هي السبيل لضمان استمرارية السلام وتحقيق اهداف الاتفاقية.
ما اود ان افعله الآن هو ان اتناول بعض القضايا الراهنة في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والتحديات المستقبلية كما اراها اعتمادا على تقييم منتصف المدة لمفوضية التقويم والتقدير الذي قدم في العام الماضي، وعلى مناقشاتنا وزياراتنا الميدانية منذ ذلك الوقت، وايضاً على انطباعاتي الشخصية، ويسعدني ان نأخذ الاسئلة بعد ذلك.
اعتقد انه يجدر تسجيل اولا الفوائد التي اتت بها اتفاقية السلام الشامل التوترات السياسية اليومية والجدل والتأخير في التنفيذ، وعدم الثقة التي هي عميقة الجذور بعد 50 عاما من الصراع واستمرار القتال في اماكن اخرى في السودان وفي دارفور على وجه الخصوص كل هذا احيانا ينسينا حجم الفوائد التي اتت بها الاتفاقية فهي قد اتاحت مجالا لنمو اقتصادي غير مسبوق هنا ومكنت اكثر من مليونين من اللاجئين والنازحين داخليا من العودة الى الجنوب واعطت الجنوبيين الحرية على ان يجربوا الحكم الذاتي الذي كانوا يطالبون به.
فكروا للحظة في سيناريو افتراضي بأنه لم يتم الوصول الى اية اتفاقيات في نيفاشا او ان الاتفاقية التي تحققت بجهد جهيد قد تهاوت لسبب ما، وتلا ذلك العودة الى الحرب وانا لا اتكهن بذلك طبعا ولا للحظة واحدة ولكني اعتقد انه يجدر بنا ان نذكر انفسنا بالتكلفة البشرية والاقتصادية الهائلة للقتال، لا لشئ الا لتركيز الاذهان على ما يجب القيام به لضمان السلام المستدام وتنفيذ اتفاقية السلام الشامل.
والوقت المتبقي للتنفيذ قصير لم يتبقىَ إلا عشرون شهراً من الفترة الانتقالية والفرصة المتلاشية تعني ان وتيرة التنفيذ يجب ان تزيد فمن الصحيح ان السنوات الاربع الماضية قد شهدت تأجيلات وانقضاء المواعيد النهائية المحددة، ومع ذلك فلقد استطعنا ان نمضي بطريقة ما ولكن كما اورده الامين العام للامم المتحدة في تقريره لمجلس الأمن قبل بضعة ايام ان القضايا الصعبة والحاسمة في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل ... لم يعد من الممكن ارجاؤها وتاريخ يناير 2011م محدد وكل الجداول الزمنية الاخرى الباقية ينبغي النظر اليها في هذا السياق.
لا اريد ان اقترح بأن لا شئ في الوقت الحاضر يمضي قُدُماً ففي الاسبوع الماضي قمت مع عدد من زملائى من مفوضية التقويم والتقدير بزيارة ولاية النيل الازرق، ولا يزال يتعين علينا الاتفاق على التقرير عن الزيارة لكنني لا اعتقد ان زملائى لا يوافقون على ان الكثير من ما سمعناه ورأيناه كان ايجابيا فبعد سنوات من الجمود يعيد الآن الجيش الشعبي لتحرير السودان انتشاره الى الجنوب من حدود 1/1/1956م ولم تكن العملية خالية تماما من الاحداث غير ان النقاش الذي دار في منطقة الكرمك التي كان يسيطر عليها الجيش الشعبي لتحرير السودان سابقا دار حول دمج الشرطة وأجهزة الأمن وبدأ كذلك في الولاية برنامج نزع السلاح والتسريح واعادة الدمج الذي اطلقته الامم المتحدة والطرفان في جوبا في فبراير بتعهدات 88 مليون دولار من جانب المجتمع الدولي وبهدف اعادة 180.000 من المقاتلين من كلا الجانبين في آخر الامر الى الحياة المدنية، ما يزيد على 2000 من الافراد الشماليين تم معالجة حالاتهم من قبل الامم المحدة حتى الآن واول 100 من الجيش الشعبي لتحرير السودان قد وصلوا الى مركز الدمج خلال زيارتنا له بالطبع نحن استمعنا ايضاً الى مشاكل لاسيما النقص في التمويل من اجل التنمية ، وقد تفاقم الامر الآن بطرد المنظمات غير الحكومية ولكن فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية السلام الشامل كان من الواضح ان الامور تمضي قُدمُاً وتحدث كل من الطرفين عن التعاون الجيد بينهما في الولاية.
على الصعيد القومي يشكل اعلان المفوضية القومية للانتخابات في الشهر الماضي جدول زمني لاجراء الانتخابات مثالا آخر على التحرك الى الامام والمفوضية الآن كما تعلمون بصدد عملية انشاء الشبكة من لجان الولايات والموظفين والمنصوص عليها في قانون الانتخابات ومفوضية التقويم والتقدير في شراكة مع برنامج الامم المتحدة الانمائى وبعثة الامم المتحدة في السودان وبدعم سخي من حكومة ايطاليا ستنظم في الشهر المقبل ورش عمل لمفوضية الانتخابات لتمكين اعضائها المعينين حديثاً والموظفين على الاستفادة من الخبراء ونظرائهم من بلدان افريقية ومناطق اخرى.
ولكن لا يمكن لهذا التقدم اخفاء الحقيقة وهي ان خطوات كبيرة لا تزال يتعين اتخاذها للتحضير للانتخابات وربطت المفوضية القومية للانتخابات الجدول الزمني الذي اعلنت عنه بنشر نتائج تعداد السكان والانتهاء من ترسيم الحدود كما تربط مفوضية التقويم والتقدير على الدوام اجراء انتخابات ناجحة بالانتهاء من مشاريع القوانين التي هي قيد المناقشة بين الطرفين.
نتائج التعداد ستكون قريبا معكم لقد كانت معلما هاما في طريق تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، وانجاز فني مهم وينبغي ان يكون مقبولا هكذا ولكن من المهم ان يبين الطرفان الآثار السياسية له ويتفقا عليها.
اما بالنسبة لترسيم الحدود فلقد اجتمعت مفوضية التقويم والتقدير مع قيادة اللجنة الفنية المختصة في 13 ابريل النقاش كان مفيدا ولكنه أثار قلقا كبيرا ويجوز ان الجدول الزمني الاصلي لعمل اللجنة كان غير واقعي ولكن تقريرها الآن فات موعده باربع سنوات، واعتقد ان لااحد يرغب في خلق حدود تشكل حاجزاً جديداً بين الشمال والجنوب لكن هناك حاجة للوضوح ليس فقط للانتخابات ولكن ايضا لقضايا مختلفة مثل اعادة الانتشار واقتسام الثروة والاستفتاء في الجنوب وحقيقة الامر هي ان اللجنة المختصة وحلانة. المنطق السليم يشير الى انه يجب تحديد الحدود على الخريطة حيثما كان ممكنا في انتظار توجيهات الرئاسة على الخلافات المعلقة وان التوجيه بدوره مطلوب على وجه السرعة وآمل واعتقد ان الطرفين يدركان ان هذا العمل الحيوي لم يعد بالامكان ان يترك عالقاً.
واما عن التشريعات التي ينبغي ان تجاز في اطار التحضير للانتخابات فهناك الآن اتصالات مكثفة بين الطرفين ونقاش عام حيوي خاصة بالنسبة لقانون الصحافة ووسائل الاعلام وانا لن اكرر ذلك هنا ولكنني اعتقد انها تستحق التأكيد بأن هناك حاجة ايضا الى التوصل الى اتفاق مبكر بشأن القانون الذي سيضع الاجراءات لاستفتاء عام 2011م، بخصوص تقرير المصير في الجنوب التقدم هنا مطلوب بين الطرفين ، وفي المفوضية القومية لمراجعة الدستور وكان من المفترض ان يتم اعتماد قانون الاستفتاء في السنة الثالثة من الفترة الانتقالية وتوضح الاشهر الثمانية التي استغرقت بعد المصادقة على قانون الانتخابات للمفوضية القومية للانتخابات اذا كان ثمة حاجة الى التوضيح، كيف انه من المهم من الناحية العملية ان يبرم في وقت مبكر قانون الاستفتاء والذي من بين اهدافه انشاء مفوضية الاستفتاء وان الاجازة العاجلة امر ضروري اذا كان الاستفتاء ان يتم اعداده على النحو السليم.
واود ان اشير كذلك الي اثنين أخريين من القضايا العالقة مطلوب العمل فيها اذا كان لاتفاقية السلام الشامل ان تمضي في مسارها اولى هذه المسائل هي ابيي. قمت بزيارة المنطقة في مارس تم تنفيذ جوانب مهمة من خارطة الطريق المتفق عليها في يونيو الماضي بما في ذلك ما يتعلق بسحب القوات ولكن عدم وجود ميزانية للادارة وعدم اعادة الاعمار اضافة الى انعدام الأمن، معناه ان عددا قليلا جدا من الاشخاص الذين نزحوا في قتال العام الماضي قد تمكنوا من العودة الى ديارهم ومداولات المحكمين في لاهاي قد طغت على هذه القضايا في الآونة الاخيرة ولكن التحكيم بحكم طبيعته، يمكن ان يسير في اى من الاتجاهين، وسيكون من المهم، مهما حدث في التحكيم ان يعمل الطرفان معا كشركاء وليس كخصوم لضمان تحسين الاوضاع على ارض الواقع وفقا لخارطة الطريق وان تحترم وبغض النظر عن نتيجة التحكيم حقوق الدينكا الانواك والمسيرية وكثيرا ما اسمع ان ابيي توصف بانها كشمير السودان هي مسألة ادت الى المواجهة بين الشعوب المعنية لمدة 60 عاما ولا يمكن ان يسمح بحدوث ذلك في هذه الحالة.
وآخر المسائل العالقة والتي اود ان الفت الانتباه اليها هي الوحدات المدمجة المشتركة التي جمع بين عناصر من القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان ويقصد بها ان تكون رمزا للشراكة واساسا للوحدة وفي ابيي والآن ايضاً في اجزاء من جنوب كردفان وفي الكرمك في منطقة النيل الازرق لديهم مسؤوليات امنية حقيقية بسبب انسحاب القوات الاخرى. ولقد زرت الوحدات المدمجة المشتركة اما لوحدي او مع الشركاء من مفوضية التقويم والتقدير في ابيي وبور والدمازين ، وجوبا وكاودا والكرمك وملكال وكانت تواجهنا نفس الشكاوي المبررة المقدمة من كل من عناصر القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان في كل هذه الاماكن فهذه قوة قوامها 33.000 من دون امدادات غذائية، ومياه ، ومرافق طبية، ونقل وتدريب لائقين، وهي وحدات مشتركة في الموقع ولكنها ليست مدمجة وساهم عدم الاهتمام بالوحدات المدمجة المشتركة في اشعال القتال داخلها مرتين في ملكال ومرة وفي ابيي مما ادى الى خسائر فادحة في الارواح كأخطر خروقات لوقف اطلاق النار منذ ان دخل حيز التنفيذ وقامت بعثة الامم المتحدة ببعض التدريب كما اعطت الجهات المانحة بعض المساعدة ولكن هذا فقط غيض من فيض ومجلس الدفاع المشترك بحاجة لمعالجة المشاكل وتعزيز الدمج بشكل عاجل.
كل هذه القضايا تم تحديدها كأولويات في تقييم منتصف المدة لمفوضية التقويم والتقدير العام الماضي، وجميعها يمكن وينبغي التعامل معها في وقت مبكر قبل نهاية العام الحالي، جميعها ستتطلب بعض الاخذ والعطاء ولكن هذه هي طبيعة الشراكة حلها من شأنه ان يمهد السبيل لاحداث التحولات المقرر وقوعها في عام 2010م و 2011م الانتخابات ، والمشورة الشعبية في النيل الازرق وجنوب كردفان والاستفتاء في ابيي والجنوب.
تلك الاحداث تتيح فرصة فريدة للسودان فرصة لاستكمال عملية التغيير التي بدأت في نيفاشا وتسوية نهائية لجميع التطلعات المتنافسة التي ادت الى الصراع مرارا وتكرارا على مدى نصف قرن ، وعكست التوصيات التي قدمتها مفوضية التقويم والتقدير في العام الماضي في تقويم منتصف المدة الاهتمام بجعل الوحدة جاذبة والتي تكمن في صميم اتفاقية السلام الشامل فستكون الانتخابات مهمة بالنسبة لهذا التطلع والاستفتاءات عموما طبيعتها غير مؤكدة واي شخص مطلع على مشاعر الرأى العام في الجنوب يعمل ان التصويت لصالح الانفصال هو احتمال وارد ولكن سيكون من الخطأ الاستنتاج بأن هذا سيبطل الحاجة الى الشراكة التي كنت اتحدث عنها.
لقد تحدثت في وقت سابق عن اهمية المضي قدما بسرعة بشأن مشروع قانون الاستفتاء ولكنه بنفس القدر من الاهمية ان يكثف في موازاة ذلك ومن دون تأخير الطرفان النقاش على النحو الموصي به في تقويم منتصف المدة على الترتيبات في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها من المجالات التي سوف تظل وتبقى مفيدة مهما تكن نتيجة الاستفتاء. ان الترابط بين الشمال والجنوب في السودان بديهي، فيما يتعلق بالموارد او الاقامة والمواطنة وحركة الناس على سبيل المثال وسوف تكون هناك حاجة لشراكة قوية ومستقرة لضمان تمديد الفوائد التي اتاحتها اتفاقية السلام الشامل الى ما بعد عام 2011م.
ان حق شعب الجنوب في تقرير المصير على النحو المنصوص عليه في الاتفاقية غير مشروط وبالطبع ينبغي ان نسعى دون كلل لجعل الوحدة جاذبة ولكن الخيار لهم وان كثيرا من البلدان بما فيها بلدي عاشت مع حالات مماثلة والمملكة المتحدة اليوم ليست المملكة المتحدة لعام 1909 او حتى عام 1999م الجزر البريطانية الآن تشمل دولتين تتمتعان بالسيادة وداخل المملكة المتحدة لدينا ثلاثة ادارات ذات سلطة مخولة دعونا نعمل من اجل الوحدة ولكن ايضاً ان نحرص على ضمان استمرار الشراكة والاعتماد المتبادل والسلام مهما حدث.
كلمة اخيرة عن الشريك الثالث المجتمع الدولي اول لقاء دولي حضرته عن اتفاقية السلام الشامل كان اجتماع اوسلو للمانحين في مايو من العام الماضي حيث تم التعهد ب 4.8 مليار دولار للسودان ويسمع المرء الكثير من الانتقادات لعائد السلام المحدود على ارض الواقع، ولكن المساعدة التي تقدمها الجهات المانحة ستكون اكثر اهمية في الفترة المقبلة نظرا للظروف الاقتصادية الضيقة ، بعثة الامم المتحدة في السودان هي بمثابة اكبر واوضح تعبير عن التزام المجتمع الدولي لاتفاقية السلام الشامل على ارض الواقع.
والمشاركة السياسية ضرورية ايضاً وقد اوضحت في وقت سابق اسفي للانقسامات والتشتت في الاسابيع الاخيرة ولكني أريدكم ان تعرفوا انه في كل مناقشات مفوضية التقويم والتقدير التي حضرتها جاءت رسالة واحدة من خلالها بصوت عال وواضح وهي رغبة والتزام كل من الحكومات والمنظمات الدولية الممثلة هناك في ان تظل في تعامل وثيق مع السودان والطرفين كشركاء في دعم تنفيذ اتفاقية السلام الشامل.
سيف الدين عبد الحميد :الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.