في اندر واغرب سابقة من نوعها عبر التاريح القريب والبعيد قام مواطن سوداني بتوثيق اللحظات التي سبقت وفاته بالصورة والقلم من خلال الوسائط الاعلامية (واتساب وفيس بوك) ومازال صدي تلك الرسائل يتردد بقوة كصدي الصوت الذي يرتد ليخرق مسامع ابناء اسرته ويصيبهم بالصمم عقب وفاته .. وكان المواطن السوداني فتح الرحمن سيد عثمان (54 عاما) يعمل كزميل مهنة بجريدة الجزيرة السعودية بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية قد عاني من اعراض الغضروف وهي عادة عملية ليست بالخطورة التي تؤدي الي الوفاة متي ما كان الطبيب حاذقا ومتمكنا من ادواته ويتحلي بالمهارة اللازمة .. وكان المرحوم قد خضع للفحوصات اللازمة باحدي اكبر المستشفيات السعودية الكبري بالعاصمة الرياض وقد اكدت الفحوصات الاصابة بالغضروف حيث طلب منه الخضوع لعملية جراحية فكانت استجابة المرحوم فورية بعد اداء ركعتين ليستخير نسبة لطبيعته المتدينة. وبعد حلول يوم العملية قام المرحوم بتوثيق غرفة العملية من خلال الوسائط الاعلامية من خلال (واتساب والفيس بوك) بالصورة والقلم حيث قام المرحوم بالتقاط صورة تذكارية مع زوجته داخل غرفة استقبال المستشفي كما حرص علي ان يلتقط صورة شخصية لنفسه وقام بتوثيق كل اللحظات التي يمر بها المريض داخل غرف العمليات من خلال تصوير نفسه قبيل لحظات تخديره وكانت اكثر اللحظات تاثيرا اجراؤه لاتصال هاتفي مع والدته بالسودان وبقية افراد اسرته بامتداد الدرجة الثالثة بالخرطوم حيث طلب المرحوم العفو من والدته وافراد اسرته وان يدعو له بالشفاء . اما نقطة التحول في هذه القصة هي تلك الرسالة المؤثرة جدا التي بعث بها المرحوم الي ذويه عبر (الفيس بوك) والتي سبقت وفاته بلحظات قليلة وتجلت فيها الجرعة الايمانية الهائلة التي يتمتع بها والتي يمكن ان نقرأها من خلال سطور رسالته المنشورة مع الخبر واليكم نص الرسالة : (شكرا لكم جميعا احبتي الغالين .. مقدر جدا مشاعركم ربنا يحفظكم. اشكر الله ..54 عاما من الحب وما شفت منكم الا الخير. اشكرك يا ربي اتمني لكم السعادة .. تحياتي ليكم كلكم. لا ادري اي ارض واي قلب واي قرار هو خير لي .. لكنني اؤمن ان الخير فيما يختاره الله لي .. سلمت لك زمام اموري يا عظيم فاكفني شر ما يكون قبل ان يكون). وعقب فراغه من كتابة هذه الرسالة النصية نطق بالشهادة وماهي الا لحظات قليلة حيث زف الاطباء الي زوجته المرابطة معه الخبر الفاجعة والاليم الذي سري وسط افراد اسرته كما النار في الهشيم. لعل الشئ الذي فاقم من احزانهم تلك الصور الباسمة التي التقطها قبل العملية وكذلك الرسالة المؤثرة التي كتبها قبل لحظات من وفاته بالرغم من حجم المواساة الهائل والكبير من زملاء مهنته الذين افردوا مساحات مقدرة في صحفهم لتعديد مآثر الفقيد. وفي المقابل تقدم افراد اسرة المرحوم ببلاغ الي السلطات الصحية بالمملكة العربية السعودية من خلال شكوي رسمية لنقابة الاطباء السعودية باعتبار ان المرحوم فقد حياته نتيجة خطأ طبي ، عطفا علي ان عملية الغضروف لا تتصف ضمن العمليات القاتلة او المميتة وقد طلبت نقابة الاطباء هناك توكيلا من زوجته لمتابعة اوراق القضية حتي موعد البت فيها. ومن جهة اخري شارك سفير بريطانيا بالخرطوم في مراسم عزاء المرحوم باعتبار ان شقيقه عبد الرحمن يعمل ضمن افراد طاقم السفارة . انا لله وانا اليه راجعون. كتب: احمد الامين بخيت- الدار السودانية