بحسب التعداد السكاني الأخير فإن الأطفال يمثلون (50 %) من السكان ما يعني ضرورة الاهتمام بهم والسعي الجاد لإيجاد حلول ومعالجات عاجلة لمشكلاتهم والتصدي لقضاياهم.. فهم مستقبل الأمة. الورشة التدريبية التي أقامتها منظمة اليونسيف ومنظمة طيبة برس كشفت عن بعض الحقائق الغائبة لدى الكثيرين.. بل نبهت للعديد من المؤشرات التي أكدت أننا أمة إعلامها بعيد عن الأطفال ومشكلاتهم، فالصحف تبخل بأقل المساحات لمناقشة القضايا التي تهم الأطفال، بينما تخصص الأوقات غير المشاهدة لبرامج الأطفال بالإذاعة والتلفزيون.. لذا يتضاءل الاهتمام المجتمعي بالأطفال وتتفاقم مشكلاتهم دون أن ينتبه لها أحد. والسودان الذي كان مهتماً بصحافة الطفل منذ مايقارب القرون الستة الماضية حيث كانت مجلة الصبيان تحقق أعلى مقروئية بين الأطفال نجده اليوم يتراجع بمتوالية هندسية ملفتة حيث تخلو الساحة الصحفية من أية إصدارة للأطفال بينما تفتقر الصحف - تماماً- للكتابات حول الأطفال. وفي ظل الانفتاح المعرفي المتنامي اتجه الأطفال نحو الأجهزة الإعلامية الأخرى كالقنوات الفضائية التي تصدِّر لهم سلوكيات لا تشبهنا. واتجه الآخرون نحو الكمبيوتر والانترنت فتغيرت اهتمامات الأطفال وانصرفوا نحو ثقافات أخرى. لذا فبالضرورة أن يتطور إعلامنا الداخلي نحو الاهتمام بصورة أكبر بقضايا الأطفال وأن تقدم بطرق جاذبة وأساليب مفيدة. وفي هذا الإطار تحدث بروفيسور علي شمو رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات الذي خاطب الورشة قائلاً إن السودان كان رائداً في مجال صحافة الطفلهم مستقبل الأمة فلابد من الاهتمام بهم وتغيير الأنماط التي تخاطبهم بحسب التطورات التكنولوجية التي حدثت. وقال (الاهتمام بالمضمون والصحافة الموجهة وخلق إعلام يهتم بالأطفال مهم جداً). وشدد على استخدام مهارات ووسائل جديدة وتقديم محتوى مغري للطفل، فالأطفال أبرع مما تقيدهم بشئ غير مفيد. المعلومات المبشرة التي أطلقها ممثل الأممالمتحدة بالسودان حول الأطفال في السودان لن تكون مبرراً لإغفال أجهزة الإعلام طرق قضايا الأطفال. إذ أنه اعترف بالتقدم الذي أحرز في السودان لما تحقق من إيجابيات حول قضايا الأطفال بعد اتفاقية السلام الشامل، حيث زاد عدد الأطفال الذين يذهبون للمدارس خاصة في الجنوب بينما دُفعت مليارات الجنيهات لحماية الأطفال بالسودان. وقال «هذا يمثل تقدماً كبيراً من أجل تطبيق ميثاق حماية الطفل في السودان) وأعطى إشارات مهمة بأن نضع الأطفال في أولويات الألفية الثالثة وأن الأمر يتصل بحماية الأطفال من كل المهددات ونبه أن يقوم بهذا الدور الإعلاميون بصفتهم حامين للأطفال. المتحدثون في الورشة أطلقوا تنبيهات بأن الإعلام قد يكون مضراً بالأطفال وليس حامياً لهم. فكثير من القضايا التي تنشر بالصحف قد تضر بالطفل وتؤثر على تكوينه وتقلل من انتمائه للمجتمع.. وقد تلاحظ في الآونة الأخيرة الاهتمام بنشر أخبار اغتصابات الأطفال ويتطور النشر بإجراء تحقيقات ونشر صور الأطفال المغتصبين وأسرهم. وتحدث في هذا الأمر فيصل محمد صالح الإعلامي المعروف بأن هذا النوع من النشر يضر بالأطفال ويعمق آثاراً سلبية في نفس الطفل تجاه المجتمع بأكمله، لذا لابد أن نكتب وننشر بوعي تام حول مشكلات الأطفال حتى لا تكون النتائج سلبية.. ونبه الى أن الإعلان نفسه قد يضر بالطفل، فقد يستخدم الطفل في إعلان سلعة تضر بصحته. وفي هذا الجانب نوه الى أهمية تطوير القوانين لتحمي الأطفال من النشر السالب تجاه الأطفال.. وأعطى بعض النماذج لمنظمات عالمية تركز عملها على حماية الأطفال باستخدام رسائل إعلامية إيجابية ترسخ داخل الطفل لاحترام الآخرين وتزيل الفوارق بسبب النوع والعرق والإثنية حتى ينشأ الطفل معافى من هذه التعقيدات المجتمعية. ونوه الى أهمية اشراك الأطفال في إعداد وبث برامج تناقش قضاياهم ونشرك الأطفال في توجيه النقد لكل أجهزة الإعلام حول ما يبث وينشر حولهم ويتاح لهم فرصة الرصد والتحليل والنقاش واتخاذ القرار في قضاياهم بدلاً من استخدامهم فقط كوسيلة لبث البرامج أو نشرها بالصحف. وأكد على أهمية تغيير الأساليب النمطية التي تعالج بها قضايا الأطفال بوسائل الإعلام ألا تركز فقط على الجوانب السالبة لهم. وطالب بإيجاد ميثاق شرف للإرتقاء بالممارسة الإعلامية تجاه الأطفال وحمايتهم من النشر الضار. والنشر الضار الذي تحدث عنه الكثيرون استصحبوا فيه المتغيرات التي حدثت للأطفال في ظل الإعلام المتنامي والمحيط الثقافي المتقدم. وأعطوا إشارات واضحة حول كيفية حماية الأطفال من الإعلام بالإعلام واختيار القوالب الصحفية الجاذبة والحيوية وإدخالها في منظومة الأخبار والأوعية الإعلامية الأخرى الجاذبة للقراء والأطفال. وتحدث د. مرتضى الغالي الإعلامي المعروف حول استخدام الإعلام لصالح الأطفال واستغلاله بصورة إيجابية في معالجة قضايا الطفل وغرس صورة طيبة تجاه المجتمع بأن نجعله عنصراً مدركاً لما يدور حوله وأسرته.. والتركيز على إبراز نجاحات الأطفال وألا تقتصر بصورة موسمية على النابغين في امتحانات الشهادة السودانية، وأن نعتمد في معلوماتنا على مراكز بحثية ومصادر حيوية حديثة.